تكتسب الأوامر السامية لحضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق – حفظه الله ورعاه – بتشكيل لجنة اقتصادية منبثقة من اللجنة العليا المكلفة بالتعامل مع تأثيرات فيروس كورونا (كوفيد 19) أهمية كبيرة لمعالجة التداعيات الاقتصادية للفيروس على القطاعات الاقتصادية والعاملين فيها، وإيجاد الحلول التي تسهم في استدامة دوران عجلة الاقتصاد الوطني بكل مجالاته وأنشطته، الأمر الذي يبعث على الارتياح للاهتمام السامي من لدن جلالته بالجوانب الاقتصادية في خضم الكثير من الاهتمامات الوطنية التي تتزاحم على إدارة شؤون دولة بحجم السلطنة لها التزاماتها وواجباتها الداخلية والخارجية.
بلا شك أن تشكيل لجنة اقتصادية برئاسة معالي وزير الداخلية رئيس اللجنة العليا له دلالات كبيرة لعل من أهمها أنها تعكس اهتمام جلالة السلطان شخصيا بتدارس التأثيرات الاقتصادية للأزمة الصحية وانعكاساتها على مجمل الوضع الاجتماعي، وباعتبار أن الاقتصاد وسلامته يشكل عصب الحياة في عالم اليوم.
وما من شك أن ثمة تأثيرات وانعكاسات لامست اقتصادنا الوطني في الصميم، كغيره من اقتصاديات كل دول العالم بغير استثناء، وربما هي المرة الأولى في التاريخ الحديث التي يعاني فيها كل سكان كوكب الأرض من تأثيرات مرض واحد، ومن هنا جاءت كلمة جائحة باعتبارها هما عالميا واحدا.
وفي إطار هذه الحقيقة فإن كل دول العالم تتسابق الآن في السعي لكيفية المواءمة ما بين جدلية التعايش القسري مع هذا الزائر الثقيل وما بين حتمية دوران عجلة الاقتصاد، وهي واحدة من أصعب المعادلات الرياضية والحسابية والتي لا بد من إيجاد توازن دقيق لها؛ فأي خطأ في وزن هذه المعادلة الرياضية ستكون له عواقب ربما قد تغدو وخيمة.
ومن هنا جاء الاهتمام السامي لحضرة صاحب الجلالة بإيجاد اللجنة الاقتصادية التي من أولى واجباتها وضع الحلول وأسس التعامل والتعايش مع الفيروس وبنحو يضمن عدم توقف منظومة الحياة الاقتصادية وبالتالي ضمان دوران عجلة اقتصادنا الوطني بدون توقف بإذن الله بالمواءمة بين تأثيرات كوفيد وبين إيجاد صيغة ملائمة تضمن عدم توقف شهيق وزفير الاقتصاد، وهو ذاته شهيق وزفير الناس، فإنْ توقف الأول -لا قدّر الله- فما من شك أن الثاني سيتوقف تلقائيا؛ فالارتباط بينهما وثيق ودقيق.
فاللجنة المنبثقة من اللجنة العليا أمامها تحد هو الأكبر في تاريخ السلطنة الحديث، وهي بطبيعة الحال في حاجة لتضافر كل الجهود مؤازرة لها في جهودها تنفيذا للأوامر السامية بما يضمن الاستدامة الاقتصادية بصيغ أكثر واقعية تسهم في معالجة الاختلالات بدون الاعتماد الكلي على ما ستفضي إليه اللجنة من حلول والتي من الطبيعي ألا ترضي الجميع، بل إنها ليست قادرة على إرضاء الكل.
بطبيعة الحال فإن اللجنة ستعمل على وضع الأسس والقواعد التي تضمن دوران آلات وماكينات المصانع، وضمان إنتاج المزارع، وتأكيد تدفق الإنتاج بكافة أشكاله وأنواعه، مع التسليم بأن كوفيد لا يزال يسمع ويرى.
بالطبع أنْ يظل الحظر قائما والحركة متوقفة إلى ماشاء الله فذلك أمر لا يستقيم والمنطق، كما لا يستقيم مع حتمية وجدلية استمرار الحياة.. وهو ما يجب الوعي به من الجميع، وأن نعمل على تلافي التأثيرات السلبية لفيروس كورونا من خلال الالتزام بالتعليمات.
نأمل أن توفَّق اللجنة في مهمتها، في انتظار ما تقدمه من رؤى ليتم تنزيلها لأرض الواقع لتغدو منهاج حياة وقاعدة للتعامل مع الواقع وبما يضمن ويكفل استمرار دوران عجلة اقتصادنا الوطني بغير توقف .. وأن نكون أكثر واقعية في طلب المعالجات بحيث لا تكون عبئا على الدولة.
علي بن راشد المطاعني
٢٠٢٠/٦/١٦م