الحياة بكل مجرياتها لاتسوى عندالله جناح بعوضه كما قال الله سبحانه وتعالى ولكن رغم ذلك فهي مدعاة للتأمل فيها ! علما بأننا نحن البشر ركيزة من الركائز التي تستند عليها الحياة الدنيا .
نعم وربما نكون الركيزة الأساسية فيها ولها فكل مافيها هو مسخر لنا من قبل الله تعالى لماذا ؟! لأن آدم – عليه السلام – هو خليفة الله في الأرض (( وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ۖ قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ ۖ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ )) لذا فإن الله تعالى حينما أراد للإنسان أن يكون خليفته في الأرض سخر له كل مافي الأرض والسماء، فالشمس والقمر والنجوم والكواكب وعشرات الآلاف من المجرات، وتعاقب الليل والنهار كلها جعلت من أجل الوجود البشري على هذه البسيطة وبالتالي فإن هذا الكون المليئ بكل الأجرام السماوية المنتظمة في سائر حركتها المتوالية طيلة الأيام والأسابيع والشهور والسنين والأعوام وعلى مدى الأمد الحياتي!!
وهذا الحال هو مدعاة للتفكر والتدبر والتبصر في ملكوت الله عزوجل! نعم فعلى الرغم من أن هذا النظام الإلهي الواضح في هذا الكون الفسيح خلقه الله ليسعد به كل البشر إلا إنه من الواجب على البشر ايضا أن يتفكروا فيه وأن يتبصروا في عظيم عطاء الله لهم ، فالقرآن الكريم دائما مايدعو إلى التدبر ليستيقن الإنسان ولكي يصل إلى نتيجة حتمية وهي أن هذه الحياة برمتها هي من صنع الله الواحد القهار وليست من صنع احد سواه!! يقول الله تعالى :- (( أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا ۖ وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ ۖ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ)) .
فالإنسان مطالب بأن يفجر طاقات فكره في هذا الكون الفسيح العجيب سيما الإنسان المسلم ليصل إلى مرحلة الازدياد الإيماني الخالص واليقين التام إلى وجود الله الأبدي وأنه هو الإله الحق، وهذا الإيمان يجعلنا دائما ربانيين أي أننا حينما نخشى الله فإننا نخشاه بحق فتزيد في دواخلنا حالة الخوف منه سبحانه وتعالى وحالة الرجاء والالتجاء إليه في كل الملمات ؛ من أجل هذا كله فلنشكر ربنا جل وعلى! على هذا العطاء الواسع الذي ليس له حدود ويكفينا شرف وحسبنا قول الله تعالى:- (( إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَراً مِن طِينٍ{71} فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ )).
فقد خلق الله تعالى الإنسان وشرّفه بأن نفخ فيه من روحه سبحانه وتعالى!! فأي شرف أجل وأبر من هذا الشرف ولذلك يتوجب علينا شكر الله على هذه النعم التي ساقها لنا والينا! فبالشكر سيديم الله علينا عطائاته بل إنه سيزيدها لنا وعلينا فحسبنا قوله تعالى((وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ۖ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ )) صدق الله العظيم، فشكرا لك يارب على ما أنعمت وأعطيت
فاضل بن سالمين الهدابي