عِند مُتابعتك لأخبار العالم في وسائل الإعلام المحلية والعالمية هذه الأيام، ستجد الخبرَ الطاغي ليلَ نهار هو خبر “كورونا” (كوفيد 19)؛ فالخبر أصبح من فئة الأخبار اليومية أو الطبيعية، ورغم أنَّ هناك أخبارًا مُبشِّرة تأتي من هنا وهناك عن الاختبارات السريرية لبعض اللقاحات التي من المُحتمل مُعالجة بَنِي البشر من هذا الفيروس، إلا أنَّه تبقَى المُنغِّصات مُستمرة، وبدأ الناس استشعارها بشكل ملحوظ يومًا بعد يوم، وهذه المنغِّصات لم تُفرِّق بين فرد أو مؤسسة تجارية أو دولة، لكن يبقَى تفاوت الضَّرر بين طَرَف دون آخر.
عند أي أزمة، تجد هُناك رابحًا ومتضررًا؛ وفي أزمة كورونا الفئة الرابحة شركات تجارية قليلة لا تتعدَّى نسبة قليلة من المعادلة، ولنقُل 10% على سبيل المثال، لكنَّ القطاعات الخاسرة كثيرة؛ مثل: العقار، والسياحة، والفندقة، والطيران…وغيرها، ولأنَّ الفرد هو جُزء من عناصر الإنتاج في هذه القطاعات؛ فهو متضرِّر أيضا؛ فالعلاقة طردية بين نمو مؤسسته ونمو دخله واستمراريته في المؤسسة، والعكس بالعكس، كما علينا أنْ لا نُهمِل فترة التعافِي والرجوع لدائرة الإنتاج من جديد، هذا فيما يخصُّ الفرد والمؤسسة، وماذا عن الدولة؟ تُرى ما حَجَم الضَّرر الذي أصابها خلال هذه الجائحة “كوفيد 19)؟ وما هي التحديات التي قد تواجه السلطنة؟ وما هي الحلول المقترحة لتقليل حدة أي آثار سلبية؟
بدأت الأزمة الاقتصادية للسلطنة الأخيرة منذ بدايات 2015 عند تذبذب أسعار النفط، وزادت التحديات عاما بعد عام، وتضاعفت بشكل كبير في هذا العام 2020م باجتماع أكثر من عنصر مؤثر؛ أهمهما النزول الحاد لسعر برميل النفط، والشلل الاقتصادي الذي أحدثته جائحة كورونا منذ فبراير الماضي وحتى اللحظة، والذي قد يستمر شهورا أخرى، واضعين في الاعتبار “فترة التعافي” التي ستُضَاعِف مدة الرجوع إلى الوضع الطبيعي لشهور إضافية، هذه الأزمة بدون شك ستخلف وراءها مضاعفات اجتماعية وتجارية، أبرزها: زيادة عدد الباحثين عن عمل، وزيادة عدد المسرَّحين عن العمل، وزيادة أعداد المؤسسات التجارية التي ستعلن عن إفلاسها، أو التي ستعاني ماليًّا، وسيترتَّب عليها زيادة القضايا القانونية التجارية والمدنية في الأيام المقبلة.
ليس الغاية من هذه المقالة هو الإتيان بالتحديات التي ستخلفها الجائحة، لكنَّ الأهم أن نقترح الحلول، والمقترح يكمُن في تكوين لجنة طوارئ “عُليا” معنيَّة بالملف الاقتصادي، هدفُها توحيد وتنسيق وتكامل الجهود التي يمكنها اقتراح السياسات المالية والنقدية بصفة عاجلة جدا، لتقليل الآثار المتوقعة من وراء هذه الجائحة، والإتيان بحلول اقتصادية استثمارية عملية، والتخلص من أي سياسات أثرت سلبا على السلطنة بطريقة أو بأخرى، فهذا هو التوقيت المناسب لأي سياسات إصلاحية أو عمليات تصحيحية، ولن يتأتَّى ذلك إلا من خلال قرارات جريئة تَصْدُر عن أعلى جهة بالدولة، وأي تأخير في البدء الفوري بهذه العمليات الجراحية -التي قد تكون مُؤلمة لبعض الوقت، لكنها مُجدية على المدى الطويل- يعني ترحيل هذه التحديات لبعض الوقت، ولا يعني أبدا إزالتها جذريًّا، لذلك فإنَّ آثارها السلبية سوف تبقى وستزيد من كرة الثلج المتراكمة.
خلفان الطوقي