مارسنا لعبة كرة القدم أيام الطفولة وريعان الشباب .. ومن عشقنا لهذه اللعبة دخلنا في تجربة مع التدريب .. ومن حبنا لهذه المستديرة تابعنا ومارسنا مهنة الإدارة ، وهي أصعب المراحل لكونها تتطلب علينا جهد وفكر رياضي وتخطيط سليم وقبول مختلف الانتقادات والإجابة على أسئلة الشارع الرياضي وإقناعه بالمفهوم العلمي السلس للرياضيين ، وهنا أقف برهة من الوقت وأقول هل يوجد معنا هذا العنصر الاساسي والمهم لنقود المسير الرياضي نحو التألق ؟
لم يعد تحقيق أي فريق للبطولات في عالم كرة القدم وليد صدفة أو نتيجة تخطيط عشوائي والتراشق بالكلمات مع كل سؤال ونقاش ، بل أصبح اليوم مرتبطًا بسلة كاملة متكاملة من الخطوات التي تضمن بناء فريق قوي يؤمن النجاح والإستمرارية في اللعب على مستوى عالي .. نعم عندما يغيب الفكر الرياضي المحنك ، وينتهي فن الحوار الهادف ، وعدم تقبل النقد فهنا يجب البحث عن علاج يعافي هذا الفكر من مرضه كي نضمن النجاح الرياضي المأمول.
هناك عناصر لبناء فريق كرة قدم قوي أولها احترام الرأي والرأي الآخر ونتقبل ونحتوي النقد ونعتبره القاعدة المتينة والاساس القوي لاستكمال البناء ودوامه دون تشققات وانهيار جميع مرافقه .. ثم تأتي القوة المالية والقدرة على تأمين الميزانية بشكل مستمر وليس فقط تأمين الأموال لسنة أو سنتين ، لأن هذا يجعل النجاح مؤقتًا ، وفي هذا الجانب الاستثمار يجب أن يؤخذ في الحسبان وبعين الإعتبار .. وبعد تأمين المال اللازم ، يأتي دور الإدارة الرياضة والتي يجب أن تكون من الوسط الرياضي وتملك فكرًا كرويًا لا بأس به من أجل معرفة اختيار المدير الفني المناسب للفريق ، وذلك لأنه هناك حاجة ماسة لأن تكون إدارة الفريق على دراية بجو اللعبة لما ينعكس ذلك إيجابًا على اللاعبين وعلى القدرة في اقناعهم بالإنضمام لصفوف الفريق ، ثم يأتي دور تركيب جهاز فني كامل متكامل بداية من المدير الفني ومساعديه إضافة لمدربي حراس المرمى واللياقة البدنية ومسؤولي التجهيزات والأمور اللوجستية ، ولا يمكن لأي فريق أن ينجح إن لم يكن يمتلك جهازًا فنيًا على مستوى عالي خاصة الرجل الأول فيه أي المدير الفني والذي يستطيع توظيف اللاعبين كما يجب وخلق نظام منضبط داخل الفريق مع انسجام واضح ينقل الإستقرار المالي والفكر الإداري المنظم ويعكسه إلى تدريبات الفريق والجو العام داخل التمارين وأثناء المباريات ، وبالطبع سيكون للإدارة ذات التوجه الرياضي القدرة على اختيار المدرب المناسب والملائم للفريق .. بعد ذلك يأتي الدور على اختيار اللاعبين والذين يجب أن يكونوا مزيجًا من لاعبي الخبرة ولاعبي الشباب لإعطاء الفريق العمق الفني المطلوب مع الحيوية اللازمة.
ويبقى نقطة أخيرة يجب أن يتم الإضاءة عليها والتطرق إليها وهي مدرسة الفريق الكروية والإهتمام باللاعبين الناشئين الذين هم خزان والبئر الذي لا ينضب للنادي ، فلا نجاح لأي فريق لا يعتمد على بعض من اللاعبين الذين صنعهم .. وأنوه لم تعد الأمور في كرة القدم تدار بعشوائية ، ولم تعد اللعبة الأولى صاحبة الشعبية العريضة في العالم مجرد لعبة ، بل إنها أصبحت صناعة كروية والنجاح فيها لم يعد سهلًا لكنه بالمقابل لم يعد صعبًا ، فخارطة الطريق واضحة والأسس معروفة ولا يبقى إلا التخطيط الصحيح ثم التنفيذ السليم .. أيها القادة الرياضيون كلّ ضمن اختصاصة في الأكاديميات والمدارس والأندية الرياضية نترك عنا توزيع وتبادل الردود والتي أراها لا تصل بنا إلا إلى الطريق المسدود وخصوصًا مع الأفكار التي لا تاخذ بوجهات النظر المطروحة على طاولة النقاش وتفسر الأمور بالمفهوم الخاطئ ولا تتقبل النقد بصدر رحب ، ونتفرغ ونجتهد لصناعة مواهب رياضية قادرة لتحقيق ما نصبوا إليه من نجاحات وإنجازات .. دعونا نمسح من قاموسنا عبارة ( مالكم كيف تحكمون؟ ) ونستبدلها بكلمة ( اعملوا فإنا معكم عاملون ) بسنا من تحضير وجبة التبرير والمبررات في وجود الإخفاقات خصوصًا .
خليفة البلوشي