كنت أمشي راجلا بمحاذات المد و الجزر على شاطئ الشرس متجها شرقا إلى حيث أتوقف عن مواصلة المسير إما أن أتوقف متعبا من طول خط المشي على قدماي و إما عن حدوث تغيير في المزاج ليتغير المسار إلى الاتجاه الآخر المعاكس ! ولكني إلى الآن لازلت أمشي محافظا على اتجاهي الذي بدأت به مسيري مع ثبات في المزاج والشعور بالسرور و النشاط متعاطيا مع العليل وهفهفات الهواء البارد الذي لم تكن برودته عاليا ولكنها كانت مناسبة للوقت الذي أنا فيه منتعشا همة و نشاطا وبهجة وسرورا لدرجة أنني أهمهم بصوتي عازف به بعض الهمهمات الغنائية لبعض الفنانين العرب تارة وتارة أفتح هاتفي متصفحا فيه بعض الرسائل المكتوبة كانت أو بعض الفيديوهات الجميلة والمفيدة تارة أخرى والوقت يمر و أنا أمشي إلى أن وصلت إلى مركز الولاية حيث مينائها (ميناء ولاية المصنعة) الخالي من السفن و حركتها و الخالي أيضا من الحركة البشرية بضجيجها الذي يحدث هيبة وصخب شديدين في المكان بل سيما أنه لو حصل فيه التشغيل بمفهومه العام ولكنه مع الأسف الشديد الأمر الذي لم يحدث إلى هذه اللحظة المهم : ” إلى الآن أنا بداخل الميناء والمكان الذي توقفت عنده هو طريق خشبي يوصلك إلى جلسة بها مظلة خشبية كأنها استراحة و إلى جانب ذلك الطريق قارب رأسي يحركه ماء البحر يمنة و يسرة فقلت في نفسي : ” سأجلس في هذا القارب بعض الوقت لأستريح قليلا مما أنا فيه من الارهاق و تصبب العرق وسيلانه على بدني و بالفعل تمكنت في ركوب ذلك القارب والجلوس فيه ولدي هاتفي ففتحت كاميرته وطفقت أعاين المكان و مساحاته المائية و مساحات اليابسة فوجدت المتعة في التصوير الشامل لأرجاء الميناء بشكل كلي وهذا الفعل الذي قمت به شخصيا ذهب بخيالي إلى آفاق خيالية بعيدة جعلتني أشعر وكأني أعيشها واقعيا بمعنى أنه كان يخيل إليّ حركة السفن التجارية و هي ترسو محملة بالبضائع و الأمتعة و أناس تأتي إليها وهي تجر حمالات البضائع بعد تنزيلها من تلك السفن ، و أخرى تتحرك محملة بالبضائع أيضا ذاهبة في سفر تجاري لا أدري إلى أين تذهب هل هي إلى شنغهاي في الصين لأن بعض السفن كما رأيتها تحمل علم الصين و هناك سفن كثيرة تأتي و بعضها الآخر يذهب وهناك أيضا سفن راسية بسلاسلها وضجيج الناس لا مثيل له نعم لقد كنت أعيش هذا هذا الخيال وفي داخلي سؤال يراود نفسي أو يراودني بالأحرى ألا و هو أين ذهب مشروع ميناء ولاية المصنعة لماذا لم يستكمل ؟! و ماهي معوقات استكمال هذا المشروع الضخم إذا كانت هناك معوقات ؟! لماذا هذا السكوت ؟! ولماذا هذا الهدوء ؟! الذي جعل مشروع الميناء عائم لا هو عامر ببنائه و حركته الآدمية و الديناميكية و لا هو قد تم إلغائه و بالتالي لن يهتم به أحد ؟! فالأمر هنا في منتهى الحيرة و نحن بما إننا من أبناء ولاية المصنعة يهمنا أن نعرف ما مدى اهتمام شيوخ و أعضاء مجلس الشورى و اعضاء مجالس البلدية بهذا الموضوع الذي أصبح أو يكاد أن يكون نسيا منسيا ؟! ثم بعد هذه الرحلة الصويلة من الخيال الذي أوقعني في شراك هذا الميناء نزلت من القارب و نظرت إلى الشمس و هي تقترب من الغروب الكلي فأخذت كلي لأهرول مسرعا هذه المرة إلى حيث أتيت نعم فهرولت مسرعا عائدا إلى الشرس مرة أخرى والشفق الأحمر قد أعلن مجيئه بإمتداده في السماء ليغطي سقفها الأبيض بحمرته الوردية معلنا بداية المساء الليلي الذي سيمتلئ عما قريب بالسناءات السمرية التي ستعطي الليل بهاءً وجمالاً وملاذا لإبتهاج السامرين وليكون أوانه في أبهى و أجمل صورة.
بقلم الأستاذ / فاضل بن سالمين الهدابي