مسقط في 15 ديسمبر /العمانية/ دشن المتحف الوطني بقاعة عظمة الإسلام في محافظة مسقط اليوم معرض “جنات الفردوس: لغة الزهور في فن خزفيات الإزنيق” الذي يقيمه بالتعاون مع متحف اللوفر أبوظبي، تحت رعاية صاحبة السمو السيدة منى بنت فهد آل سعيد، مساعدة رئيس جامعة السلطان قابوس للتعاون الدولي ونائبة مجلس أمناء المتحف الوطني.
يهدف المعرض إلى تسليط الضوء على فن خزف الإزنيق المزخرفة بالزهور وما تجسده من رموز خاصة تتعلق باستحضار الأوصاف القرآنية التي تُذّكر بجنات الفردوس، ويستمر المعرض عامًا كاملًا (من 15 ديسمبر 2021م حتى أول ديسمبر 2022م).
وقال سعادة جمال بن حسن الموسوي، الأمين العام للمتحف الوطني إن المتحف الوطني يتشرف اليوم باستضافة أشقائه من متحف اللوفر أبو ظبي في معرض بعنوان: “جنات الفردوس: لغة الزهور في فن خزفيات الإزنيق” تجسيدًا للتعاون الثنائي، والذي أرسيت دعائمه في العام (2017م)، عندما أعيرت مجموعة من المقتنيات المتحفية العُمانية لتكون متاحة للمشاهدة بين جنبات متحف اللوفر أبو ظبي وتعريف الزوار بحضارة أرض اللبان والدور الحضاري لعُمان على طريق الحرير البحري”.
من جانبه قال مانويل راباتيه، مدير متحف اللوفر أبو ظبي: “نفخر بإعارة خزفيات من إزنيق من القرن السادس عشر من مجموعة المتحف الفنيّة إلى المتحف الوطني للمرة الأولى في المنطقة”.
وأضاف: “يأتي ذلك في إطار مهمتنا التي تقوم على إتاحة مجموعتنا الفنيّة إلى الجمهور بأوسع نطاق ممكن وعلى تعزيز شراكاتنا مع المؤسسات الثقافية والفنيّة”.
ويزخر معرض اللوفر أبوظبي بمقتنيات منتقاة من فنون خزف الإزنيق المُزخرفة بالزهور التي تم تصويرها بشكل طبيعي على الأعمال الفنية، حيث مرّ الفن العثماني بشكل عام وفنون الخزفيات بشكل خاص بنقطة تحول في القرن السادس عشر الميلادي.
وقام الحرفيون والخزافون المهرة بإثراء مخزونهم البصري ليشمل تمثيلًا فنّيًا للأزهار المتناسقة من الورد، واللعلع، والقرنفل، والخزامى، وهذا النمط من “الزهور الأربعة” يَخرج عن الأنماط الهندسية السابقة، ويُركز على تصوير أنواع الزهور التي كانت تنمو آنذاك في حدائق إسطنبول.
وكان لبعض الزهور أيضًا أهمية رمزية خاصة، مثل اللعلع (التوليب)، واسمه التركي (لالِه)، ليبدو على شكل زهرة عند تَفتُحها وكأنها ترسم لفظ الجلالة “الله”، أما الورد، فقد ارتبط في أذهاننا باسم رسول الله أبي القاسم محمد بن عبد الله بن عبد المطلب (صلى الله عليه وسلم). وباستحضار الأوصاف القرآنية التي تذكر جنات الفردوس، وهذه دعوة للزائر للتأمل في معاني الزهور وارتباطها بالجنة.
الجدير بالذكر أن “الأزنيق” مدينة صغيرة في تركيا في سهل مرمرة كانت تعرف خلال العصر البيزنطي باسم “نيقيه” وتبعد قرابة 90 كم عن إسطنبول.
وتشتهر المدينة بصناعة الخزف، حيث تعتبر من أعظم مراكز الصناعة الخزفية العثمانية في تركيا، وتأتي زخرفة الخزفيات بالورود والأزهار كنوع من استحضار النعيم الذي سيختص الله به المسلمين في جنات الفردوس، وسيصادفهم فيها ما هو أجمل من هذه الزهور الدنيوية.
وتفتحت زهرة التعاون بين المتحف الوطني في سلطنة عُمان ومتحف اللوفر أبوظبي في العام (2017م) عقب توقيع اتفاقية إعارة قطع متحفية عُمانية بأبعاد تاريخية مختلفة تمثلت في كنز الوقبة التاريخي الذي يضم أكثر من (400) درهم فضي تُؤرخ للعصور الإسلامية المبكرة، ومبخرة صدفية تحمل لبانًا متحجرًا.
وكان ذلك التعاون تعزيزًا لأهداف المتحف الوطني التي رُسمت منذ تأسيسه، ومنها المشاركة في إبراز الموروثين الحضاري والتاريخي لعُمان على المستويات الإقليمية والدولية، بهدف الوصول إلى شريحة واسعة من الجمهور في الخارج، وتوثيق أواصر التعاون الدولي المتحفي مع المتاحف العالمية الرائدة، وبما يُحقق الارتقاء باسم عُمان في المحافل الثقافية البارزة حول العالم.
وأُعيرت تلك المقتنيات لتكون في ضيافة الأشقاء في اللوفر أبو ظبي حتى منتصف العام (2021م) ومثل هذا التعاون يُثمرُ في تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين، وخاصة في المجالات المتحفية والثقافية ويُسهم في تحقيق الريادة المتحفية لكليهما.
يشار إلى أن المتحف الوطني يُعد الصرح المتحفي الأبرز في سلطنة عُمان، والمخصص لإبراز مكنونات التراث الثقافي بشقيه المادي والمعنوي، منذ ظهور الأثر البشري في عُمان وإلى يومنا الحاضر؛ والذي نستشرف من خلاله مستقبلنا الواعد.
وأنشئ المتحف الوطني بموجب المرسوم السلطاني رقم (62/ 2013)، وبذلك أصبحت له الشخصية الاعتبارية؛ بما يتوافق، والتجارب، والمعايير العالمية المتعارف عليها في تصنيف المتاحف العريقة.
ويهدف المتحف إلى تحقيق رسالته التعليمية، والثقافية، والإنسانية، من خلال ترسيخ القيم العُمانية النبيلة، وتفعيل الانتماء، والارتقاء بالوعي العام لدى المواطن، والمقيم، والزائر، من أجل عُمان، وتاريخها، وتراثها، وثقافتها، ومن خلال تنمية قدراتهم الإبداعية، والفكرية، لاسيما في مجالات الحفاظ على الشواهد، والمقتنيات، وإبراز الأبعاد الحضارية لعُمان؛ وذلك بتوظيف واعتماد أفضل الممارسات والمعايير المتبعة في مجالات العلوم المتحفية.
أما متحف اللوفر أبوظبي فهو ثمرة اتفاق استثنائي عُقد بين حكومتي أبوظبي وفرنسا، وقد عمل على تصميمه المهندس المعماري (جان نوفيل)، وفتح أبوابه أمام الجمهور في جزيرة السعديات في شهر نوفمبر من العام (2017م).
واستوحى المتحف تصاميمه من العمارة الإسلامية التقليدية، ويتسلل الضوء من قبته الضخمة لينثر شعاع النور بين جنباته، وقد تحوّل المتحف، منذ عامه الأول، إلى مساحة اجتماعية فريدة تجمع الزوار في جو فني وثقافي متميز.
ويحتفل متحف اللوفر أبو ظبي بالإبداع العالمي للبشرية ويدعو الجماهير إلى تأمّل جوهر الإنسانية بعيون التاريخ ويركّز من خلال منهج استحواذ الأعمال وتنظيم المعارض، على إيجاد حوار عبر الثقافات عبر قصص الإبداع البشري التي تتجاوز الحضارات والمكان والزمان.
حضر التدشين عددٌ من المختصين من متحف اللوفر أبو ظبي، ومن أصحاب السمو والسعادة وسفراء دول الخليج العربي المعتمدين لدى سلطنة عُمان ومن المهتمين بالشأن الثقافي والمتحفي.
/العمانية/
ع م ر