اللغة العربية لغة مميزة وذات خصائص قل نظيرها في اللغات الأخرى وهي من أقدم اللغات المعروفة ورغم قدمها لاتزال تواكب تطورات الزمن ولها القدرة في التكيف مع متطلبات التطور السريع في هذا العصر والعصور السابقة واللاحقة، كيف لا وقد تسيّدت العالم لزمن ليس بالقصير وصنفت فيها مصنفات علمية وعالمية بمختلف مجالات العلوم وحفظتها للبشرية من الضياع، كما ان الله تعالى قد منحها الخلود بان جعلها لغة لأهل جائزته ممن يسيرون على سبل أعدها لهم وبلغهم بها انبيائه، وجعلها حروف كتابه ودستور مشيئته وقال (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا ٱلذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُۥ لَحَٰفِظُونَ) (الحجر – 9) فحفظها بحفظ ذكره من الضياع والشتات والاندثار.
وتعتبر اللغة العربية لغة عالمية بالرغم من انها تستخدم في الدول العربية كلغة أساسية ولكن انتشار العرب والمسلون في جميع بقاع الارض أعطاها هذا الصفة وقد كانت ولازالت لغة البلغاء والخطباء والشعراء ومصدر فخرهم قديما وحديثا لما تتميز به من خصائص قلما تجتمع بلغة واحدة
وتعنبر اللغة العربية هي أساس اللغات السامية والتي هي السلالات اللغويّة التي يمكن إرجاعها إلى اللغة الأمّ وأطلقت على اللغات الاعرابية التي نشأت في شبه الجزيرة العربيّة، أو العربيّات المُتمثِّلة بالبابليّة، والحِميَريّة، والآراميّة، والحبشيّة، والعِبريّة، حيث اندثرت معظم اللغات السامية، وما بقي منها عدا لغات محلية ذات نطاق ضيق وأصبحت هذه اللغة الوحيدة من اللغات السامية التي حافظة على توهجها وعالميتها، وشهد تطورًا كبيرًا وذلك بسبب ارتباطها بالقران كما أصبح المسلمون غير العرب يتحدث بها ناهيك عن العرب بمختلف قومياتهم.
وبالرغم مما عانت منه الدول العربية أيام الاستعمار والذي حاول بشتى الوسائل من طمس الهوية الوطنية للبلدان التي احتلها وبما ان اللغة من أهم مقومات هذه الهوية ومن مكوناتها الأساسية فقد سعى المستعمر بكل قوة مادية ومعنوية لفرض لغته واستعمالها كلغة أساسية في مؤسسات الدولة المستعمرة بدلا عن اللغة العربية الا انها صمدت كما حدث في كثير من الدول العربية في المغرب العربي كالجزائر وتونس مثلا او سوريا ولبنان في المشرق العربي وغيرها
وقد اشتهر في بعض المدن العربية مدارس لغوية كالمدرسة البصرية التي تأسست أيام الدولة العباسية في مدينة البصرة في العراق ورائدها سيبويه أبو بشر عمرو بن عثمان بن قنبر الحارثي، وكذلك المدرسة الكوفية ورائدها الكسائي ابو الحسن علي بن حمزة بن عبد الله بن بهمن بن فيروز الذي ولد في إحدى قرى الكوفة وكان إمام الكوفيين في اللغة والنحو، وسابع القراء السبعة، واشتهرت كذلك مدارس اخرى كالمدرسة البغدادية ومن أشهر علمائها بن كيسان ومن كتبه “اختلاف البصريين والكوفيين”، والمدرسة الاندلسية التي نشأة على ايدي النحاة الذين تتلمذوا على ايدي النحاة في البصرة ومن أصحاب هذه المدرسة ابن مالك ومن كتبه: “الألفية ” والتي ما زالت تدرس في المناهج التعليمية حتى أيامنا هذه، والمدرسة المصرية وقد اخذ علمائها عن نحاة البصرة والكوفة ومن أشهر رجالها ابن هشام ومن كتبه “مغني اللبيب عن كتاب الأعاريب، السيوطي ومن كتبه “الاقتراح في أصول النحو”.
الثقافة الأجنبية
ورغم جمال وقوة لغتنا العربية وارتباطها الوثيق بنواحي حياتنا الا اننا نرى اليوم ان اغلب افراد دولنا العربية قد اتجهوا الى استخدام المفردات الاجنبية وحشرها بين جمل كلامهم فيظهروا نشازا لغويا وتشوها لفظيا مقززا ويعتبره البعض مواكبة للتطور والثقافة في استخدامات اللغة، وقد انحسر استخدامها على المهرجانات والخطب الرسمية وان استخدمت المفردات السطحية والحماسية فقط، كما سيطرت اللهجات المحلية على جميع المحافل بدل اللغة العربية.
افتح ياسمم ابوابك وتقصير الدول
لقد أصبحت الثقافة السائد هي المحلية وابتعدت مؤسسات الدولة وخصوصا التعليمة عن دعم اللغة العربية والتأكيد على اللغات الأجنبية بل في الكثير من المدارس الخاصة تفتخر بانها تدرس اللغة الإنكليزية الفرنسية والألمانية بينما لا يستطيع طلبتها اعراب جملة واحدة في اللغة العربية، لقد كنا في سنوات ماضية نصبح ونمسي ونحن نردد الكلمات التي كنا نتعلمها في برنامج (افتح ياسمم) الذي كان معدا لتعليم وتربية وتثقيف الأطفال واليوم لا نجد في اغلب الدول برنامجا واحد يحمل بعض ما كان يحمله هذا البرنامج.
لقد كان افتح ياسمم برنامجا مشتركا لدول الخليج العربي وشارك فيه فنانون كبارا ومتابعيه من الكبار والصغار اما اليوم فنحن نقدم لأطفالنا الكثير من العنف في الفترة المخصصة لهم ولم يعد في برامج الأطفال ما يرغّبهم في اللغة العربية، ولأن الكبار قد أحجموا عن لغتهم فهم يعلمون أبنائهم من مفردات اللغات الأخرى أكثر من لغتهم الجميلة.
وفي العامري