
القاهرة في 26 أكتوبر /العمانية/ ينطلق الناقد د.مصطفى عطية جمعة في قراءاته التي يشتمل عليها كتاب “البنية والأسلوب”، من منظور جمالي، يتمثل في التعامل مع النصوص أيّاً كانت أدبية أو نقدية أو بلاغية، من بُعدين: البنية والأسلوب، أو بعبارة أخرى: البُعد الرأسي ويتمثل في البنية الكُلية للنص، والبُعد الأفقي الذي نجده في أسلوب النص.
إذ ينظر الناقد إلى النص رأسياً ليتوقف عند بنائه، ويعمد إلى الأسلوب ليتعرف على خصائصه وجمالياته. ومن خلال التحليل للبُعدين، تتضح الدلالات والرؤى التي يحتويها النص. فالنص لا يمكن الاقتصار في دراسته على الجانب المضموني/ الطرح فقط، وإنما هناك أبعاد أخرى يجب النظر إليها وتحليلها، مثل بنية النص الكُلية وكيف عبَّرت عن الرؤية المطروحة، في ترتيب الفصول، وطريقة البرهنة والتدليل، والترتيب في محاور وفقرات وفصول، وأيضاً دراسة أسلوب التعبير النصي، وأبرز سماته ومدى توفيق المؤلف/ المنشئ في التعبير عن القضايا المطروحة.
وتتناول الدراسة الأولى في الكتاب الصادر عن مؤسسة شمس للنشر والإعلام، قضايا الأسلوب وخصائصه في كتاب “تحفة النظار” لابن بطوطة، مستعرضةً أبرز ما اشتمل عليه هذا الكتاب الذي ينتمي إلى الأدب الرحلي، وكيف أن هناك إشكالات أسلوبية انطوى عليها، تتمثل في أن ابن بطوطة استعان بكاتب آخر هو “ابن جزي” من أجل أن يصوغ له كتابه، فرأينا كتاباً مصاغاً بغير أسلوب المؤلف، وهو ما يعدّ إشكالية لا بد من دراستها، بجانب دراسة أسلوب الكتاب نفسه وكيف وُفِّق في تصوير وقائع رحلات ابن بطوطة.
أما الدراسة الثانية فتتوقف عند ظاهرة المقدمات المتعددة في كتاب “كليلة ودمنة”، والتي تشير كلّ منها إلى واحدة من القضايا التي أراد مترجم الكتاب “عبدالله بن المقفع” أن يثيرها للقارئ العربي، ومنها رسائل يسعى فيها أن يخاطب القارئ في العصر العباسي، ويراعي ثقافته وتلقيه لهذا الكتاب الفريد في سرده ومبناه ومعناه.
ووفقاً للباحث، فإن كتاب “كلية ودمنة” يطرح إشكالية كبرى، تتمثل في أنه مترجَم عن لغة وسيطة بين العربية والهندية، وهي اللغة الفارسية، والمفارقة أن الأصل الهندي المكتمل قد ضاع، وكذلك الترجمة الفارسية، وبقيت الترجمة العربية بأسلوب ابن المقفع البليغ، ومن ثم تُرجم النص للغات العالم استناداً إلى الترجمة العربية.
وفي الدراسة الثالثة المعنونة “السياق في الفكر البلاغي عند عبد القاهر الجرجاني”، يتبنى الباحث قضية أسلوبية وهي السياق، حيث يؤصل المفهوم في منظور الدراسات الأسلوبية، ثم يدرس السياق في فكر الجرجاني” الذي كان واعياً لهذه القضية في مؤلفاته البلاغية.
أما الدراسة الرابعة “الذات بين الإفناء والإحياء”، فهي تمثِّل البُعدين معاً: البنية والأسلوب، من خلال دراسة رواية “عائشة تنزل إلى العالم السفلي” لبثينة العيسى. إذ سعى الباحث في دراسته إلى قراءة الرواية وفق المنظورين معاً، وصولاً إلى الرؤى والرسائل المستنبطة من النص، وكيف أن البنية والأسلوب كليهما تعاضدا من أجل تقديم الدلالات المبتغاة في النص الروائي.
وتناقش الدراسة الخامسة التي جاءت بعنوان “الرواية العربية والفضاء الإلكتروني”، مفهوم الأدب الرقمي، ثم تتناول أشكال السرد الروائي على الإنترنت، وأنماطه المختلفة مثل الرواية الفيسبوكية والرواية التكنولوجية ورواية علاقات الإنترنت، مناقشة الماهية والبنية والجماليات وأوجه الإضافة الإبداعية.
وتأتي الدراسة السادسة: “الرؤية والأداة في المنهج النقدي للدكتور محمد بن سعد بن حسين”، لتكون نقداً على نقد، حيث ناقش الباحث كتاباً في نقد الشعر للدكتور محمد بن سعد، وارتكز النقاش على بنية الكتاب، وأسلوب عرضه ونقاشه النقدي.
/العمانية/ 174