أصبح تهييج الشعوب عبر تصريحات تتعلق بالدين الإسلامي أمراً واضحاً، من خلال إدخاله في سياسات الدول الداعمة للمشروع الصهيو – أمريكي في المنطقة، فالكثير من الحركات المتطرفة تحت مسميات إسلامية، غذّت حروباً وصراعات سابقة وحالية وربما لاحقة يتم التحضير لها.
على الرغم من المطالبات بفصل الدين عن السياسية لا يزال من يزج بالدين وخاصة الإسلامي، بالسياسات التي تتبعها بلادهم، متناسين أن الحركات المتطرفة خرجت من عندهم، ودعمت جهاديين، كان لهم باع طويل في إزكاء الصراعات، خاصة الطائفية منها.
هذا الهوس الديني إن جاز التعبير لا يخلو من أصابع “صهيونية” تحاول الضرب على الوتر الحسّاس، ألا وهو مشاعر المسلمين، من خلال التشكيك بالعقائد وبالكتب الصحيحة وبأحاديث النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم، ولندخل في صلب الموضوع مباشرةً، إن التشكيك بصحيح البخاري أحد هذه الأمور التي أحدثت ضجة ما يعدها ضجة، لنخرج بسؤال مهم، هل هناك من يسعى إلى طرح دين جديد معلب في “تل أبيب وواشنطن”؟
وإن خرجت هذه الأمور من خارج البلاد العربية كما فعل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، لكنا قلنا أن العالم غير الإسلامي غير معني بالتفاصيل، لكن أن يخرج من بلاد الإسلام، ومسقط النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فهذا الأمر سابقة خطيرة ومقلقة، فإن كان مخطط لها فتلك مصيبة، وإن كانت عن جهل، فالمصيبة أعظم، هل أصبحنا مسلمين بالإسم، وماذا عن الثقافة الإسلامية والدين الحنيف، والثوابت العقدية والدستور الإسلامي الصحيح “القرآن والسنة النبوية”، هل لنتقرب من الغرب، نكفّر صحابتنا ونغيّر حقائق ديننا!
لقد أصبح الهجوم على الإخوان المسلمين، إعلاءً للوهابية، إن إفترضنا أن الدين هو المحرك، لكن شيطنة الحركات الأخرى باتت تتبع لمخططات سياسية، لقد تحول العدو الصهيوني أيها السادة إلى راعي السلام الأول، متغافلين عن كل جرائمه بحق الإسلام والمسلمين، بحق أتباع محمد ودين محمد صلى الله عليه وآله وسلم، فمهاجمة الإسلام الحركي لن أقتنع أنه بريء، بل مخطط لنشر الدين الإبراهيمي الجديد عملاً بتعاليم “السي آي إيه” الصهيو – أمريكية، وينقدون الإسلام السياسي، وهنا نذكرهم، هل كانت الحركة الوهابية لغاية دينية أم سياسية؟
نحن أمام واقع جديد بعد هذه التصريحات والتغريدات الخطيرة، وهي خيانة عظمى للإسلام “السني والشيعي” على حد سواء، فهم يحاولون تشويه الإسلام بما يتناسب معهم، ليس هذا فقط، بل وفرضه على المسلمين، والحقيقة أن الكثير من هذه الحركات الإسلامية لم تنشأ بدافع سليم وإنما في معظمها لأغراض مختلفة منها شخصية وسياسية وحتى اقتصادية وهذا معروف في العالم الإسلامي. ويمكن القول أن الإسلام “السني” كان مظلوماً وما زال، وخاصة ممن يدعي أنه يمثله في العالم الإسلامي، فلقد كفروا الدولة العثمانية والقبائل العربية في زمانٍ مضى، وهنا لابد من ذكر الحقيقة كما هي، والتي هي، مع ظهور الدعوة أو الحركة الوهابية كانت متزامنة مع الهجرات الصهيونية إلى فلسطين المحتلة، فهل هي مصادفة، بعد ما يحدث اليوم، بالتأكيد ليست مصادفة، بل هي خطة يُراد تطبيقها، نعم إحتاجت الوقت الطويل، لكنها تتحقق وهذا واقع لا يستطيع أحد إنكاره.
والدليل الأكبر، أن الدعوة الوهابية التي نشأت بإسم الدين وبصرف النظر عن المبادئ التي تعتنقها، لم تقدم شيئاً لفلسطين، ولا يوجد أي تاريخ لهم من خلال العمليات الجهادية ضد الكيان الصهيوني داخل فلسطين المحتلة، ففي ذاك الزمان كان الجهاد مشروعاً ضد المستعمرين من إنكليز وفرنسيين وإيطاليين وغيرهم، من عمر المختار إلى عز الدين القسام ويوسف العظمة والكثير غيرهم كان جهادهم ضد المستعمر وضد الصهيوني، فأين جهاد الوهابيين من كل ذلك؟
وهذا يدفعنا للقول، إن الدعوة الوهابية هي دعوة إنكليزية بإمتياز، (الحركة الوهابية، حركة محمد عبد الوهاب في شبه الجزيرة العربية نشأت لأسباب معينة، منها تقليص نفوذ الدولة العثمانية التي كان يحكم في حائل وأطرافها، الأمير عيد العزيز بن رشيد، وأيضاً إستخدام أسلوب التكفير وتكفير الدولة العثمانية، ومن رد في ذاك الزمان على تكفير الدولة العثمانية، هو مفتي مكة والمدينة، العلامة الشافعي السيد أحمد زين الدحلان الحسيني بردود علمية أصيلة، وأيضاً أخوه في كتابه “الصواعق الإلهية في الرد على البدع الوهابية” إنتقدهم فيها، وهي تدخلهم في كل دول العالم، إلا دولتهم فهي مقدسة ولا يجوز الخروج عن طاعة ولي الأمر، وها هو التاريخ يعيد نفسه الآن، وكل ذلك مرده أنهم يريدون إسلاماً فلكلورياً البعيد كل البعد عن الإسلام الحقيقي بكل ما فيه، فهم يفتون ويحرمون كل ما لا يناسبهم، فإرهاب اليوم على مستوى تنظيم داعش والقاعدة كله فكر وهابي، ويكفي قراءة “رسائل الدرر السنية في الأجوبة النجدية” لمحمد بن عبد الوهاب لنجد التكفير وماذا صنعوا بحجيج مصر وقتلهم من عثمان بن معمر ومعه الكثير، إقرأوا تاريخهم بتجرد ستجدون انهم كانوا في خدمة الإستعمار من نشأتهم إلى يومنا هذا)، وكل ما يخرج اليوم من تصريحات وتغريدات يتماشى مع السياسات الإنكليزية – الأمريكية – الصهيونية، ولك لنشر الدين الإبراهيمي الجديد ومحاربة الحركات الإسلامية التي لا تتوافق ودعواهم الغربية، وإن كان على هذه الحركات بشقيها السني والشيعي ملاحظات، أسوةً بكل شيء من “سياسة حكومات وسياسات عسكرية وحتى النظام العربي الرسمي وغير ذلك”، فهذا أمر طبيعي والكمال لله عز وجل.
إن الصمت على الجرائم الصهيونية وإستباحتهم للمسجد الأقصى والأسرى من المسلمين، ولا تستنكرون التطبيع وتنادون به، يعني قولاً واحداً أنتم مع المعسكر الصهيو – أمريكي، يكفي حديثاً بإسم الإسلام والإسلام منكم براء، من خلال موقفكم وإشهاره ضد أبناء جلدتكم من المسلمين، فهذه هي الكارثة الكبرى، والكارثة الأكبر الصمت المريب والمخجل حول تغريدات “تركي الدخيل”، فهل هؤلاء علماء أم عملاء!
العلم شيء مشرف وخاصة العلم بالدين، ولا ننكر وجود قامات كبيرة من العلماء الجهابذة، لكن في ظل الصمت الحاصل، يؤكد أن هناك أجندة واضحة يُراد تمريرها وهدم هذا الدين الحنيف، دين محمد صلى الله عليه وآله وسلم، فالعتب هنا على المتحالفين من الإسلاميين وصمتهم المعيب، هل ستقف أمريكا و”إسرائيل” وتدافع عنكم يوم الحساب؟
فأنتم تستخدمون الحركات التي تناسبكم، تارةً الوهابية وتارةً الإخوان المسلمين كما في جنوب اليمن، ولآن ماذا يحدث يشتموكم من على المنابر، لكن هنا ما يعنينا التوقيت السياسي وحاجتهم إلى إستخدام كل تنظيم أو حركة او دعوة بحسب الواقع السياسي وتوقيته، وذلك مصيبة خلقت مشاكل جمّة، لعل أوضحها هو النفاق من خلال التقليل والإنتقاص من هيبة الإسلام، وتقسيم الشعوب الإسلامية إلى (مع – ضد)، وبالتالي خروج الكثيرين عن الدين، لزرعكم الشك داخل نفوسهم، فرغم عدم وجود كهنوت في الدين الإسلامي، لكن ما تفعلونه هو شبيه بالكهنوت المسيحي، الذي كان يتصارع مع الله سبحانه وتعالى، ومن ثم مع العقيدة ومن ثم التحالف مع السلطة، والكذب على الناس بإسم المسيح، فكفرت الناس وإنقلبت على الكنيسة، وهذا المثال نستطيع إسقاطه على الدين الإسلامي من خلال التصريحات والتغريدات الرعناء التي ستوصل الناس إلى هذا الواقع مع الأسف.
إن تفتيت الأمة الإسلامية اليوم، عملية ممنهجة ومنظمة، من قبل الأمريكيين والصهاينة والإنكليز، وتحاربون أبناء جلدتكم، خاصة المستضعفين منهم وتقولون بالفم الملآن، نجن إلى جانب الحركة الصهيونية العالمية، وبصف الإدارة الأمريكية، وهذا توضح جداً في العشر سنوات الأخيرة، في التغييرات التي طرأت على البلاد الإسلامية من إنقلابات وإسقاط أنظمة وخروج حركات جهادية متطرفة كلها تصب في خدمة المشروع الصهيو – أمريكي، لكن بأدوات “عربية إسلامية”.
أخيراً إن تغريدات تركي الحمد رجل السياسة والسلطة، التي أثارت ضجة كبيرة، خاصة لجهة جهله “دينياً”، والتي اكدها من خلال ما كتب، ما يوحي بأن الدين يميل مع سياسة السلطة الحاكمة، لا مع التعاليم السمحة الحقة، فالتطاول على الثوابت الإسلامية في “صحيح البخاري” والذي هو أكثر كتاب تم الإعتناء فيه بعد القرآن الكريم، ونحن الوحيدون الذين نروي بالسند عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، بين كل الأمم (قرآن وسنّة)، ليس هذا فقط، حتى روايات القرآن نثبتها عن طريق “صحيح البخاري”، من خلال الأسانيد والرواة لكتب التراجم للسادة العلماء.
أن تغالط أمة كاملة شهدت بقبول هذا الكتاب، بتغريداتك، تتطاول عليها وكل الشبهات المذكورة تعبر عن الأشخاص ومن يتبعون، لا تعبر عن أمة إسلامية كاملة، ومن الردود على هذه الشبهات هناك ملايين العلماء الذين فندوها وضحدوا تلك الروايات الضعيفة المفتقرة إلى ألف باء الدين الإسلامي، فهل أتى اليوم الذي رأيته بقراءاتي الكثيرة الذي سيتطاولون فيه على (السنة) وبعدها القرآن الكريم، وهذا لا يعني إلا هدم الدين الإسلامي من خلال الهجمة الواضحة عليه، والكارثة الأكبر، أن هذا الأمر تسبب بإحراج لعلماء السلطة الذين لم يردوا على هذا الموضوع، وذلك يدفعنا للقوا، إن هذا الأمر مرده سياسي بحت.
الموضوع خطير، وهو برسم الأمة بمثقفيها وكتّابها ومفكريها، بتوجيه وتوحيد الخطاب والدفاع عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، من تطاول هؤلاء الأقزام لأن الموضوع بلغ أعلى مستوىً ويجب وضع حد له.
د. عبدالعزيز بن بدر القطان