كتاب “أرض الميعاد ” الذي صدر مؤخرا للرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما ، يؤكد حيوية الديمقراطية التي أتاحت تلك المفارقة في التاريخ السياسي الأمريكي،فقد كان أوباما مجرد شاب”زنجي” في مجتمع عنصري،بلا تاريخ يعتد به في الحياة السياسية الأمريكية ، ولكنه ذكي خدمته ظروف مختلفة ، ورغم أنه لم يخدم في أي إدارة سابقة،بل لم يسبق له الخدمة في القوات المسلحة،أصبح رئيسا، وقائدا أعلي لأكبر قوة عسكرية في العالم ، ويتحرك معه ضابط كبير في كل مكان وهو يحمل حقيبة بها الأرقام السرية التي يمكن أن يستخدمها الرئيس قبل أن يضغط علي الذر النووي ويدمر الكرة الأرضية .!.
ويحكي أنه بسبب الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي ورثها من سلفه بوش، لم يجد من المناسب أن يطلب تجديد أغطية المقاعد التالفة في المكتب البيضاوي رغم أن ذلك حقه .
وبالإضافة إلي ذلك يشير إلي أنه من المعلوم أن أسرة أي رئيس أمريكي في البيت الأبيض تدفع تكلفة أي أثاث جديد من أموالها الخاصة ، وكذلك أي سلع إستهلاكية بداية من ورق التواليت إلي البقالة ، بل وتدفع أجر أي جرسون إضافي إلي العاملين في البيت الأبيض اذا كان الحفل خاصا بأسرة الرئيس.
وقد واجه أوباما منذ اليوم الأول للرئاسة الأزمة الإقتصادية أو ما أطلق عليه ” الفقاعة العقارية ” التي كانت السبب في الكارثة الإقتصادية التي هزت الأقتصاد الأمريكي عام 2008 ، وتطلب الإفلات منها ضخ ما يزيد علي 700 مليار دولار في شرايين الإقتصاد لإنقاذ البنوك الكبري وشركات التأمين من الإفلاس.
ولعل ما تبادر إلي ذهن كل من تابع تلك الأحداث هو ” كم دولة في العالم تملك ضخ هذا المبلغ في أحوال مماثلة ؟
الجزء الخاص بالشرق الأوسط في كتاب باراك أوباما الأخير يوضح كيف كان القدامي في إدارة أوباما ومن بينهم هيلاري كلينتون،و نائبه جو بايدن(الرئيس المنتخب الحالي) منحازين لفكرة استمرار مبارك في الحكم ، لأن”الإستقرار” في مصر يحقق المصالح الأمريكية ، بعكس الديمقراطية وحكم الشعب الذي يتعارض مع تلك المصالح ، إلا أنه كان هناك رأي آخر بين شباب الإدارة الأمريكية يري أن مواصلة دعم رئيس مستبد يعتبر عارا علي أمريكا ويخالف مبادئها ، بل ولا يحقق مصالحها علي المدي الطويل ، وضربوا مثلا بإيران التي تمتع الشاه فيها إلي دعم متواصل من كل الإدارات الأمريكية ضد إرادة الشعب الإيراني ، وترتب علي ذلك إكتساب عداوة الشعب الإيراني حتي الآن ، وتهديد المصالح الأمريكية في الشرق الأوسط .
ويشير أوباما إلي اتصالات نتنياهو والملك عبد الله (السعودية) ومحمد بن زايد ، والملك عبد الله (الأردن)وملك البحرين يطلبون منه عدم التخلي عن مبارك، لأن ذلك يعني أن أمريكا تتخلي عن حلفائها.لكنه كان مبهورا بالشباب في ميدان التحرير لدرجة أنه قال لو انه في سن الشباب وقتها ويحمل الجنسية المصرية لكان بين الشباب في ميدان التحرير .
معصوم مرزوق