عمّان، في 23 نوفمبر/ العمانية / اختتم مجمع اللغة العربية الأردني فعاليات مؤتمره السنوي لعام ٢٠٢٠، بإعلان التضامن مع الأصوات الرافضة لشعار “المجامع اللغوية ضرورة أم ترف” الذي اختارته منظمة اليونسكو للاحتفال بيوم اللغة العربية.
وأكد المشاركون في المؤتمر المعنون بـ “قضايا النحو العربي بين الثوابت وضرورات التجديد”، أن هذا الشعار يعبّر عن موقف متحيز، فضلًا عن أنه “ليس من اختصاص أحدٍ خارج أهل العربية وحراسها ومحبيها”.
ودعا المؤتمرون الجهات التربوية والتعليمية لتعميم نشر مؤلفات الباحثين والمتخصصين في النحو والصرف للمساعدة في تسهيل شرح الكتب النحوية القديمة، وتحديث أدلّة معلمي اللغة العربية وتشجيعهم على استخدام استراتيجيات التدريس الحديثة وتقويم أدائهم على أساسها.
ومن التوصيات التي خرج بها المؤتمر: دراسة المجامع اللغوية المحاولاتِ القديمة والحديثة التي قُدمت في تيسير النحو والإفادة منها في تيسير تعلمه على الدارسين، وتعاون وزارات التربية والتعليم مع المجامع في هذا الموضوع وتنفيذ توصياتها وتطبيقها في الكتب التعليمية، والإفادة من طريقة التعليم والتعلم بتدريس قواعد النحو والصرف في بلاد شنقيط لما لها من أثر كبير في تعليم الطالب الناشئ أساليب التفكير الناقد وتقليب الأسئلة حول المبحث الواحد والانتقال من الدرس النظري إلى التطبيق العملي لتلك القواعد، والتركيز على الجوانب الوظيفية من النحو وربط ذلك بالبدهيات لدى المتعلم، وضرورة تخطيط سياسة لغوية تستهدف إجراءات تعليمية بطرائق حديثة.
كما تضمنت التوصيات: اعتماد الحس الصوتي في دراسة اللغة العربية بالاهتمام بحفظ نصوص القرآن الكريم ومنثور العرب وشعره إضافةً إلى جانب التقعيد، والعناية بالنحو التعليمي في مرحلة ما قبل الجامعة وإبعاده عن الشكلية الخالصة والاهتمام فيه بالمعنى لتنمية الحدس المدرب في الوظيفة النحوية، والعناية بالنحو التخصّصي على مستوى الجامعة والابتعاد به قدر الإمكان عن نحو الأبواب الذي يجزئ الموضوعات، وتكثيف التدريب والممارسة والتطبيق على نصوص كاملة، والانفتاح على مناهج التحليل اللغوي الحديثة.
وكانت قد عُقدت جلسة خلال المؤتمر عبر تقنية الاتصال المرئي برئاسة د. سمير استيتية، قُدمت فيها ثلاثة بحوث، الأول بعنوان “أساليب تعليم النحو العربي بين الحس الصوتي والتقعيد النحوي”، أوضح فيه د. محمد البكاء (العراق) أن التعليم يتقوم بثلاثة أسس، هي المعلم والمتعلم والمنهج، وأننا إذا سلّمنا بتوافر الشروط في المعلم والمتعلم، يتضح أن ثمة عقبة في المنهج؛ لذلك لا بد من دراسة نشأة المنهج النحوي وتطوره حتى العصر الحديث.
وتناول البكاء موضوع أساليب تدريس النحو العربي في ثلاثة مباحث: نظرية الحس الصوتي لتعليم النحو العربي، والتقعيد النحوي في المرحلة الجامعية، والتقعيد النحوي في الدراسات العليا.
وفي معرض إجابته عن سؤال: “هل استطاع النحويون أن يتوصلوا للفكر النحوي عند العرب؟”، بيّن أن النحويين “أدركوا الحقائق اللغوية، كالثقل والخفة، واستقروا الكلام في أساليبه واستنبطوا وعللوا، واحتملوا للجملة ووجوه الإعراب المحتملة ليضعوها أمام المتلقي، لكن الغاية التعليمية من النحو العربي عند النحويين أدت إلى عدم الدقة في دراسة النحو، وارتكاب بعض المخالفات للحقائق اللغوية”.
ودعا البكاء الباحثين لمتابعة البحث في نظرية الحس الصوتي في تعلم النحو العربي، مشيرًا إلى أن ذلك لا يعني التخلّي عن مراعاة القواعد النحوية، وإنما “ستكون علّة للقاعدة النحوية التي تُملى على الطلبة إملاءً من دون أن يتفاعلوا معها”.
أما البحث الثاني فقدمه د. عيسى الحمادي بعنوان “تطوير استراتيجيات تعليم اللغة العربية في الصفوف من الأول إلى السادس في الدول الأعضاء بمكتب التربية العربي لدول الخليج.. استراتيجيات تدريس التراكيب”.
ووضح الحمادي الذي يدير المركز التربوي للغة العربية لدول الخليج في الشارقة، أن أيّ منهج أو برنامج تعليمي يتكون من مكونات عدة رئيسية، كاستراتيجيات التدريس وطرائقه، لهذا فإن الاهتمام بهذا المكون يسهم -مع الاهتمام بغيره من المكونات- في تطوير تعليم اللغة العربية وتحقيق الأهداف المرجوة.
وأكد أن تطوير استراتيجيات تدريس اللغة العربية، وتدريب المعلمين عليها، يُعَد المنطلق الأساس لتنمية المهارات اللغوية لدى المتعلمين، وتحقيق أهداف تعليم اللغة العربية وتعلمها، مشددًا على أهمية أن يطور معلمو اللغة العربية دوريًّا معارفهم ومهاراتهم في استراتيجيات التدريس، وتوظيف الأدوات التعليمية والتقنية.
وأوصى الحمادي بتحديث أدلّة معلمي اللغة العربية، وتزويدهم بالجديد في مجال استراتيجيات تدريس اللغة العربية في الصفوف من الأول للسادس، وإعداد برامج تدريبية وفقًا لمعايير الجودة لمعلمي اللغة العربية، وتشجيع معلمي اللغة العربية على استخدام استراتيجيات التدريس الحديثة، والربط بين استراتيجيات تدريس اللغة العربية وأساليب التقويم.
أما البحث الثالث فقدمه عضو المجمع د. جعفر عبابنة بعنوان “بين منهجين في النحو”، مشيرًا في بحثه إلى مذهبين في تناول النحو العربي وتعليمه سادا منذ ثلاثينات القرن الماضي: المنهج التعليمي، والمنهج العلمي (أو التخصصي). وقال إن المنهج التعليمي شاع في مراحل التعليم التي تسبق الجامعة وفي أوساط المثقفين والمهتمين بتحسين أدائهم في النحو العربي، أما المنهج العلمي فهو منهج النحو الدراسي لطلبة التخصص في أقسام اللغة العربية في الجامعات، ومادته كتبُ النحو القديمة، ولا سيما شروح الألفية.
يُذكر أن المؤتمر اشتمل في جلسته الافتتاحية التي أدارها د. يوسف بكار على ثلاثة بحوث: الأول قدمه د. عبد الحميد مدكور، الأمين العام لمجمع اللغة العربية في القاهرة، بعنوان: “من محاولات تيسير النحو العربي بين القدامى والمُحْدَثين”، والثاني قدمه د. امحمد مستغانمي، الأمين العام لمجمع اللغة العربية في الشارقة، بعنوان: “تدريس النحو في المحاضر الشنقيطية بين الواقع والمأمول”، والثالث بعنوان “قضايا النحو العربي بين الثوابت وضرورات التجديد” قدمه د. صالح بلعيد، رئيس المجلس الأعلى للّغة العربيّة في الجزائر.
/العمانية / 174