(أفا.. راحت علينا الحفلة) تلك كانت الرسالة النصية التي أرسلتها فاطمة إلى مديرتها بعد إتمام طلبيات حفلة العيد الوطني التي تقدر بمئات الريالات من أجل أن تظهر مؤسستها عروسا وحتما سينتهي فرحها بنهاية ذلك العرس!
نعيش هذه الأيام غمرة أفراح العيد الوطني الواحد والخمسين المجيد من حفلات واستقبالات وبرامج متنوعة والتي تسمو فيها قيم الوطنية ولكن لنتأمل بصدق مع أنفسنا في السؤال التالي : هل ننمي قيم المواطنة لدينا بقدر ما تبدت لدينا مظاهر الوطنية؟
الكثير أصيب بالإحباط بعد قرار منع الحفلات الوطنية التي قد تساهم في حدوث التجمعات وزيادة الإختلاط وذلك يتنافى مع الإجراءات الإحترازية المتبعة حاليا للحد من جائحة كورونا وقد صب البعض جام غضبه ولسان حاله يقول (الحين يتكلمون.. خلاص نحن مجهزين) وكأن هدف الإحتفاء بهذه المناسبة يكون في كيكة بألوان العلم أو توزيعات منمقة بكلمات أو هدايا مغلفة مع شريطة ملونة دون التركيز على لب الهدف من إحياء هذه المناسبة الوطنية وسينفض السامر وبعدها (تعود حليمة لعادتها القديمة).
لا يمكن أن تتحقق مقاصد الإحتفاء بالعيد الوطني لدى علان وهو إتكالي وغير مجتهد في عمله ويمضي حياته بعلاقات المحسوبية والعنوان الرائج (أنا جاينك من طرف فلان) ومغلبا للمصلحة الشخصية على المصلحة العامة ومتجاوزا للقانون متى ما سنحت له الفرصة ضاربا بذلك المبادئ الأخلاقية وأتذكر هنا موقفا لأحد الطلبة في فترة الإستراحة بعد أداءه لفقرة وطنية أثناء حفلة العيد الوطني في مدرسته حيث قام برمي بقايا طعامه في ساحة المدرسة رغم أن المسافة بينه وبين سلة المهملات مترا واحدا !
كثيرة هي القيم والموضوعات التي من لابد أن نتطرق لها في محفلنا الوطني هذا كتعزيز المشاركة التطوعية المجتمعية والتعاون لحل المشكلات وحماية البيئة والحفاظ على الممتلكات العامة وغرس فضائل التضحية والتسامح واحترام الآراء والقانون والتكامل الإجتماعي والأخلاق الحسنة واستذكار التراث الوطني الذاخر بما فيه من شخصيات تركت الأثر الكبير في تاريخنا العماني والأمثال الشعبية المرتبطة بإرثنا الحضاري والقصص الهادفة بالإضافة إلى تعزيز رصد الإيجابيات وعدم تصيد الأخطاء لمجرد التصيد والتصعيد وزرع الثقة في قدرات الفرد لخدمة مجتمعه أينما كان موقعه وذلك مما يدخل في مسؤولية الأسرة والمدرسة ووسائل الإعلام والمساجد والقطاع الأهلي بشكل عام.
وعودة إلى مديرة فاطمة التي أجابت الرسالة برسالة مفادها أنه لا هدر بإذن الله فيما أتممنا تجهيزه وسيحول جزء منه للعمل الخيري بإسم المؤسسة وسنغير برنامج الإحتفال بالعيد الوطني ليكون مرتكزا على تعزيز قيمة التعاون وحل المشكلات في المؤسسة مما يعزز إنتاجية الموظفين وبذلك يتحقق الأثر إن شاء الله وكل عام وانتم بخير.
محمد بن عبدالله سيفان الشحي
١٨ نوفمبر ٢٠٢١ م