مع بداية عصر النهضة المباركة تهافت العمانيون لبناء هذا الوطن وافنى حياته كلها في سبيل العطاء والتنمية، كلا حسب اختصاصه وقد اصبحت عمان اليوم نموذجا لبلد متطور في شتى مجالات الحياة المختلفة وذلك بفضل الله ثم بفضل السواعد العمانية التي افنت حياتها في البناء والتطوير.
يمر الانسان في حياته بالكثير من المراحل منها الدراسة ومن ثم المرحلة الجامعية ثم الوظيفة و بعد ذلك يمر بمرحلة التقاعد وربما تكون من اصعب المراحل في حال ان الانسان لم يخطط لها بالشكل المطلوب، حيث ان الانسان في مرحلة الوظيفة يكون ملتزم بنظام معين هو الذهاب الى العمل في وقت محدد والخروج في وقت محدد والمكوث في العمل لمدة طويلة تمتد ل 7 او 8 ساعات ولسنوات طويلة تمتد لأكثر من 20 عاما.
الجميع يظن بأن العطاء فقط يكون اثناء مسيرة العمل وهذا مفهوم خاطئ، والمفهوم الصحيح هو أن العطاء يستمر حتى ما بعد مسيرة العمل اذا ما تم التخطيط له بشكل جيد بحيث يتم توظيف المهارات والخبرات التي اكتسبها الانسان اثناء فترة عمله خلال فترة التقاعد بالطريقة الصحيحة وفي المكان الصحيح. يمكن للانسان التعريف بالمهارات التي اكتسبها خلال فترة عمله للاخرين من خلال وسائل التقنية الحديثة بالاضافة الى وسائل التواصل الاجتماعي. بحيث يشارك الاخرين معلومات تفيدهم في اماكن عملهم. ويمكنه عمل دورات تطوعية للتعريف بالمهارات والخبرات التي اكتسبها.
على المتقاعد ان لا يستغل وقته للحديث عن الامور السلبية التي ليس منها أي جدوى وتؤثر على الصحة العقلية والنفسية والبدنية والحياتية وتؤدي الى الشعور بعدم الرضا القلق والتوتر والاكتئاب، عليه ان يكون ايجابي هذا سوف يشعره بالرضا والراحة في النفس، وعليه أن يتكيف مع المتغيرات الحياتية. يمكن له مشاركة المعلومات بشكل عام التي اكتسبها خلال فترة عمله وتجاربه التي يمكن ان يستفيد منها الاخرون سواء كانت ادارية أو مالية أو فنية، وعدم مشاركة المعلومات السرية.
ربما تكون النصيحة الاولى التي يستقبلها المتقاعد هي فتح مشروع تجاري، وهذه الفكرة ليست صحيحة حيث ان المشاريع التجارية يجب ان تكون فيها دراسة جدوى لتكون مشاريع ناجحة، وليست فقط لشغل وقت الفراغ. يمكن له دراسة الامكانيات التي توجد لديه والمساهمة بشكل فاعل في المجتمع وذلك اما من خلال الانتساب والمشاركة في جمعيات أهلية تطوعية والمساهمة بالخبرات والمهارات التي اكتسبها مع هذه الجمعيات وسوف يساهم ذلك في تطوير الجمعيات بأشخاص ذوي خبرة مما يساهم في عملية التنمية في السلطنة.
على المتقاعد أن يطور سلوكياته الى ما هو أفضل لان فترة التقاعد بحاجة بشكل اكبر لان يكون الشخص اكثر اجتماعي ونشط وصاحب روح مبادرة ومتداخل أكثر مع الاخرين، ومتجاوب في حال طلب منه إنجاز بعض الاعمال أو المشاركة في أي نشاط أو فعالية يمكن ان تساهم في تسريع عجلة التنمية وتطويرها.
يمكن للانسان البحث عن مهارات جديدة يمكن أن يكتسبها ويوظفها في المكان الصحيح على سبيل المثال (اللغات : اسبانية – المانية – صينية- فرنسية- تركية …الخ)، بالإضافة الى التعرف على ثقافات جديدة من دول العالم المختلفة ويمكن الاستعانة بموقع اليوتيوب حيث يوفر العديد الفيديوهات عن تعلم اللغات والعادات والتقاليد والقوانين والتشريعات للدول الاخرى ، مما يساعد على زيادة الادراك والوعي.
يجب على الانسان المقبل على التقاعد دراسة نتائج جميع الفرص والمخاطر المحتملة اذا ما اقدم على هذ الخطوة، وينصح بعدم التسرع في اتخاذ قرار التقاعد لانه قرار مصيري، في حال عدم دراسة الموضوع بشكل مستفيض من جميع الجوانب سوف يؤدي ذلك الى وجود فراغ كبير لدى الشخص. وربما تكون هنالك فرصة مقبلة اليه ستزول بمجرد خروج الشخص الى التقاعد، ومن المخاطر عدم وجود أي شخص يمكنه مشاركته الوقت، لأن الجميع لديه أعماله الخاصة التي يقوم بها.
عدم تقديم طلب التقاعد أثناء وجودك تحت ضغط العمل، أو وجود مشكلة معينة أثناء فترة عملك، لان هذا الشيء يجعلك تتخذ قرارات خاطئة ربما يكون لها الاثر الكبير عليك فيما بعد. يجب ان يكون تقديم طلب التقاعد مع وجود صفاء ذهني وإعطاء لنفسك الوقت الكافي لاتخاذ القرار ووجود خطة بديلة للعمل بها مستقبلا.
يجب أن يكون قرار التقاعد مدروس بعناية بحيث يشمل الوضع المالي بعد التقاعد هل المبالغ المالية المكتسبة كافية للمعيشة أم لا، هل تستوفي جميع الاحتياجات والمطالبات، هل توجد فرص وظيفية آخرى، كيفية ملء وقت الفراغ اثناء فترة التقاعد.
يمكن للانسان البدأ بأي لحظة للتخطيط ورسم الخطط لبداية جديدة وشغل وقت الفراغ بما هو مفيد له وللاخرين، عُمان بحاجة الى سواعد هذه الخبرات والمهارات التي ساهمت في عملية التنمية والتطوير لبذل المزيد من العطاء.
سامر بن محمد البلوشي