منذ ظهور أول حالة لوباء كرونا في السلطنة وضعنا أيدينا على قلوبنا خوفاً وهلعاً من تكاثرها، فطمنونا أن هذا الفيروس مصيره إلى زوال بمجرد استعار لهيب حرارة الصيف، وما أدراك ما حرارة الصيف في معظم مناطق وولايات بلادنا.
وارتفعت درجات الحرارة بطريقة رهيبة، حتى تخطت عتبة الخمسين درجة مئوية، وعلى نفس الوتيرة زادت حالات الإصابة بالفيروس إلى أن تخطت هي الأخرى حاجز الثلاثة والعشرين ألف حالة، معظمها في محافظة مسقط وأكثرها في صفوف العمالة الأجنبية.
ومنذ ظهور هذا الفيروس والتأويلات والمتناقضات تظهر على هذا الصفيح الساخن، فدول تعلن عن تلاشي هذا الوباء ، ثم لا تلبث أن تعاود الإعلان عن عودته من جديد كأنه ساحر، وأخرى تصرح بكل نشوة وفخر أنها تمكنت من اكتشاف اللقاح وأنه جاهز للتوزيع، وأن دولة عظمى تحاول شراءه لاحتكار تسويقه والتحكم في أسعاره، ثم لا يلبث الخبر إلا ويصبح من حكايات ألف ليلة وليلة ، لتظهر من بعده أخبار وحكايات مشابهة لا تعدوا عن كونها من الأساطير، وحدث ولا حرج عن سالفة الكمامات والقفازات، وما قيل في سلبياتها وإيجابيتها، والتباعد الاجتماعي والجسدي والمخالفات، وعزل المناطق والأمكنة وهكذا دواليك، ومعها تزداد الحالات المعلنة بصورة مستعرة، وكل يغني على ليلاه، وكل يقول لا أُريكم إلا ما أرى ( وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي ۚ إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي ۚ إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ (53 ) ، وكل بما لديه فرحون.
حتى أن هذا الفيروس لم يسلم من التعرض له من قبل الكهنة والبصار وأرباب الطب الشعبي، وربما خضع البعض إلى جلسات زار لطرد هذا الشيطان الرجيم.
وبالأمس قرأت خبراً مفاده أن هذا الفيروس سيمكث في عالمنا إلى يوم الدين، وربما يصبح صديقاً لنا يزورنا بين الفترة والأخرى حاله حال الإنفلونزا الموسمية التي أمسينا نتعامل معها بشكل اعتيادي دون خوف أو وجل.
وطالما أننا وصلنا إلى هذه المرحلة التي بدت فيها كل الإجراءات تتكسر أمام هذه الظاهرة التي لا نعلم كنهها ولا ندري متى نهايتها، وما تصنيفها أهي فيروساً أم بكتيريا، أم وهماً، أم مكيدةً ومؤامرة، أم ماذا؟
وطالما أننا جربنا كل شيء الحظر والمنع والتباعد والقفل والإغلاق والمخالفات والقفازات واللثام واللفام، وطالما أنه تم الأخذ بالأسباب ولم يبقى شيء.. دعونا نجرب هذه الوصفة الروحية التي تأتيكم من إنسان هو أقلكم إيماناً وتديناً واستقامةً.. فأقول بعد استماحتكم عذراً :
افتحوا بيوت الله ولو للصلوات الخمس بدايةً ، فلربما نجد علاجنا من الله فيها، وثقوا بأنها ليست أشد خطراً من المجمعات التجارية، والتجمعات العمالية، والقاعدة أنها لا يرتادها سوى الطاهرون الذين يرجون رحمة ربهم ويتوكلون عليه، مع الاستمرارية في اتباع إجراءات الوقاية والسلامة من هذا البلاء الذي ابتلي به العالم أجمع ..
وخير ختام في هذا المقام قول رب الأنام في محكم كتابه العزيز في سورة الكهف:
(إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا (10)
مسهريات يكتبها/ ناصر بن مسهر العلوي