تحتفل وزارة التراث والثقافة باليوم العالمي للتراث الذي
يصادف 18 من أبريل سنويا والذي جاء باقتراح من المجلس الدولي للمعالم والمواقع عام
1982م، ووافقت عليه الجمعية العامة لليونسكو عام 1983م، بهدف تعزيز الوعي
بأهمية التراث الثقافي للبشرية، ومضاعفة جهودها اللازمة لحماية التراث والمحافظة
عليه.
ويأتي الاحتفال هذا العام بعنوان “ثقافات مشتركة، تراث مشترك، مسؤولية مشتركة” في
وقت مهم جداً أكثر من أي وقت مضى كتعبير عن وحدتنا العالمية في مواجهة الأزمة
الصحية العالمية المستمرة، حيث أن هذا الموضوع يدعو جميع دول العالم ومواطنيها
لاستكشاف فكرة المشاركة فيما يتعلق بالثقافات والتراث والمسؤولية.
ويتضمن التراث الثقافي في السلطنة العديد من العناصر المتنوعة والغنية التي تقف
شاهدة على ما خلفه الإنسان الذي استوطن هذه الرقعة الجغرافية من العالم على مدى
آلاف السنين لإقامة مستوطنات ومجتمعات مارست العديد من الأنشطة في مجالات عدة،
وتواصلت بحيوية مع الحضارات المجاورة، وهو ما ترك لنا معالم وشواهد غنية
ومتنوعة ساهمت في إثراء ثقافة الإنسان العماني وتشكيل هويته الوطنية، كما تعد بعض
عناصر هذا التراث إرثاً للإنسانية جمعاء بعد إدراج بعض منها على قائمة التراث العالمي
في منظمة اليونسكو.
وإدراكا من وزارة التراث والثقافة بأهمية المحافظة على هذا التراث الثقافي فإنها تقوم
بالعديد من الجهود في سبيل المحافظة عليه والتعريف به وضمان استدامته، حيث أنها
اهتمت بالجانب التشريعي لبناء قاعدة متينة ترتكز عليها عملية حفظ هذا التراث وصونه
والتعريف به، حيث نجحت الوزارة في إصدار قانون التراث الثقافي الذي صدر في
المرسوم السلطاني رقم 35 /2019.
إضافة إلى ذلك، فإن الوزارة تقدم الدعم المستمر للبعثات الأثرية المختلفة التي تسهم في
إثراء القيمة العلمية، بالإضافة إلى تنفيذها العديد من مشاريع الترميم والصيانة للعديد من
المعالم الأثرية والتاريخية، وتقوم الوزارة أيضاً بالإشراف الفني وتقديم الدعم للمبادرات
الفردية لترميم مبانيهم الخاصة إدراكاً منها لأهمية دور المجتمعات المحلية في عملية
المحافظة والصون لعناصر التراث الثقافي المختلفة.
كما تتواصل الجهود الحثيثة للوزارة لإحياء المعالم التاريخية في السلطنة من خلال
توظيفها وطرحها للاستثمار للجهات الراغبة بذلك؛ إيماناً بأهمية تفعيل الشراكة بين
القطاعين العام والخاص، حيث بدأت تجربة التوظيف من خلال استثمار قلعة نزوى وسيتم
المضي قدما في استغلال وتوظيف بعض المعالم الأخرى في السلطنة.
وتعد المواقع الأثرية الثلاثة (بات والخطم والعين) نموذجا بارزاً لمستوطنات الألف
الثالث قبل الميلاد لكونها تضم أكبر تجمع للأبراج والمقابر الأثرية، ولأهميتها كتراث
إنساني يستوفي شروط ومعايير القيمة الاستثنائية فقد أدرجتها لجنة التراث العالمي التابعة
لمنظمة اليونسكو ضمن قائمة مواقع التراث الثقافي العالمي في عام1988م كموقع
متسلسل تحت مسمى “المواقع الأثرية في بات والخطم والعين”.
وتقع مواقع بات والخطم والعين الأثرية في ولاية عبري بمحافظة الظاهرة وتبعد عن
مركز الولاية حوالي 30 كيلومترا شرقاً، وتعتبر من المواقع الأثرية المهمة لوقوعها
قديماً على خط تجارة النحاس القديم، حيث كانت ترتبط بمثيلاتها من المواقع في محافظة
الداخلية ومحافظة البريمي وصولا إلى الموانئ التجارية في كلٍ من صحار بمحافظة
شمال الباطنة ورأس الجنز ورأس الحد بمحافظة جنوب الشرقية .
وتعتبر المساجد الاثرية أحد أهم المفردات في تاريخ العمارة العمانية، بالإضافة إلى كونها
جزءا لا يتجزأ من العمارة الإسلامية، ويتضح ذلك من خلال التأثر الواضح بالعمارة في
الدول الإسلامية المختلفة مع تميز المساجد العمانية ببساطة البناء وغياب المنارات
والقباب وارتفاعها عن سطح الأرض المجاورة لها، بالإضافة الى وجود الزخارف
الجصية في المحاريب والنقوش الإسلامية في الأخشاب التي تستخدم في التسقيف، ومع
جماليات هذا النوع الفريد من العمارة التاريخية يوجد دور وظيفي للمساجد لا يزال قائما
حيث تعتبر منارة علم وتعليم وأماكن عبادة وتعبد، ولها أثرها وارتباطها بكافة شؤون
العباد، ودور أساسي في حياة الإنسان الاجتماعية والسياسية .
وقد قامت الوزارة وبالتنسيق مع وزارة الأوقاف والشؤون الدينية بحصر المساجد الأثرية
في كافة محافظات السلطنة، وبلغ عدد المساجد المسجلة في الوزارة (348) مسجداً أثرياً
حتى نهاية عام 2019م والعمل جارٍ في تحديث القائمة، كما قامت الوزارة بترميم عدد
(56) مسجداً اثرياً وتوثيق ( 16 ) مسجدا أثريا مرمما.
ويعتبر موقع قميرا بولاية ضنك في محافظة الظاهرة من المواقع الأثرية المهمة والتي
تدل على تاريخ استيطاني يمتد من العصر الحجري الحديث إلى العصر الحديدي بدليل
المسوحات الأثرية التي قامت بها الوزارة بالتعاون مع جامعة وارسو البولندية والتي
تمت في ثلاث مناطق استيطان بمنطقة قميرا تمتد من العصر الحجري الحديث والعصر
البرونزي والعصر الحديدي في عين بني ساعدة وهي قميرا (1) وهو عبارة عن مقبرة
جماعية ترجع لفترة الألف الثالث قبل الميلاد، وموقع قميرا (2) وهو مستوطنة ترجع
لفترة العصر الحجري الحديث، وموقع قميرا (3) وهو عبارة عن مستوطنة يمتد تاريخها
من العصر البرونزي الى العصر الحديدي كما تم إجراء مسوحات أثرية في موقعي
قميرا (20 و21) تمثلت في جمع عينات من السطح والتي تدل على أن الموقعين يعودان
الى العصر الحديدي الثاني.
وتعود أهمية هذين الموقعين بسبب انتشارهم على مفترق الطرق التجارية المرتبطة
بتجارة النحاس، بالإضافة إلى توفر المياه التي كانت سبب للاستيطان واستمراره عبر
فترات زمنية طويلة ممتدة من الألف الثالث إلى الألف الأول قبل الميلاد وصولا إلى
الفترة الإسلامية.
ويعد موقع عقير الشموس أول موقع أثري مرتبط بتعدين وإنتاج الحجر الصابوني يتم
اكتشافه على مستوى السلطنة والخليج العربي، حيث تم الكشف عنه مؤخرا من قبل فريق
من المختصين الأثريين العمانيين وبعثة من جامعة جون هوبكنز الأمريكية ويعود الموقع
إلى الألف الأول قبل الميلاد فالموقع عبارة عن محجر لقطع الحجر الصابوني ومستوطنة
تحوي ورش لإنتاجه وقد وثقت المسوحات الأثرية الكثير من كسر أواني الحجر
الصابوني التالفة من عملية التصنيع حيث عثر على حوالي 800 قطعة تم جمعها من
على السطح.
وأكدت الدراسات الأولية على هذا الموقع بأنه يعود إلى العصر الحديدي مع احتمالية
استمراره إلى العصر الإسلامي وكما هو معلوم بأن الحجر الصابوني تكون نتيجة
تحولات حرارية في باطن الأرض للصخور النارية وهو منتشر في جبال الحجر ويتميز
هذا الحجر بسهولة قطعه وتشكيله والنقش عليه لذلك سمي بالحجر الصابوني أو الحجر
الأملس.
ويستخدم الحجر الصابوني في العديد من الحضارات المجاورة ،وبدأ استخدامه في عمان
مع منتصف العصر البرونزي وكانت زخارف الأواني المصنوعة منه في البداية بسيطة
وهي عبارة عن خطوط ودوائر منقوطة وتوسع استخراجه وإنتاجه مع نهاية العصر
البرونزي وبدايات العصر الحديدي وتنوعت أشكال الأواني والزخارف عليها نتيجة
التواصل مع الحضارات والثقافات المجاورة كبلاد السند وبلاد الرافدين وبلاد فارس حيث
زخرفت هذه الأواني بأشكال حيوانية وطيور وزخارف نباتية وأشكال هندسية بديعة .
ويعتبر موقع الصفا بولاية عبري واحدا من أهم المواقع الأثرية المكتشفة حديثا لتعدين
النحاس، ويعود إلى الألف الأول قبل الميلاد ويقع على طريق التجارة القديمة الذي يعبر
الجزيرة العربية والمعتمد اقتصادها على صناعة النحاس وتصديره عن طريق القوافل
إلى الحضارات المجاورة كدلمون وبلاد الرافدين.
وتم الكشف عن الموقع بمحض الصدفة حيث قامت وزارة التراث والثقافة بتشكيل فريق
للقيام بمسوحات وتنقيبات الاثرية وقد أظهرت النتائج عن وجود موقع أثري مهم متعلق
بتعدين النحاس يعود إلى بداية الألفية الأولى قبل الميلاد، كما كشفت نتائج المسوحات
والتنقيبات الأثرية عن الكثير من الأدوات النحاسية التي تنتشر في مساحات كبيرة من
سطح الموقع إضافة إلى الخرز المنتشرة على سطح الأرض.
كما تم العثور على عدد كبير من الأفران بلغ عددها حوالي 220 فرنا والتي استخدمت
لصهر النحاس أو إعادة صهر الأدوات النحاسية المجلوبة من مواقع أثرية أخرى بجبال
الحجر حيث تم تحويل هذه الأدوات إلى سبائك للتصدير أو أدوات برونزية جديدة
كالفؤوس والسيوف ورؤوس السهام والسكاكين والرماح والخناجر، إلى جانب ذلك تم
العثور على عدد من الحفر التي يحتمل أنها كانت تستخدم لحرق الأخشاب لتحويلها إلى
فحم.
وتعتبر اتفاقية حماية التراث الثقافي المغمورة بالمياه أحد أهم المعاهدات والمواثيق الدولية
تحت مظلة منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (اليونسكو)، وهي تمثل اعترافا
بأهمية التراث الثقافي المغمور بالمياه كجزء لا يتجزأ من التراث الثقافي للإنسانية جمعاء،
وكذلك أهميته الكبيرة في تاريخ الشعوب والعلاقات الحضارية بين الأمم، كما أنها في
الوقت ذاته توضح المهددات التي تؤثر على التراث الثقافي المغمور بالمياه من آثار
الممارسات والانشطة غير المرخصة.
وتهدف الاتفاقية إلى كفالة وتعزيز حماية التراث الثقافي المغمور بالمياه، بالإضافة إلى
تعزيز التعاون بين الدول الاطراف وفقا لمواد وبنود الاتفاقية من خلال تنسيق الجهود،
باتخاذ التدابير الملائمة عن طريق استخدام أفضل الوسائل العلمية المتاحة وأفضل
الممارسات للبحث والصون وحماية هذا التراث، كما أن من أهم أهداف هذه الاتفاقية هو
عدم الاستخدام والاستغلال التجاري لمواقع التراث الثقافي المغمور بالمياه بالطرق غير
المشروعة وبالطرق التي قد تهدد سلامة عناصر ومفردات هذا التراث.
واعترافاً من السلطنة بأهمية هذه الاتفاقية فقد صدر المرسوم السلطاني رقم (29 /2020)
بالموافقة على انضمام سلطنة عمان إلى اتفاقية اليونسكو بشأن حماية التراث الثقافي
المغمور بالمياه بتاريخ 19 مارس 2020م، وتجدر الإشارة إلى أن السلطنة من الدول
السباقة في المنطقة في مجال تنفيذ مشاريع المسح والتنقيب عن الآثار المغمورة بالمياه،
والتي بدأتها في عام 2009م بمشروع البحث عن أسطول القائد الصيني “زنج هي” في
محافظة مسندم، وأنشأت دائرة الآثار المغمورة بالمياه في عام 2016م وفق المرسوم
السلطاني رقم (40 /2016) باعتماد الهيكل التنظيمي لوزارة التراث والثقافة تأكيداً على
أهمية الحفاظ وصون التراث الثقافي المغمور بالمياه في السلطنة.
ويعتبر بيت العجائب أيقونة التراث المعماري العماني في زنجبار، ويأتي في مكان بارز
على الواجهة البحرية للمدينة الحجرية المدرجة على لائحة التراث العالمي عام 2000م،
وقد تم تشييد بيت العجائب في عام 1883م وذلك في عهد السيد برغش بن سعيد، والذي
جعل منه تحفة معمارية حديثة في مدينة زنجبار ومنطقة شرق أفريقيا ككل. حيث اتخذ
منه مسكناً لعدة سنوات ثم تم استخدامه كقصر للتشريفات بعد وفاته، وتوالت عليه
الاستخدامات بعد ذلك حتى تم مؤخرا تحويله كمتحف يعرض الثقافة الزنجبارية.
واقتضت الأوامر السامية للمغفور له بإذن الله السلطان قابوس بن سعيد طيب الله ثراه
بدعم مشروع ترميم وتأهيل بيت العجائب بإشراف مباشر من وزارة التراث والثقافة،
وتعتبر عملية ترميم بيت العجائب هي الأكبر والأشمل من نوعها منذ تاريخ بنائه، حيث
أن المبنى تعرض الى القصف مسبقاً .
/ العمانية/تحتفل وزارة التراث والثقافة باليوم العالمي للتراث الذي
يصادف 18 من أبريل سنويا والذي جاء باقتراح من المجلس الدولي للمعالم والمواقع عام
1982م، ووافقت عليه الجمعية العامة لليونسكو عام 1983م، بهدف تعزيز الوعي
بأهمية التراث الثقافي للبشرية، ومضاعفة جهودها اللازمة لحماية التراث والمحافظة
عليه.
ويأتي الاحتفال هذا العام بعنوان “ثقافات مشتركة، تراث مشترك، مسؤولية مشتركة” في
وقت مهم جداً أكثر من أي وقت مضى كتعبير عن وحدتنا العالمية في مواجهة الأزمة
الصحية العالمية المستمرة، حيث أن هذا الموضوع يدعو جميع دول العالم ومواطنيها
لاستكشاف فكرة المشاركة فيما يتعلق بالثقافات والتراث والمسؤولية.
ويتضمن التراث الثقافي في السلطنة العديد من العناصر المتنوعة والغنية التي تقف
شاهدة على ما خلفه الإنسان الذي استوطن هذه الرقعة الجغرافية من العالم على مدى
آلاف السنين لإقامة مستوطنات ومجتمعات مارست العديد من الأنشطة في مجالات عدة،
وتواصلت بحيوية مع الحضارات المجاورة، وهو ما ترك لنا معالم وشواهد غنية
ومتنوعة ساهمت في إثراء ثقافة الإنسان العماني وتشكيل هويته الوطنية، كما تعد بعض
عناصر هذا التراث إرثاً للإنسانية جمعاء بعد إدراج بعض منها على قائمة التراث العالمي
في منظمة اليونسكو.
وإدراكا من وزارة التراث والثقافة بأهمية المحافظة على هذا التراث الثقافي فإنها تقوم
بالعديد من الجهود في سبيل المحافظة عليه والتعريف به وضمان استدامته، حيث أنها
اهتمت بالجانب التشريعي لبناء قاعدة متينة ترتكز عليها عملية حفظ هذا التراث وصونه
والتعريف به، حيث نجحت الوزارة في إصدار قانون التراث الثقافي الذي صدر في
المرسوم السلطاني رقم 35 /2019.
إضافة إلى ذلك، فإن الوزارة تقدم الدعم المستمر للبعثات الأثرية المختلفة التي تسهم في
إثراء القيمة العلمية، بالإضافة إلى تنفيذها العديد من مشاريع الترميم والصيانة للعديد من
المعالم الأثرية والتاريخية، وتقوم الوزارة أيضاً بالإشراف الفني وتقديم الدعم للمبادرات
الفردية لترميم مبانيهم الخاصة إدراكاً منها لأهمية دور المجتمعات المحلية في عملية
المحافظة والصون لعناصر التراث الثقافي المختلفة.
كما تتواصل الجهود الحثيثة للوزارة لإحياء المعالم التاريخية في السلطنة من خلال
توظيفها وطرحها للاستثمار للجهات الراغبة بذلك؛ إيماناً بأهمية تفعيل الشراكة بين
القطاعين العام والخاص، حيث بدأت تجربة التوظيف من خلال استثمار قلعة نزوى وسيتم
المضي قدما في استغلال وتوظيف بعض المعالم الأخرى في السلطنة.
وتعد المواقع الأثرية الثلاثة (بات والخطم والعين) نموذجا بارزاً لمستوطنات الألف
الثالث قبل الميلاد لكونها تضم أكبر تجمع للأبراج والمقابر الأثرية، ولأهميتها كتراث
إنساني يستوفي شروط ومعايير القيمة الاستثنائية فقد أدرجتها لجنة التراث العالمي التابعة
لمنظمة اليونسكو ضمن قائمة مواقع التراث الثقافي العالمي في عام1988م كموقع
متسلسل تحت مسمى “المواقع الأثرية في بات والخطم والعين”.
وتقع مواقع بات والخطم والعين الأثرية في ولاية عبري بمحافظة الظاهرة وتبعد عن
مركز الولاية حوالي 30 كيلومترا شرقاً، وتعتبر من المواقع الأثرية المهمة لوقوعها
قديماً على خط تجارة النحاس القديم، حيث كانت ترتبط بمثيلاتها من المواقع في محافظة
الداخلية ومحافظة البريمي وصولا إلى الموانئ التجارية في كلٍ من صحار بمحافظة
شمال الباطنة ورأس الجنز ورأس الحد بمحافظة جنوب الشرقية .
وتعتبر المساجد الاثرية أحد أهم المفردات في تاريخ العمارة العمانية، بالإضافة إلى كونها
جزءا لا يتجزأ من العمارة الإسلامية، ويتضح ذلك من خلال التأثر الواضح بالعمارة في
الدول الإسلامية المختلفة مع تميز المساجد العمانية ببساطة البناء وغياب المنارات
والقباب وارتفاعها عن سطح الأرض المجاورة لها، بالإضافة الى وجود الزخارف
الجصية في المحاريب والنقوش الإسلامية في الأخشاب التي تستخدم في التسقيف، ومع
جماليات هذا النوع الفريد من العمارة التاريخية يوجد دور وظيفي للمساجد لا يزال قائما
حيث تعتبر منارة علم وتعليم وأماكن عبادة وتعبد، ولها أثرها وارتباطها بكافة شؤون
العباد، ودور أساسي في حياة الإنسان الاجتماعية والسياسية .
وقد قامت الوزارة وبالتنسيق مع وزارة الأوقاف والشؤون الدينية بحصر المساجد الأثرية
في كافة محافظات السلطنة، وبلغ عدد المساجد المسجلة في الوزارة (348) مسجداً أثرياً
حتى نهاية عام 2019م والعمل جارٍ في تحديث القائمة، كما قامت الوزارة بترميم عدد
(56) مسجداً اثرياً وتوثيق ( 16 ) مسجدا أثريا مرمما.
ويعتبر موقع قميرا بولاية ضنك في محافظة الظاهرة من المواقع الأثرية المهمة والتي
تدل على تاريخ استيطاني يمتد من العصر الحجري الحديث إلى العصر الحديدي بدليل
المسوحات الأثرية التي قامت بها الوزارة بالتعاون مع جامعة وارسو البولندية والتي
تمت في ثلاث مناطق استيطان بمنطقة قميرا تمتد من العصر الحجري الحديث والعصر
البرونزي والعصر الحديدي في عين بني ساعدة وهي قميرا (1) وهو عبارة عن مقبرة
جماعية ترجع لفترة الألف الثالث قبل الميلاد، وموقع قميرا (2) وهو مستوطنة ترجع
لفترة العصر الحجري الحديث، وموقع قميرا (3) وهو عبارة عن مستوطنة يمتد تاريخها
من العصر البرونزي الى العصر الحديدي كما تم إجراء مسوحات أثرية في موقعي
قميرا (20 و21) تمثلت في جمع عينات من السطح والتي تدل على أن الموقعين يعودان
الى العصر الحديدي الثاني.
وتعود أهمية هذين الموقعين بسبب انتشارهم على مفترق الطرق التجارية المرتبطة
بتجارة النحاس، بالإضافة إلى توفر المياه التي كانت سبب للاستيطان واستمراره عبر
فترات زمنية طويلة ممتدة من الألف الثالث إلى الألف الأول قبل الميلاد وصولا إلى
الفترة الإسلامية.
ويعد موقع عقير الشموس أول موقع أثري مرتبط بتعدين وإنتاج الحجر الصابوني يتم
اكتشافه على مستوى السلطنة والخليج العربي، حيث تم الكشف عنه مؤخرا من قبل فريق
من المختصين الأثريين العمانيين وبعثة من جامعة جون هوبكنز الأمريكية ويعود الموقع
إلى الألف الأول قبل الميلاد فالموقع عبارة عن محجر لقطع الحجر الصابوني ومستوطنة
تحوي ورش لإنتاجه وقد وثقت المسوحات الأثرية الكثير من كسر أواني الحجر
الصابوني التالفة من عملية التصنيع حيث عثر على حوالي 800 قطعة تم جمعها من
على السطح.
وأكدت الدراسات الأولية على هذا الموقع بأنه يعود إلى العصر الحديدي مع احتمالية
استمراره إلى العصر الإسلامي وكما هو معلوم بأن الحجر الصابوني تكون نتيجة
تحولات حرارية في باطن الأرض للصخور النارية وهو منتشر في جبال الحجر ويتميز
هذا الحجر بسهولة قطعه وتشكيله والنقش عليه لذلك سمي بالحجر الصابوني أو الحجر
الأملس.
ويستخدم الحجر الصابوني في العديد من الحضارات المجاورة ،وبدأ استخدامه في عمان
مع منتصف العصر البرونزي وكانت زخارف الأواني المصنوعة منه في البداية بسيطة
وهي عبارة عن خطوط ودوائر منقوطة وتوسع استخراجه وإنتاجه مع نهاية العصر
البرونزي وبدايات العصر الحديدي وتنوعت أشكال الأواني والزخارف عليها نتيجة
التواصل مع الحضارات والثقافات المجاورة كبلاد السند وبلاد الرافدين وبلاد فارس حيث
زخرفت هذه الأواني بأشكال حيوانية وطيور وزخارف نباتية وأشكال هندسية بديعة .
ويعتبر موقع الصفا بولاية عبري واحدا من أهم المواقع الأثرية المكتشفة حديثا لتعدين
النحاس، ويعود إلى الألف الأول قبل الميلاد ويقع على طريق التجارة القديمة الذي يعبر
الجزيرة العربية والمعتمد اقتصادها على صناعة النحاس وتصديره عن طريق القوافل
إلى الحضارات المجاورة كدلمون وبلاد الرافدين.
وتم الكشف عن الموقع بمحض الصدفة حيث قامت وزارة التراث والثقافة بتشكيل فريق
للقيام بمسوحات وتنقيبات الاثرية وقد أظهرت النتائج عن وجود موقع أثري مهم متعلق
بتعدين النحاس يعود إلى بداية الألفية الأولى قبل الميلاد، كما كشفت نتائج المسوحات
والتنقيبات الأثرية عن الكثير من الأدوات النحاسية التي تنتشر في مساحات كبيرة من
سطح الموقع إضافة إلى الخرز المنتشرة على سطح الأرض.
كما تم العثور على عدد كبير من الأفران بلغ عددها حوالي 220 فرنا والتي استخدمت
لصهر النحاس أو إعادة صهر الأدوات النحاسية المجلوبة من مواقع أثرية أخرى بجبال
الحجر حيث تم تحويل هذه الأدوات إلى سبائك للتصدير أو أدوات برونزية جديدة
كالفؤوس والسيوف ورؤوس السهام والسكاكين والرماح والخناجر، إلى جانب ذلك تم
العثور على عدد من الحفر التي يحتمل أنها كانت تستخدم لحرق الأخشاب لتحويلها إلى
فحم.
وتعتبر اتفاقية حماية التراث الثقافي المغمورة بالمياه أحد أهم المعاهدات والمواثيق الدولية
تحت مظلة منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (اليونسكو)، وهي تمثل اعترافا
بأهمية التراث الثقافي المغمور بالمياه كجزء لا يتجزأ من التراث الثقافي للإنسانية جمعاء،
وكذلك أهميته الكبيرة في تاريخ الشعوب والعلاقات الحضارية بين الأمم، كما أنها في
الوقت ذاته توضح المهددات التي تؤثر على التراث الثقافي المغمور بالمياه من آثار
الممارسات والانشطة غير المرخصة.
وتهدف الاتفاقية إلى كفالة وتعزيز حماية التراث الثقافي المغمور بالمياه، بالإضافة إلى
تعزيز التعاون بين الدول الاطراف وفقا لمواد وبنود الاتفاقية من خلال تنسيق الجهود،
باتخاذ التدابير الملائمة عن طريق استخدام أفضل الوسائل العلمية المتاحة وأفضل
الممارسات للبحث والصون وحماية هذا التراث، كما أن من أهم أهداف هذه الاتفاقية هو
عدم الاستخدام والاستغلال التجاري لمواقع التراث الثقافي المغمور بالمياه بالطرق غير
المشروعة وبالطرق التي قد تهدد سلامة عناصر ومفردات هذا التراث.
واعترافاً من السلطنة بأهمية هذه الاتفاقية فقد صدر المرسوم السلطاني رقم (29 /2020)
بالموافقة على انضمام سلطنة عمان إلى اتفاقية اليونسكو بشأن حماية التراث الثقافي
المغمور بالمياه بتاريخ 19 مارس 2020م، وتجدر الإشارة إلى أن السلطنة من الدول
السباقة في المنطقة في مجال تنفيذ مشاريع المسح والتنقيب عن الآثار المغمورة بالمياه،
والتي بدأتها في عام 2009م بمشروع البحث عن أسطول القائد الصيني “زنج هي” في
محافظة مسندم، وأنشأت دائرة الآثار المغمورة بالمياه في عام 2016م وفق المرسوم
السلطاني رقم (40 /2016) باعتماد الهيكل التنظيمي لوزارة التراث والثقافة تأكيداً على
أهمية الحفاظ وصون التراث الثقافي المغمور بالمياه في السلطنة.
ويعتبر بيت العجائب أيقونة التراث المعماري العماني في زنجبار، ويأتي في مكان بارز
على الواجهة البحرية للمدينة الحجرية المدرجة على لائحة التراث العالمي عام 2000م،
وقد تم تشييد بيت العجائب في عام 1883م وذلك في عهد السيد برغش بن سعيد، والذي
جعل منه تحفة معمارية حديثة في مدينة زنجبار ومنطقة شرق أفريقيا ككل. حيث اتخذ
منه مسكناً لعدة سنوات ثم تم استخدامه كقصر للتشريفات بعد وفاته، وتوالت عليه
الاستخدامات بعد ذلك حتى تم مؤخرا تحويله كمتحف يعرض الثقافة الزنجبارية.
واقتضت الأوامر السامية للمغفور له بإذن الله السلطان قابوس بن سعيد طيب الله ثراه
بدعم مشروع ترميم وتأهيل بيت العجائب بإشراف مباشر من وزارة التراث والثقافة،
وتعتبر عملية ترميم بيت العجائب هي الأكبر والأشمل من نوعها منذ تاريخ بنائه، حيث
أن المبنى تعرض الى القصف مسبقاً .
/ العمانية/