حفظ القرآن في سنٍّ صغيرة، وقرأ كتب الأدب وتشرّب الجمال الإبداعي في حينه، ليكمل المسيرة بدراسة القانون ويبدع به ويجمع بين القانون واللغة والأدب، ويبحر في عطاءات رائدة حفرة اسمه وأعماله في التاريخ.
إنه عبد الرزاق السنهوري عالم القانون المصري وواضع الدساتير، في مصر ثم العراق وسوريا وليس انتهاء بالكويت، وقام بالقانون منافحا عن حقوق الناس مطالبا بحريتهم، ولد عالم القانون الدكتور عبد الرزاق السنهوري في 11 أغسطس/ آب عام 1895 م بمدينة الإسكندرية، تربى على العلم منذ طفولته وحفظ القرآن الكريم، فانعكس ذلك على لغته وفصاحته، وقرأ في مرحلة مبكرة من عمره درر التراث العربي، مثل كتب الأغاني والأمالي والعقد الفريد، وديوان المتنبي.
درس السنهوري فقه القانون الفرنسي وعلوم القانون الفرنسي والفقه الإسلامي، وواكب كوكبة من أعلام التجديد والاجتهاد، مثل الأساتذة أحمد إبراهيم وعبد الوهاب خلاف وعبد الوهاب عزام، وتتلمذ عليه عدد من أشهر علماء مصر، وعلى رأسهم الشيخ محمد أبو زهرة.
ونتيجة لممارسات الاستعمار البريطاني الجائرة في مصر قرر السنهوري دراسة الأوضاع القانونية لهذا المحتل، فجاءت رسالته الدكتوراه الأولى تتناول حرية التعاقدات التجارية البريطانية وعلاقتها بالقضاء البريطاني، منتقداً القانون الإنكليزي.
السنهوري وضع فكرة المرونة للاستفادة من الفكر السياسي الحديث وتطوير الفكر الإسلامي، ووضع السنهوري خطة وانطلق من رؤيا صياغة القانون المدني الحديث، كانت الفكرة لدية واضحة وهي أسلمة كل القوانين وردّها للشريعة الإسلامية، كما أنه قام بالاستعانة بالقوانين الدولية.
أرسى مبادئ متعلقة بالحريات، وأضاف الرقابة على دستورية القوانين، وكان أول من وضع الدستور المصري بعد الثورة، عام 1956،ووفقا لمتحدثين فقد جاء الدستور متزنا وواعدا.
في عام 1960 زار السنهوري الكويت، حين كانت الكويت تريد الانضمام لهيئة الأمم المتحدة ويكون لها دستور وقوانين على غرار الدول الحديثة، ولم تجد أفضل من السنهوري للقيام بذلك.
لقد كان السنهوري مُجدّا ومثقفا وقويا، وافته المنية عام 1971، وكان حلمه أن تصبح الشريعة الإسلامية مصدر كل التشريعات في مصر، لقد كان العلامة الفارقة والأب الروحي للقانون المدني في العالم العربي.
د. عبدالعزيز بن بدر القطان