الجزء الثالث :-
-كيف انتصرت تركيا أستراتيجيا على إيران.. وأربكت روسيا واسرائيل ؟-
—هل أن أدارة تركيا لصراع ” قره باغ” بصفقة مع واشنطن ؟
—————————-
تشريح أستراتيجي المخطط التركي الذي بدأ من “قره باغ” ..وبات يُهدد روسيا وإيران وأوربا !
بقلم : سمير عبيد
تشابك الخرائط والطوائف والاديان !
•أولا :-
تعتبر اذربيجان بالنسبة لتركيا الصاعدة بغطاء ديني ونوايا قومية بانها تركيا الثانية والشقيقة الصغرى بالنسبة لتركيا وخصوصا من الناحية القومية . وان أي اعتداء وتحرش وايذاء ضد اذربيجان يعني اعتداء على تركيا وان أي توسع اذربيجاني هو خدمة جليلة لتركيا ومشروعها القومي . وان أي ابتعاد تركي عّن أذربيجان يعني فشل مشروع “العثمنة الجديد”الذي يعمل عليه الرئيس اردوغان بقوة . ولهذا أستبقت تركيا جميع السيناريوهات التابعة لبعض الدول وباغتت الجميع في بالضغط على اذربيجان لتسخين جبهة “قره باغ” واعلان الحرب هناك لتحقيق اهداف جيواستراتيجية لصالح تركيا وسوف نشرحها في سياق هذا التحليل !
•ثانيا :-
وهناك أسباب اخرى جعلت تركيا متمسكة بأذربيجان وعلى الرغم من الاختلاف الطائفي بينهما . ومن هذه الاسباب هي :-
١- لأحياء الشعور القومي والديني بعنوانه الأوسع ” الاسلام” في اذربيجان ليكون بخدمة المشروع القومي التركي المغطى بالشعارات الدينية / الاسلامية وقبل ان أن تحيي ايران الجانب المذهبي والطائفي في اذربيجان وتسحب الشعب الاذربيجاني نحوها ونحو مشروعها القومي المغطى ايضا بشعارات دينية . وحينها سوف تخسر تركيا خسارة جسيمة لأن الشعب الأذربيجاني ٩٠٪ منه من الطائفة الشيعية . وكذلك سنخسر اسرائيل العلاقة الاستراتيجية بين اذربيجان واسرائيل في حالة فوز ايران بكسب الأذربيجانيين الشيعة الى صف أيران ومشروعها الشيعي . وهذا هو سر نجاح تركيا واسرائيل من خلق حالة انعدام الثقة بين باكو وطهران عندنا نجحت اسرائيل بعلاقة استراتيجية مع اذربيجان .ولهذا السبب ذهبت ايران لتصبح حليف لأرمينيا النصرانية وليس حليفا لاذربيجان الشيعية !
٢- لأن الاتراك والاذربيجانيين أشقاء في القومية واللغة والامتداد. ويختلفون في المذهب. لأنه ومثلما اكدنا ان ٩٠٪ من الاذربيجانيين هم من الشيعة بحكم التأثير الايراني الملاصق والمجاور لأذربيجان. ولكن ايران خسرت المعركة لصالح تركيا اخيرا ،وعندما بقيت ايران حليفا لأرمينيا مما سبب احراجا كبيرا للنظام الايراني امام 20 مليون آذري ايراني وأمام ملايين الشيعة في العالم .
——————
تركيا تستبق إيران أستراتيجيا…فتتهافت عليها امريكا واسرائيل !
•أولا :-
نعم .. نجح الأتراك بقوة ومن خلال تسخين ملف ” قره باغ” وعندما نجحوا بأجبار واغراء اذربيجان بفتح الحرب ضد ارمينيا بهدف ارجاع ” قره باغ” الى أذربيجان وهذا يعني توسعة نفوذ اذربيجان .وتركيا تفعل هذا ليس لعيون اذربيجان. بل لتحقيق مصالح أستراتيجية لخدمة المشروع القومي التركي الصاعد بقوة لتحقيق العثمانية الجديدة .
•ثانيا :
فتركيا ويبدو بمساعدة ” واشنطن ” وربما بمساعدة إسرائيل. وربما باتفاق سري بين أنقرة وموسكو( فلقد عُرف عّن الروس بيع حلفائهم في الربع ساعة الاخيرة ولقد فعلوها كثيرا !). وربما هي ضمن خطوات الأتفاق الأغرائي المقدم من واشنطن الى أنقرة لكي تسمح تركيا بتأسيس كيان كردي سوري مقابل اغراءات وضمانات لتركيا في مناطق استراتيجية تهم تركيا ومنها اذربيجان! ..فنجحت تركيا من خلال الصراع في ” قره باغ” من مسك إيران من يدها التي تؤلمها جدا لكي تساومها في ” سوريا والعراق ” .وهذا بحد ذاته يتخادم مع المخطط الاميركي لطرد ايران من العراق ولبنان . ويتخادم مع مخطط اسرائيل لطرد ايران من سوريا.وايضا يريح روسيا لتصبح هي الاول والاخر في سوريا عندما تخرج ايران !
•ثالثا :-
- فتركيا باتت تُمسك نوعا ما بأخطر ورقة تخيف الايرانيين وهي ورقة القوميات الايرانية التي بتألف منها النظام الايراني والوحدة الجغرافية الايرانية . ويبدو ان امريكا واسرائيل في غاية السعادة للشطارة التركية بحيث تهافتت اسرائيل وامريكا على تركيا . وربما هو واحد من الأغراءات التي اعطتها الولايات المتحدة لتركيا مقابل السماح لواشنطن بتأسيس ( الكيان الكردي السوري ) والذي نوه عّن خطورته وزير الخارجية الروسي لافروف عندما قال ( هناك خطة أميركية لتقديم اغراءات وضمانات لتركيا لكي تسمح الاخيرة بتأسيس كيان كردي سوري شبه مستقل ) لأن الولايات المتحدة عزمت على تأسيس هذا الكيان الكردي لتحقيق مصالحها من وراء هذا الاتفاق فهي تريد من وراء هذا الكيان الكردي في سوريا مايلي :-
١- مساعدة واشنطن في مراقبة واغلاق الحدود السورية العراقية عند الطلب !
٢- الاستفادة من الاكراد في حماية المصالح الاميركية في سوريا واولها حقول النفط ومحاربة الارهاب !
٣- الاستفادة من اكراد سوريا في تبديد خطط و احلام ايران والصين من الوصول الى شواطىء البحر المتوسط من خلال العراق فبات هذا الطريق مغلقا من خلال أكراد سوريا .
٤- وبعد الاتفاق مع تركيا ..ذهبت واشنطن من جانب العراق لتمرير ( اتفاق سنجار ) الاخير بين حكومة المركز في بغداد واقليم كردستان في اربيل والذي أتاح للأكراد العراقيين التمددو اغلاق المنطقة بالكامل من خلال دفتي الاكراد السوريين والعراقيين برعاية أميركية وبرضا تركي مقابل امتيازات تقدم لتركيا في العراق وسوريا ودوّل اخرى وصولا الى قره باغ !
لذا ..فقضية ولادة كيان كردي سوري كان يُخيف ويرعب تركيا. ولكن الاغراءات الاستراتيحية الممنوحة لتركيا لا يمكن رفضها والتي تمتد من ( شمال العراق وصولا الى قره باغ )وفيها ضمانات لتركيا بعدم التأثير الايراني على تركيا . لا سيما وان أيران تمر بظروف قاسية تمنعها من مواجهة تركيا. وكذلك تمنعها من فقدان اضعف حليف وصديق لها . فكيف وهي تركيا الدولة المحورية والقوية في المنطقة !
وكذلك تمر طهران في حيرة انعدام الثقة . فهي تعرف ان السعودية والامارات ومصر خصوم الى تركيا. ولكن كيف تتحالف معهم لأيقاف الخطر التركي المحتل لأن الرياض وابو ظبي لا يثقان بايران ، ومصر هي الاخرى حذرة من ايران وتتعرض لضغوط تركية من اجل فتح ورقة جديدة بينهما !
•رابعا :-
نجاح تركيا ورغم الضغوطات بنقل المقاتلين العرب والسوريين والقوقازيين وغيرهم” الجيش الأنگشاري الجديد” الى منطقة الصراع في ” قره باغ” ومثلما فعلت من قبل في ليبيا . وهذا بحد ذاته سبّب هلعاً شديدا للايرانيين والروس معا . بحيث يعني هذا سقوط استراتيجية ايران وروسيا التي من أجلها دخلو سوريا والعراق لقتال الإرهابيين لكي لا يصلوا لحدود وتخوم البلدين. واذا بتركيا تجلبهم نحو حدود وتخوم روسيا وايران .ويبدو هذا سر عدم انتقاد تركيا من قبل واشنطن وتل أبيب لأن وجود المقاتلين والمتطرفين والارهابيين في قره باغ يعني وجود القنابل والاحزمة الناسفة والمفخخات على تخوم روسيا وايران !.
•خامسا :-
نجاح تركيا بتجريب منظومة صواريخ S400 دون ان تعترض الولايات المتحدة التي كانت تمنع ذلك وهذا يدلل انها ضمن صفقة واغراءات مخطط الكيان الكردي في سوريا . ولقد شهد بذلك الرئيس اردوغان عندما قال بتاريخ ٢٣ أكتوبر ٢٠٢٠ إن اختبارات منظومة “إس 400” الصاروخية جرت بالفعل، مؤكدا أن موقف واشنطن لا يهمهم.وأضاف أردوغان : ان “وجود سلاح روسي (إس 400) لدينا بالتحديد هو ما يزعج البعض لكن نحن مصممون على موقفنا”.وأشار أن “اليونان لديها منظومة “إس 300″ الروسية، وتستخدمها بالفعل، فهل سألت أمريكا الجانب اليوناني عن ذلك؟”.
———-
تركيا تدخل لاعباً خطير ومؤثرا في أستقرار إيران !
تركيا من جانبها شعرت بالزهو خصوصا عندما سمعت وشاهدت المظاهرات التي خرجت بمحافظات إيرانية يسكنها ايرانيون من أصول آذرية وهم ينتقدون حكومتهم الايرانية على تحالفها مع أرمينيا النصرانية ضد اذربيجان الشيعية المسلمة.او عدم تقديم الدعم الايراني الى اذربيجان الشيعية ضد أرمينيا النصرانية . وكذلك جعلت تلك المظاهرات من الولايات المتحدة واسرائيل لتجديد خططهم ضد ايران وجعل ( ملف القوميات الايرانية ) أولا !!
ولمن ليست لديه دراية بديموغرافية منطقة الصراع في أقليم ” قره باغ” .فهناك يتواجد الآذريين” الفرس الأتراك ، أو الايرانيين الاتراك ” في شمال غرب إيران أي محافظات أذربيجان الشرقية، أردبيل، زنجان وأجزاء من أذربیجان الغربیة وبأعداد قليلة في محافظات أخرى مثل كردستان، قزوين، همدان، غیلان ومركزي. يعيش كثير من الإيرانيون الأذريون في طهران وكرج ومناطق أخرى. باختصار ان الايرانيين الآذريين الذين يسكنون بجوار منطقة الصراع في قره باغ ومناطق اخرى حوالي ( 20 مليون ايراني آذري) تحرك ويتحرك شعورهم القومي الآن مع اذربيجان التي تخوض حربا ضد أرمينيا . وهذا يعيدنا بالضبط لمشاعر العرب الايرانيين في محافظات عربستان أثناء الحرب العراقية – الايرانية!
فتخيل مجرد تخيل عندما يلتصق سكان هذه المدن الايرانية وبشعار قومي مع الشعب في اذربيجان :-
•فما الذي سيحصل في ايران وفِي تلك المنطقة حينها ؟
•ومالذي سيحصل للنظام الايراني وهو الذي يتحالف مع أرمينيا ؟ وكيف ستتعامل ايران مع هذه الظروف ؟
•ومالذي سوف يحصل بحالة الصراع الدائرة في ” قره باع”؟ فهل سيبقى الصراع جغرافيا أم سيتحول الى صراع ديني ؟
•وكيف سيكون الزهو والنصر الذي سوف تشعر به تركيا والرئيس اردوغان من خلال توسيع النيران ؟
•وكيف سيُغير هذا المشهد من حالة الصراع في قره باغ من ناحية تدخل الدول الاخرى ؟
•وكيف سيكون المشهد عندما تدخل المنطقة بنزاعات عرقية وطائفية والتي حتما ستصل الى حروب دينية لان التصاريس التي فيها صراع ” قره باغ” معقدة وخطيرة دينيا وطائفيا وقوميا. وهذا سيدخل الدول المجاورة في حالة صراع قومي وديني واثني ؟!.
•ومن يضمن ان لا تستغله الولايات المتحدة واسرائيل والدول الخليجية ضد ايران ومن خاصرتها الاذرية !؟
ففي جميع الحالات سيكون الفائز هي تركيا !!
فبات هذا الامتداد الجيوديموغرافي والقومي داخل ايران سلاح بيد تركيا واردوغان في حالة تحريك ( النزعة القومية ) في اذربيجان والتي تحركت فعلا خلال الحرب الدائرة في قره باغ !….وبالتالي لن تستفيد أيران من هذه الورقة الاستراتيحية الخطيرة ، وسوف تصبح لصالح تركيا في اذربيجان لا بل حتى لصالح تركيا داخل أيران نفسها .وما يؤيد كلامنا هذا تلك ( المظاهرات التي خرجت في تلك المحافظات والمدن الايرانية التي يسكنها الآذريين الايرانيين والتي تقع على حدود ايران مع اذربيجان والتي خرجت وهي تنتقد موقف الحكومة الايرانية المتحالفة مع أرمينيا،،، وباتت تطالب ايران بفك تحالفها مع ارمينيا والوقوف مع اذربيجان !) .
———
هكذا أحرجت تركيا الإيرانيين أمام الشيعة العرب !
أضافة لِما تقدم .. فهناك أحراج شديد قد وقعت به ايران اثناء تلك المظاهرات الآذرية داخل أيران، وفرحت بها واشنطن ودوّل الخليج وجميع خصوم أيران. وطرح اعلام تلك الدول تقارير ومقالات واسئلة واهمها ( كيف تُمارس أيران التدخل في الدول العربية ومنها العراق واليمن ولبنان وسوريا والبحرين لدعم الشيعة في تلك الدول .اي احياء المشروع ” الشيعي” والذي قال عنه الملك الاردني قبل سنوات وهو يحذر الدول العربية من ” الهلال الشيعي ” وترفع شعارات شيعية.ومن هناك حيث اذربيجان الشيعية تتركها وتذهب للتحالف مع ارمينيا النصرانية التي تقود حربا ضد اذربيجان !!!
إلى اللقاء في الجزء الرابع والاخير
د. سمير عبيد
٢٣ أكتوبر ٢٠٢٠