النجاح في كل شيء أمر صعب ، لكن ضحى استطاعت أن تكون متميزة في عملها وحياتها، متأنية ومتفانية ومجتهدة، ورغم كل محاولاتها للنجاح والتفوق باتت كل محاولاتها بالفشل وها هم يستغنون عن الأغلبية المطلقة ولم يبقى في الشركة إلا العدد القليل من الأشخاص الذين تم التعاقد معهم، والحرص على بقائهم، أولئك لم يستلزمهم الأمر أن يعملوا للشركة بحب وولاء لأن ضحى كانت تقوم بكل أعمالهم المتراكمة، ورغم محاولاتها المتكررة لطلب التوثيق لها بعقد دائم كان شبه مستحيل، وكل ماتوقعت حدوثه بالفعل حدث، لقد استغنت الشركة عن خدماتها وهي الموظفة المجتهدة التي كانت تحاول أن ترفع من مستواها الوظيفي رغم كل المسؤوليات التي كانت على عاتقها، إلا أنها أحبت العمل، أين ستجد عملا خلال هذة الفترة الكل يبحث عن عمل في القطاع الخاص والحكومي ولا فائدة، فسنواتها الأربع هي أجمل ماحدث لها،جلست على كرسي بجانب البحيرة المتواجدة في الحديقة العامة، لم تتحمل الظلم الذي حدث لها، فبكت بحرقة، نفضت عن كاهلها صعوبة الموقف فجلوسها وحيدة تفكر بعمق في كيفية الخروج من هذه الأزمة جدد الأمل في نفسها، انحدرت دموعها الصادقة فالألم يعتصر قلبها و مجرد التفكير أنها تركت شيئا أحبته يخيفها، كان أمرا خارجا عن إرادتها. ، ارتاحت نفسها قليلا، عليها أن تفكر ماذا ستفعل الآن؟؟
لقد قدمت في أماكن كثيرة، ولكن المكان الوحيد الذي وافق عليها متوقف على عملها كمحاسبة في المركز التجاري القريب من عملها القديم، وبأجر زهيد لا يوازي عملها القديم، ولكنها وافقت، فلديها التزامات وجمعيات وأقساط عليها دفعها، لقد تحملت أعباء المنزل منذ وفاة أبيها فلم تكن بحاجة إلى من يوجهها للأفضل، فتزوج إخوانها الثلاثة، وكل منهم تحمل أعباء أسرة ومسؤوليات أخرى غير أختهم التي لم تخبرهم عن تسريحها من العمل ولا عن عملها الجديد، المهم أن تنجح من جديد، فلا بد أن القادم أفضل.
كانت تقوم بحساب مشتريات أحد زملائها السابقين في العمل حين فاجأها جلال بسؤالها :
هل أنت مرتاحة لهذا العمل؟؟
أجابتة بصدق :ليس كعملي السابق، ولا الأجر نفسه، المهم أن استمر، أليس كذلك؟.
كادت أن تبكي ولكنها تماسكت برباطة جأش واستمعت له وهو يقول :
قدمي أوراقك في هذة الشركة.
تأملت ( الكارت) الصغير الذي أعطاها إياه، فردته بلطف قائلة :
لا داعي لذلك، لقد قدمت أوراقي بالفعل منذ فترة طويلة ولا من مجيب.
أحست باستغرابه وهو يسألها : أأنت متأكدة؟
نعم، فأنا لم أترك مكان إلا وقدمت أوراقي فيه ولم يتقلبلني احد إلا هنا، وها أنا في خدمتكم سيدي وشكرا لتسوقكم معنا، عودوا لزيارتنا.
أنهت معاملتها مع زميلها جلال وأخذت استراحة قصيرة فالعمل كثير وشاق ولكن عليها أن تحترم رؤساء عملها، فالحديث الطويل مع المشترين ممنوع أثناء العمل.
بعد عدة أيام تفاجأت برسالة غريبة بأنه قد تم قبولها في نفس الشركة التي تحدثت مع زميلها جلال في الأيام السابقة.
هل هذا صحيح؟؟ إنها لا تصدق. قدمت إجازة وأسرعت للشركة لتتأكد من الأمر، فوجدت زميلها جلال مرحبا بها ومهنئ لها قبولها في الشركة، سألتة كيف حدث ذلك؟؟
عندما رأيتك ذاك اليوم وقلتي لي بأنك قدمت أوراقك للشركة، عدت وتأكدت من الأمر واطلعت على ملفك الخاص وكانت مقابلة العمل ناجحة جدا وقد تم ترشيح و اختيارك بالفعل للعمل ولكن لسفر المسؤل المفاجئ عن هذة الأوراق تم وضع الملف الخاص بك في مكان آخر لم يعرف أحد لتقدمك للعمل، ولكن بعدما تحدثت إليك وأشرت بأنك قد تقدمت بالفعل أسرعت للإطلاع على كل الملفات الى أن وجدته ، وها أنت من النخبة المختارة لضرورة العمل ، انت تستاهلين أكثر من ذلك فلقد كنت نعم الموظف المجاهدة التي تحب عملها وتتفانى فيه و تتقدين حماسا وحبا له وكل ما أريده منك هو موافقتك على العمل معنا، وهذا العقد الذي يضمن حقك ، قومي بقراءته ومراجعته جيدا وسأعود إليك من جديد، تأملت العقد وبدأت بقراءته، لم يكن عقدا سنويا بل هذا عقدا مثبتا دائما في العمل وبأجر مضاعف، سجدت لله حمدا وشكرا بأنه استجاب لدعائها، فتقدم منها جلال قائلا : أنت إنسانه تستحق أن تكون في عمل دائم لأنك متفانية ومجتهدة ولكل مجتهد نصيب فمرحبا بك معنا.
الهام السيابية