لم يخطئ الشاعر العربي الكبير نزار قباني عندما أطلق أول تحذير للنظام الرسمي العربي في قصيدته متى يعلنون وفاة العرب؟ حيث يعيش هذا النظام مرحلة عصيبة في تاريخه الحديث، والسؤال الذي يطرح نفسه هنا الى متى سيستمر النظام العربي في التراجع؟ ندرك جيدا أن هناك ضغوطات وأن هناك تدخلات خارجية وأن هناك استهداف خارجي بصريح العبارة، ولكن هذا التدخل والاستهداف لا يعني تقديم التنازلات والاستسلام أمام هذه الضغوط، لأن ذلك يعني التخلي عن المبدأ ويؤدي الى زيادة الضغوط عندما يضع العرب أنفسهم في هذه الزاوية الضيقة، ونحن هنا نبحث عن حالة من العزة والكرامة لهذه الامة من خلال استخدام ما يمكن من أوراق لمجابهة هذا التغول الخارجي وهذا الخنوع الممقوت، نحن نريد أن استخدام الاوراق الممكنة فقط، فهناك من الاوراق ما يمكن استخدامها، كما أن المبدأ لا يمكن التفريط به، فإلى متى سنظل نجلد الذات الى متى سنترك الفجوة تتسع بين النظام الرسمي العربي والشعوب؟؟
المشروع الخارجي في المنطقة يعتمد على مسارين (اسرائيل – الهيمنة والنفوذ) بعدما كان يقوم على اسرائيل والنفط، حيث أصبحت الهيمنة والنفوذ تأخذ أشكالا متعددة منها السيطرة على مصادر الطاقة والثروة، والسيطرة على القرار السيادي السياسي والاقتصادي العربي مثل الابتزاز السياسي وصفقات السلاح واستنزاف الثروات العربية والقواعد العسكرية وتوظيف السياسات العربية لصالح أجندتها الخارجية في لعبة دولية ماكرة، فأصبح بعض العرب للأسف جزءا من أدواتها توجه مواقفهم لخدمة أجندتها السياسية مثل المواجهة مع ايران والعقوبات المنفذة على الدول ومواجهة المحاور الدولية الأخرى وصولا لارتكاب خطيئة السفاح السياسي مع كيان الاحتلال، وهذا يؤدي الى توسيع الفجوة بين الانظمة السياسية والشعوب، وعندما تحين لحظة التخلي عن اي نظام سيقع صريعا في اطار الفوضى الخلاقة أو مساعدة وتمرير أي حركة داخلية لقلب النظام متى ما انتهت صلاحيته .
لا أعلم على وجه الدقة لماذا تمعن وسائل الاعلام الصهيونية وبعض المسئولين في كيان الاحتلال وبعض معرفي وسائط الاعلام الملفقة للاكاذيب، لماذا يمعنون في إهانة النظام الرسمي العربي بعد أن تحقق لهم حيز كبير من القبول لدى النظام الرسمي، هل هم يمارسون مشروع الفوضى الخلاقة لضرب ما تبقى من الدولة الوطنية أم للتمادي في اشباع غريزتهم العدائية ضد العرب؟! لكن ما أدركة على وجه الدقة أن هؤلاء الصهاينة وحسب قراءة التاريخ انه لا عهد لهم ولا ميثاق بل أن من يطبع العلاقة معهم كمن يقترب من نافخ الكير وحاشى نافخ الكير عنهم، أحدهم من شدة كذبه أصبح يصدق نفسه على وسائط الاعلام ويتشدق أن التطبيع مع الشعوب العربية لا يهمنا، وهو هنا يعبر تماما عن أزمته الأزلية مع الرفض الشعبي العربي وعدم الاعتراف بكيانه، ونضيف له معلومة قد تكون جديدة عليه وهي أنهم منبوذين ومرفوضين من العالم كله وعليه قراءة تاريخ الصهيونية القصير جيدا .
هناك عدة أوراق يمكن التعويل عليها أولها استعادة وحدة الموقف العربي القائم على الثوابت العربية، أما الورقة الأخرى التي يجب التعويل عليها فهي الشعوب العربية فهي تمثل خط الدفاع الاول مع النظام الرسمي العربي فهي تشترك في تحمل المسئولية، ولا شك أن الشعوب العربية حية وباقية وهي مصدر قوة يجب التمسك بها لا توسيع الفجوة معها، أما الورقة الثالثة التي يمتلكها النظام الرسمي العربي فهي تعدد المحاور الدولية وربط المصالح العربية معها، فلماذا تتحكم بالموقف العربي لغة الخنوع علما بإن ثمن الذل هو الأشد إيلاما والأكبر خطرا والأكثر فداحة؟!
اليوم بات على النظام الرسمي الادراك أن الشعوب هي جزء أصيل من هذه المنظومة العربية بمختلف فضاءآتها وديمغرافيتها السكانية ومصادر قوتها، والنظام السياسي العربي هو المسئول عن إدارة كل تلك المقومات المتوافرة على طول الجغرافيا العربية وذلك قبل فوات الأوان .
خميس بن عبيد القطيطي