تعتبر مهنة تربية نحل العسل من المهن العمانية القديمة، وأحد مصادر الدخل الرئيسية للعديد من الأسر التي تعمل في هذا المجال، وهي تساهم في دعم الاقتصاد الوطني من خلال تلبية حاجة السوق المحلية من العسل العماني وتصدير الفائض منه الى خارج السلطنة.
وتقام في السلطنة سنويًا سوق للعسل العماني بمشاركة عدد من النحالين من مختلف المحافظات بهدف التعريف بالمنتج العماني من أنواع العسل ومنتجات النحل الأخرى، إلى جانب التقاء منتجي العسل ببعضهم وتبادل الخبرات فيما بينهم في مجال تربية نحل العسل.
وتسعى وزارة الزراعة والثروة السمكية ممثلة بالمديرية العامة للزراعة والثروة الحيوانية بمحافظتي جنوب وشمال الشرقية بإبراء الى تشجيع وتحفيز النحالين العمانيين على تربية السلالة العمانية من النحل بهدف الحصول على إنتاج وفير من العسل ذي الجودة العالية.
يقول عبدالله بن سالم الحارثي رئيس قسم تربية وإكثار نحل العسل بالمديرية العامة للزراعة والثروة الحيوانية بمحافظتي جنوب وشمال الشرقية: “تقوم المديرية بتقديم الدعم اللازم للنحالين من خلال توفير الأدوات والوسائل التي تسهم في الإكثار من النحل العماني، وإنتاج كميات وفيرة من العسل العماني ذي القيمة الغذائية العالية، إلى جانب تنفيذ العديد من البرامج والندوات والمحاضرات التوعوية للنحالين حول الطرق الصحيحة في تربية النحل العماني، ونشر الكتيبات الإرشادية التي تعرف بالأساليب الصحية لتربية النحل العماني، مشيرًا الى أن عدد مربي النحل في ولايات محافظتي جنوب وشمال الشرقية حسب إحصائيات المديرية لعام 2019م بلغ 488 نحالًا، و 290,36 خلية نحل”.
وأوضح في حديث لوكالة الأنباء العمانية أن تربية نحل العسل تتم بطريقتين إحداهما تقليدية والأخرى حديثة، ففي التربية التقليدية تستخدم جذوع أشجار النخيل المجوفة بطول (80سم) وقطر داخلي (20سم) وتجهز بعد تركها تجف قبل استخدامها كخلايا مع استخدام قطعتي خشب (كرب) لتغطية الفتحات الأمامية والخلفية مع ترك فتحة صغيرة لسروح النحل في أسفل الجذع، ويتم إسكان الطرود بها بوضع قطعة من الشمع في وسط التجويف.
أما طريقة التربية الحديثة فتستخدم فيها خلايا خشبية متحركة تعرف باسم (لانجستروث) وتتكون من (حامل الطائفة) وهو عبارة عن حامل من الحديد محمول على أرجل يوضع أسفله زيت لمنع النمل من الوصول للطائفة، و(قاعدة الخلية) وهي عبارة عن وجهين مختلفين في الارتفاع أحدهما صيفي والآخر شتوى، و(صندوق التربية) يعرف باسم “الحاضنة” وهو عبارة عن متوازي مستطيلات يتسع لعشرة إطارات ويضم أقراص الحاضنة المخصصة لوضع البيض، و(باب الخلية) وهو قطعة من الخشب للتحكم في مدخل الخلية طوله 37 سم، وله سمكان الأول 05. 2سم والثاني 05. 1سم وبه الفتحة الصيفية والشتوية، و(الإطار) وهو الهيكل الخشبي الذي يثبت به الأساس الشمعي لتقوم الشغالات بمط جدار العيون السداسية المطبوعة عليه ويسمى بعد ذلك بقرص الشمع الممطوط ويتكون من قمة الإطار وطولها47 سم، ويوجد بسطحها فراغ لتثبيت شريحة الأساس الشمعي وتزيد قمة الإطار عن قاعدته بمقدار قليل حتى يمكن تعليق الإطار داخل الخلية.
ويوجد في السلطنة نوعان من نحل العسل الأول يعرف بـــــــــ النحل البري الصغير المعروف محليًا باسم “أبوطويق”، وينتقل هذا النوع من النحل من مكان إلى آخر حسب الظروف البيئية الملائمة لحياته، ففي فصل الشتاء يسكن كهوف الجبال ليحتمي من برودة الشتاء، أما في فصل الصيف ينزل ليستقر في المزارع وحدائق المنازل إذ يستلطف درجات الحرارة.
وحجم نحل هذا النوع صغير نسبيًا لذا فان كمية العسل التي تنتجها الخلية الواحدة قليلة مقارنة بخلايا النوع الثاني من النحل ولهذا يكون سعره مرتفعًا نظرًا لقلة إنتاج الخلية من جهة ولقلة عدد خلايا هذا النوع من جهة أخرى، إذ تصل عدد خلايا هذا النوع الى بضع مئات فقط منتشرة في أرجاء السلطنة.
أما النوع الثاني من النحل العماني فيعرف باسم “المستأنس” وهو صغير الحجم لونه أصفر، وتتم تربيته بالطرق التقليدية داخل جذوع النخيل المجوفة، أو بالطرق الحديثة داخل خلايا خشبية، ويتميز هذا النوع من النحل بأنه لا يميل إلى الشراسة، وهو ذو إنتاج عالٍ، ومقاوم لمعظم الآفات والأمراض، وذو كفاءة عالية في جمع الرحيق وحبوب اللقاح وتخزينها، كما أنه مقاوم للظروف الجوية وخصوصًا درجات الحرارة المرتفعة.
وأوضح عبدالله بن سالم الحارثي رئيس قسم تربية وإكثار نحل العسل بالمديرية العامة للزراعة والثروة الحيوانية بمحافظتي جنوب وشمال الشرقية أن من الشروط الواجب توفرها عند إقامة المنحل أن يكون في منطقة زراعية تخلو من المناحل الأخرى، وعدم تجاوز عدد الطوائف الموجودة فيه لأكثر من 100 طائفة، وأن تكون المنطقة هادئة وبعيدة عن مصادر التلوث والضجيج، كما يفضل إقامة المنحل تحت الأشجار حيث الظل لتجنب تعرضه لحرارة الشمس المرتفعة في الصيف.
من جانبه يقول خميس بن سالم الغيثي أحد النحالين بولاية إبراء: “يعتبر مشروع تربية نحل العسل من المشاريع الاقتصادية ذات الإيرادات الجيدة، وهو يسهم في توفير فرص عمل للباحثين عن عمل من الأيدي الوطنية، ويدخل شمع نحل العسل في صناعات كثيرة أهمها صناعة الأساسيات الشمعية والصناعات الدوائية وشموع الإنارة وبعض أنواع مواد التجميل”.
ويصل سعر عسل (أبوطويق) إلى 150 ريالاً للكيلو الواحد أما عسل التربية للسمر أو السدر فيتراوح سعره من 25 إلى 35 ريالًا، وعسل البرم 25 ريالاً والأعشاب 10 ريالات، ويتم الترويج وبيع العسل من خلال استخدام وسائل التواصل الاجتماعي وبواسطة التواصل بين أبناء المجتمع المحلي.
جدير بالذكر أن العسل العماني يتميز بجودته العالية، وقيمته الغذائية المرتفعة بسبب وجود غطاء نباتي كبير من الأشجار المتنوعة كأشجار السمر والسدر والغاف والشوع والقفص والسرح والحرمل مما يوفر مراعٍ طبيعية جيدة لحبوب اللقاح والرحيق لنحل العسل.
/العمانية/