شكل خطاب المرحلة التأريخي الذي تفضل به مولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ وما حمله في بنيته ومحتواه من مسارات واضحة للدولة العمانية، نقطة تحول تدخل معه عمان عهدا مباركا جديدا لتواصل خطواتها الواثقة نحو المستقبل بعزيمة قوية وإرادة أقوى وروح وطنية عالية لتحقيق طموحاتها التنموية المتعاظمة ومواكبة المتغيرات الإقليمية والعالمية المتسارعة، محورها الإنسان العماني الواعي لمسؤولياته والمدرك لما تتطلبه منه هذه المرحلة من التفاف وتعاون وتناغم وانسجام للعمل الوطني المشترك والسير خلف القيادة الحكيمة لجلالته ـ حفظه الله ورعاه ـ برؤية مستقبلية واعدة تحفظ لعمان كل مقومات النجاح ومحطات الإنجاز التي حققتها في الخمسة عقود الماضية، وتؤسس في إنسان اليوم وأجيال المستقبل مدد العطاء وروح الانتماء والولاء لصناعة الفارق، وقوامها تعزيز دور التشريعات والقوانين في رسم ملامح التطور وإعادة هندسة الممارسة الوطنية وتأكيد مسارات الشراكة والتعاون والتكاتف بين القطاعات والمؤسسات والمواطنين وتوظيف كل منصات النجاح ومحركات العمل لصناعة أداء وطني يفوق التوقعات في مختلف المجالات الاقتصادية والتعليمية والاستثمارية والاجتماعية ونهضة الوعي وأصالة الفكر ومنطلق لبناء مرحلة جديدة في مسيرة العطاء وعبر تأكيده على جملة من الحزم التطويرية والمراجعات والمعالجات في مختلف مفاصل العمل الوطني، التي يجب التعاطي معها بكل عناية ومتابعة، وفق أدوات واضحة واستراتيجيات دقيقة، وآليات تشخيص مقننة، وشراكة عملية فاعلة، لمرحلة جديدة قوامها العمل المسؤول المخلص، والعطاء النوعي المنتج، ومزيد من الحكمة في إدارة الموارد المالية والبشرية وحسن التوظيف لها، والمعرفة بآليات تحقيق الاستدامة في المال، والفهم المعمق لطبيعة الظروف والمتغيرات الحاصلة، مستفيدا من الأطر السابقة والمنهجيات وبرامج العمل والإضافة عليها، والتي أنتجتها رؤية عمان 2040، مستلهمة من مشاركة كل أطياف المجتمع فيها وبمختلف شرائحه وقطاعاته طريقها للوصول بها إلى أرض الواقع والدخول بها إلى عمق الحدث وتفاصيله، وهو ما سيعزز من فرص تحقق نتائج أكثر وضوحا ستقدم نتائج ملموسة على الأرض تنعكس على زيادة الدخل والتنويع الاقتصادي وتحسين الحياة المعيشية للمواطن وتمكينه من الوصول إلى استحقاقات قادمة يحقق فيها أهداف عمان المستقبل، وينطلق منها نهج العمل في الاختيار الحصيف والانتقاء الرشيد للقيادات التي ستؤتمن على مستقبل عمان.
وتأتي الشركات الحكومية من بين المرتكزات التطويرية وأجندة العمل الوطني التي أكد الخطاب السامي على أنها ستنال المزيد من المراجعة والتصحيح والتنظيم والتقنين والتقييم والضبطية، ووضعها ضمن قائمة المراجعات التنظيمية والهيكلية والتشريعية والرقابية والإدارية والفنية لمهامها واختصاصاتها وتقييم مستوى الحاجة إليها وحجم الدور الذي تمارسه مقارنة بحجم الإنفاق المالي عليها والموازنات الإنمائية والتشغيلية التي تمتلكها والفلسفة والاستراتيجيات التي تدير بها عملها، بما يضمن حوكمتها وإعادة توجيهها لخدمة أغراض التنمية الوطنية، وتأكيد البعد الاستراتيجي لها في رسم معالم الطريق، وقد جاء في خطاب جلالة السلطان “وسنعمل على مراجعة أعمال الشركات الحكومية مراجعة شاملة بهدف تطوير أدائها ورفع كفاءتها وتمكينها من الإسهام الفاعل في المنظومة الاقتصادية، وسنهتم بدراسة آليات صنع القرار الحكومي بهدف تطويرها بما يخدم المصلحة الوطنية العليا، وسنولي هذه الجوانب كل العناية والمتابعة والدعم”، حيث جاء التأكيد على الحزم المتعلقة بهذه الشركات بعد أن حدد معالم العمل الرئيسة التي تنطلق منها مسيرة المراجعة للأداء الحكومي، وعبر اتخاذ الإجراءات اللازمة لإعادة هيكلة الجهاز الإداري للدولة، وتحديث منظومة التشريعات والقوانين وآليات وبرامج العمل وإعلاء قيمه ومبادئ وتبني أحدث أساليبه، وتبسيط الإجراءات وحوكمة الأداء والنزاهة والمساءلة والمحاسبة؛ لضمان المواءمة الكاملة والانسجام التام مع متطلبات رؤية عمان وأهدافها، لذلك كانت مرتكزات الخطاب واضحة في الحدس بمستوى التحول النوعي المأمول من هذه المراجعات الموجهة لهذه الشركات وفق مؤشرات واضحة وآليات قياس محددة وأطر عمل تضمن تحقيق من الانسيابية والتكاملية في الجهود بما يضمن تبني سياسات أكثر نضحا لتوطين المحاسبية والمساءلة وترسيخ العدالة وتحقيق النزاهة ليكون لها حضورها وموقعها الاستراتيجي في منظومة الأداء، موجهات تحفظ ديمومية الإنتاج واستقرار الأداء وكفاءته وتعزز من جهود التطوير واستمراريتها وثقة المواطن فيما تنتجه على مستوى المنظومات المختلفة، وبما يحفظ الجهود من التشتت والتباعد ويوجهها لصالح بناء وطني متكامل يقرأ الجميع فيه روح المسؤولية، بالشكل الذي يضمن توجيه الموارد المالية للدولة التوجيه الأمثل بما يضمن خفض المديونية وزيادة مستوى الدخل وتوفير وانتهاج إدارة كفؤة فاعلة.
لقد ألقت الأحداث التي يعيشها العالم والسلطنة على حد سواء، المرتبطة بالانخفاض غير المسبوق لأسعار النفط الذي تعدى السعر الذي تم وضعه في الميزانية العامة للدولة بما يلقي عبئا كبيرا على الميزانية وعجزا يفوق التقديرات والتوقعات، بالإضافة إلى أحداث جائحة كورونا (كوفيد19) التي كلفت العالم خسائر كبيرة جدا في قطاعات العمل والإنتاج نتيجة لإغلاق الأنشطة الاقتصادية والتجارية عملا بتوصيات منظمة الصحة العالمية في اتخاذ إجراءات وتدابير احترازية تسهم في الحد من انتشار المرض والتي جاءت اللجنة العليا المكلفة ببحث آلية التعامل مع التطورات الناتجة عن انتشار فيروس كورونا (كوفيد 19)، لتضع النقاط فيها على الحروف وعبر جملة القرارات والإجراءات الاحترازية والتدابير الوقائية التي اتخذتها الدولة على فترات متعاقبة مراعية مبدأ التدرج والتقليل من حجم الخسائر المترتبة على إيقاف أو تعليق أو منع العمل في بعض القطاعات التشغيلية والإنتاجي، مما كان له أثره في اتجاه الحكومة إلى تعزيز اقتصاد الأزمات وعبر جملة من المنشورات والإجراءات والتدابير الاحترازية المالية التي أصدرتها وزارة المالية لتحقيق التوازنات المالية والحد من التأثير السلبي لانخفاض أسعار النفط على الموازنة العامة للدولة وعبر تحقيق الاستدامة والوفرة المالية وتقليل العجز في الموازنة العامة للدولة، والتي استهدفت خفض الموازنات المعتمدة للجهات المدنية والعسكرية والأمنية بنسبة ٥%، وخفض السيولة المعتمدة للموازنة الإنمائية بنسبة 10%، مع التوجيه بإعادة برمجة الأولويات وأخذ الموافقات اللازمة من وزارة المالية قبل اعتماد أو طرح أي مشاريع جديدة أو الدخول في أي التزامات مالية إضافية وبما يتلاءم مع سداد المستحقات المالية للشركات والموردين للحكومة، بالإضافة إلى وقف منح العلاوات الاستثنائية لموظفي الدولة لا سيما الذين يتم إحالتهم للتقاعد وذلك في جميع وحدات الجهاز الإداري للدولة المدنية والأمنية والعسكرية والأشخاص الاعتبارية العامة الأخرى.
حيث جاءت الشركات الحكومية ليكون لها نصيبها الوافر من هذه المراجعات والتدابير والإجراءات التي عبرت عنها المنشورات المالية تحت الأرقام (2/2020 و4/2020 8/2020 و11/2020 و14/2020) الموجهة إلى الشركات الحكومية، سواء ما يتعلق بالهيكلية العامة لهذه الشركات والغاية منها، وما ورد بشأن وقف إنشاء شركات حكومية لممارسة أي من نشاطات الأعمال إلا في حالة عدم وجود إقبال من القطاع الخاص للقيام بتلك الأنشطة وبحيث يتم أخذ موافقة وزارة المالية في هذا الشأن، أو كذلك ما ورد بشأن قيام الشركات الحكومية المملوكة للحكومة أو تلك التي تساهم فيها الحكومة بنسبة (40%) بتخصيص جزء من المبالغ التي ترصدها للمسؤولية الاجتماعية لدعم برامج التدريب المقرون بالتشغيل وضرورة التنسيق مع المركز الوطني للتشغيل بشأن إعلانات الوظائف، أو ما يتعلق بسياسة التعمين والإحلال بالكفاءة الوطنية والتأكيد على كافة الشركات الحكومية بضرورة الإسراع في إحلال العمانيين محل الوافدين، وذلك وفق جدول زمني لمختلف المستويات الوظيفية يتم تنفيذه في أسرع وقت ممكن بما فيها الوظائف القيادية والإشراف، بالإضافة إلى حزمة الإجراءات المالية لخفض موازنة الإنفاق لدى الشركات الحكومية للتعامل مع هذه الأزمة لتشمل خفض الموازنات التشغيلية بنسبة لا تقل عن نسبة 10%، وإعادة جدولة المشاريع التي تنفذها الشركات الحكومية بما يتلاءم مع أولويات الحكومة في المرحلة الحالية، وأن تشمل مراجعة المصروفات التشغيلية كافة بنود المصروفات دون استثناء بما في ذلك رواتب وامتيازات الموظفين وموقف الدرجة الشاغرة والتأكيد على وقف الإنفاق المتعلق بالدراسات الاستشارية أو الهندسية أو الميدانية أيا كانت طبيعتها سواء رأسمالية أو تشغيلية.
عليه، يمكن القول بأن الأوامر السامية لجلالة السلطان والتي جسدتها سلسلة المنشورات المالية الصادرة من وزارة المالية، والحزم الاقتصادية التطويرية والعلاجية والوقائية، التي حملتها بشأن مراجعة سياسات هذه الشركات وآليات عملها وموازناتها وغيرها؛ مبرر مقنع وخيار استراتيجي لسرعة البدء بهذه المراجعة ووضع الأوامر السامية موضع التنفيذ لها على أرض الواقع، مستفيدة من ظروف الأزمات (انخفاض أسعار النفط وجائحة كوفيد 19) في قراءة أكثر عمقا ومهنية لإعادة هيكلة واقع عمل الشركات الحكومية ورسم معالم التحول القادمة لها لتجد في مرتكزات الخطاب السامي المحددة في إعادة هيكلة الجهاز الإداري للدولة، وتحديث منظومة التشريعات والقوانين وآليات وبرامج العمل وإعلاء قيمه ومبادئ وتبني أحدث أساليبه، وتبسيط الإجراءات مدخلا لحوكمة الأداء في هذه الشركات وتقنين عملها وضبط ممارساتها وتصحيح توجهاتها وإعادة رسم ملامح عملها وتشخيص ما يدور فيها بما يتوافق مع منظور عمان للمستقبل، وهو المدخل الاستراتيجي ـ المتمثل في تحقيق النزاهة والمساءلة والمحاسبة ـ الذي نعتقد بأهمية البدء فيه وتعميق حضوره في مسيرة بناء الدولة؛ ذلك أنه إذا ما أريد لهذه الموجهات والأوامر والمنشورات أن تجد طريقها الحقيقي للتنفيذ السليم، وسبيلها للتطبيق الأمين للخروج من هذه الأزمات بأقل الخسائر الممكنة وبما يحفظ مساحات الثقة بين المواطن والمنظومة الاقتصادية في أفضل مستوياتها لتستوعب جموع المواطنين الباحثين عن عمل وتحقق وفرة مالية بحاجة إلى منظومة وطنية عليا في المساءلة والمحاسبية والنزاهة لضمان المواءمة الكاملة والانسجام التام مع متطلبات رؤية عمان 2040 وأهدافها، والتي أكدها الخطاب السامي لجلالة السلطان المعظم في أكثر من موضع؛ وللقناعة بأن استدامة حزمة الإجراءات والمراجعات وقدرتها على تحقيق تحول على الأرض ورسم معالم نجاح قادمة في الإنجاز بحاجة إلى منظومة متكاملة في المتابعة والتشخيص والضبط والرقابة والمحاسبية والمساءلة والنزاهة تتسم بالقوة والتمكين والصلاحيات والابتكارية وقوة النفاذ، وعبر مقترحنا بإنشاء “جهاز المحاسبية والنزاهة” يعمل على صناعة التحول في منظومة المتابعة والتشخيص والتصحيح وإعادة الهيكلة والمراجعة، ويوفر ممكنات تتسم بالكفاءة والقوة والدقة في تحقيق المحاسبية والنزاهة في كل منظومة الجهاز الإداري للدولة بدون استثناء.
من هنا فإن وجود جهاز وطني “جهاز المحاسبية والنزاهة” لم يعد في ظل الحالة العمانية والظروف والأوضاع الاقتصادية التي تعيشها عمان وهي مقبلة على مرحلة جديدة بقيادة السلطان هيثم بن طارق المعظم لم يعد حالة طارئة ناتجة عن ظروف وقتية فرضتها الأحداث الحالية والمتغيرات المالية الإقليمية والدولية؛ بل خيار استراتيجي وطني يجب أن يكون له حضوره الفاعل في منظومة المراجعة والتشخيص والتقنين والتفعيل والضبط وإعادة الهيكلة، بالشكل الذي يضمن تقديم نواتج واضحة في هذه الجهود يستشعر المواطن أثرها وتظهر نتائجها على الكفاءة والوفرة المالية وسد العجز والمديونية الحاصل في الموازنة العامة للدولة، وإعادة إنتاج وتأهيل منظومة التشغيل واستيعاب القوى الوطنية الباحثة عن عمل وإعادة تصحيح مسار ملف الأيدي العاملة الوافدة؛ بما يعني أن تحقق إدارة كفؤة وناجحة تأخذ بأسباب التطور والتقدم العالمي في هذا المجال، والوقوف على تحديات الجهاز الإداري للدولة المرتبطة بالفساد وسوء الاستغلال للمناصب والتجاوزات المالية والإدارية، والهدر الحاصل في الثروات والموارد الوطنية، والتجاوزات الحاصلة للمال العام، وحالة الامتعاض التي يعيشها بعض أفراد المجتمع في أداء الشركات الحكومية والمؤسسات وغيرها، كل ذلك وغيره يفرض عملا جديا يعيد النظر في كل الممارسات السابقة لهذه الشركات الحكومية وحالة الهدر وفاقد العمليات الإدارية والمالية في الموازنات الإنمائية والتشغيلية المتكررة التي باتت تشكل خطرا على الإنتاجية الوطنية والعدالة الاجتماعية المعززة للحقوق والواجبات؛ فإن من شأن وجود هذا الجهاز وعبر الابتكارية والقوة في اختصاصاته ومهام عمله والأدوات والممكنات والآليات التي تضمن له حضوره الواسع في ضبط التجاوزات وتبني إجراءات واليات التصحيح في الأداء الحكومي عامة وأداء الشركات الحكومية بوجه خاص؛ من شأنه أن يعزز من مسار المحاسبية الوطنية ويؤصل فقه النزاهة والإخلاص في منظومة الأداء؛ لما يمكن أن ينتج عن وضوح آليات العمل ومسارات الأداء وتعزيز فرص التمكين وإذكاء روح المنافسة من المحافظة على سقف أعلى من الإنتاجية في أداء الجهاز الإداري للدولة بما يقلل حالة الرتابة والروتين والترهل والازدواجية، ويؤسس لمرحلة جديدة قوامها الشراكة والعمل المنظم والمقنن والتفعيل الصحيح لخطوط التأثير، والضبطية والمحاسبية والمساءلة وتعزيز الرقابة وتأصيل ثقافة العمل المؤسسي الرشيد وأخلاقياته وقيمه ومبادئه والمرونة والثقة والتمكين والتثمير في الموارد البشرية الوطنية وإدارة الموارد المالية وضبط الإنفاق، بما لا يدع مجالا للترهلات الحاصلة في الجهاز الإداري للدولة والمحسوبيات أو التأثيرات المجتمعية في الوظائف ويعزز من المصداقية في اختيار الكادر الوطني القائم على هذه الشركات والمؤسسات الحكومية وفق مبادئ الكفاءة والإنتاجية ومعايير النزاهة والإخلاص والمسؤولية.
أخيرا فإن مقترحنا نحو إنشاء “جهاز المحاسبية والنزاهة” والذي يأتي منسجما مع الرؤية السامية لجلالة السلطان المعظم في قراءة عمان المستقبل، مستفيدة من هذه الظروف في رسم ملامح التحول في الأداء الوطني وتجلياته، لا يعني أن يكون نسخة مكررة من جهاز الرقابة المالية والإدارية للدولة، فمع التقدير للجهود السابقة في هذا المجال، إلا أن الظروف التي يعمل فيها جهاز المحاسبية والنزاهة تختلف أيما اختلاف عما سبقها من فترات، كما أن الواقع الوطني أظهر على السطح الكثير من المستجدات التي ينبغي أن يتصدى لها جهاز المحاسبية والنزاهة بكل قوة ويقف عليها بكل حزم عبر صلاحياته القانونية والضبطية والتمكينية خصوصا فيما يتعلق بقضايا الفساد الإداري والاختلاسات للمال العام وقضايا المحسوبيات في التوظيف، والفاقد الحاصل في التشغيل، والهدر والاستنزاف المستمر في الموارد الوطنية، وملف الأيدي العاملة الوافدة؛ والحاجة إلى تفعيل الأجندة الخاملة وتحريك مياهها الراكدة بطريقة تتسم بالكفاءة والنزاهة وتستجيب لسرعة التحولات القادمة والتوجهات الداعمة للمرتكزات التي أشار إليها الخطاب السامي لجلالة السلطان والتي هي بحاجة إلى إطار وطني مغاير في أدواته وآلياته المبتكرة والصلاحيات التي تتيح له حق المساءلة المباشرة والضبطية القانونية والمتابعة المؤطرة والمقننة لالتزام هذه الشركات والمؤسسات بالأوامر السامية والقرارات الصادرة في هذا الشأن، يشمل ذلك الهيئات والوزارات والأشخاص بحيث تدخل في نطاق عمله كل مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية والأمنية والشركات الحكومية، تستوي في ذلك المؤسسات السيادية منها وغير السيادية، وبالتالي أن يمتلك هذا الجهاز الممكنات والبرامج والخطط النافذة وأدوات التشخيص والضبط والرصد والتعقب والمعالجة المباشرة وتصحيح أي سلوك إداري أو مالي أو شخصي له علاقه بإطار عمله؛ فهل ستمهّد هذه المعالجات المالية والإدارية الموجهة للشركات الحكومية للإسراع في إنشاء “جهاز المحاسبية والنزاهة”؟ هذا ما نرجو أن تفصح عنه توجهات الحكومة في القريب العاجل.