إن استهداف دولة الإمارات العربية الشقيقة أمر مرفوض بكل المقاييس، خاصة عندما يضرب المنشآت المدنية والمدنيين أنفسهم، إلى جانب استهداف المملكة العربية السعودية، هذه الأعمال لا تعبّر عن سلوك حضاري بقدر ما هي أعمال عدائية تزيد الشروخات داخل البيت الواحد، وهذا التعبير عبّر عنه الكثير من الدول العربية والغربية من خلال بيانات استنكار أو اتصالات هاتفية على مستوى وزراء خارجية، بالتالي، يجب التفكير ملياً في الخيارات المطروحة، لأن الأوان قد حان لإنهاء حالة الحرب هذه بعد التطورات التي هي بقناعتي خطيرة جداً.
صاحب القضية الحقة، لا نقول أن يقف على الحياد، بل يدافع عن قضيته بكل تعقل وحكمة، ومتى ما خرجت الحكمة، تتدهور الأوضاع، ألا ينظر أطراف الصراع إلى الشعب اليمني، أم هو كبش المحرقة؟ وهل سألهم أحد ما هو رأيهم بما يحدث؟ ولماذا عليهم دفع ثمن أخطاء غيرهم؟، وليسمح لي أحد أطراف الصراع حيث أنه ليس كل اليمن أنتم وليس كل الشعب اليمني معجب بما تقومون به، مع الإشارة إلى أن الدفاع عن أنفسكم باستهداف المدنيين سواء في دولة الإمارات أو في المملكة العربية السعودية، هذا أمر قد تجدونه رداً على ضربات التحالف، لكنه وبنفس الوقت لا يرفع أسهمكم لأن الجميع على علم بكل الخفايا، فلهم تحالفاتهم ولكم تحالفاتكم بصرف النظر على التوازنات وقوة الأطراف المتدخلة، آن الأوان لكي تتوقف هذه الحرب، لأن الإنسانية تتطلب ذلك، هناك شعب يريد أن يعيش بسلام، لا شأن له بالتحالفات أو التجاذبات السياسية الحاصلة من معسكرات وولاءات لدول هنا أو دول هناك، من يريد القتال، فليختر ملعباً آخر، يكفي اللعب بأرواح الناس، فاستهداف أبو ظبي أو جيزان أو أي مكان من دول الخليج، هو أمر لن يحقق النصر بقدر ما سيزيد من النقمة على الأطراف التي تظن أنها قد تستطيع الظفر في وجه دول مسلحة بأحدث وأقوى الأسلحة، ولنكن منطقيين ونحن لسنا بملكيين أكثر من الملك، كم من فرصة تم فتحها للجلوس على طاولة الحوار؟ لماذا هذا التعنت وهذا الجبروت الذي يدفع ثمنه الشعب اليمني والخليجي معاً؟
هذه الحرب شؤم على الجميع، فالقصف على المدنيين أمر مرفوض من الطرفين، وبالعكس، لأن الضحايا أكرر مدنيين، وهم من يوجع قلوب الجميع، وموقفي واضح في هذا السياق، أنا ضد كل هذه الحرب منذ بدايتها، وموقفي كخليجي لا يعني الوقوف على الحياد والتفرج، وهذه الحرب ليست في صالح أحد، نعم أدين بكل تأكيد الهجمات سواء على المملكة العربية السعودية أو الإمارات، وبنفس الوقت أدين الهجمات على اليمن، خاصة تلك التي لحقت بالمدنيين إن كان في صنعاء أو مكان آخر، من شمال إلى جنوب اليمن، ورأيي وقناعتي هنا ثابتة ومتوازنة بعيداً عن العواطف بل هنا من يحكم العقل، والعقل فقط، لأن ذلك خطأ من الناحية الإنسانية ويضر بالاقتصاد والبنى التحتية ودمار للمنطقة والأمن والسلم القوميين للمنطقة العربية دون أن يكون هناك سبب مقنع لهذه الحرب، وبالنسبة لي، المصلحة العربية العامة مقدمة على أي رأي سياسي في هذا الأمر، مع التأكيد أنني أيضاً ضد كل التدخلات الإقليمية في الشؤون الداخلية لضرب الدول الأخرى.
انظروا إلى العراق وما حدث فيه لأنه مركز صراع قوى خارجية على أرضه، لا أحد يقول لي إن دولة أفضل من أخرى، وأن الحالتين مختلفتين، نعم هناك ظروف خاصة لكل منهما، لكن الواقع واحد، ودائماً عندما تكون الولاءات لغير الوطن يضيع الوطن وشعب هذا الوطن، وتُبتكر الحلول بعد أن يكون قضى الآلاف شهداء صراعٍ لا يد لهم فيه، لننظر أيضاً إلى الحالة السورية التي أصبحت سمائها مستباحة من قبل الكيان الصهيوني دون أن يتحرك أحد لوقف هذه الاعتداءات، لماذا لأن الأرض السورية تتواجد فيها قوى خارجية، إن كانت مرابطة أو عبر وكلاء الحال واحد كما اليمن والعراق، نحن عرب ولسنا بأعداء، نحن أهل وأخوة واليمن السعيد أرض عربية وأرض حضارات وأرض الخير والبركة، فليقف الجميع على التهدئة، لتعيش شعوب الأرض بسلام، يكفي العبث بأرواح الناس، وإن جئنا للإمارات لقد سحبت قواتها منذ زمن، فلماذا هذا الاستهداف؟ هل يعتقد أنصار الله أنهم ضرّوا الإمارات؟ لا لقد أضروا بسوق النفط العالمي، بأمن وأمن الناس، نعم تصلون إلى عمق إي بلد تريدون لكن هذا لا يعني أنكم منتصرين أو أنكم أصحاب حق، هذا باعتقادي تصرف غير مسؤول وإن كان هناك نسبة معينة تقف في صقكم ستجدونها انقلبت ضدكم، فهل هكذا يكون التوازن العسكري، اليوم نفذت قوات تحالف دعم الشرعية في صنعاء غارات جوية كثيرة على معاقلكم ومعسكراتكم، على من تقع مسؤولية ذلك؟ عليكم بكل تأكيد، لنسأل سؤال مهم، ماذا حققتم من ذلك؟ لا شيء سوى الإضرار باليمن وبشعبها بسبب تصرفات غير مدروسة ولا مسؤولة والتي قد تغير قواعد الاشتباك كليّاً وتنسف كل الجهود السابقة الداعية إلى التهدئة والحوار خاصة (اليمني – اليمني).
الأمر الأكثر إثارة للامتعاض هو أن الهجوم جاء في الوقت الذي تمارس فيه أبوظبي سياسة متسقة تهدف إلى صون السلام والاستقرار في منطقة الخليج ومعالجة الخلافات الإقليمية الداخلية، وتقدم مساعدات إنسانية لكل المحتاجين حول العالم، وفق خطط إنسانية محكمة، وهذا الأمر لا يجيز لكائنٍ من كان ضرب هذا الاعتدال وهذه السياسة المرسومة بدقة وعناية، وخيرها ليس فقط للإماراتيين بل لكل العالم، فاستهداف أبو ظبي أو الرياض أو أي بقعة جغرافية عربية أمر أكرره مرفوض كلياً، وإن كانت الحرب قائمة، فلها مواقعها التي يجب فيها مقارعة كل طرف لآخر، بعيداً عن المدنيين وبعيداً عن البُتى التحتية والمنشآت المدنية، الإمارات دولة غنية وكذلك السعودية، أي حدث يسبب دماراً هناك مقدرة سريعة واستجابة أسرع لإصلاح الأضرار، على عكس اليمن التي تعاني من ظروف إنسانية قاهرة، وبهذا التصرف تقضون على ما تبقى من سبيل حياة، أما على الصعيد القانوني، ولنكن واقعيين، هذه الهجمات تخرق قواعد القانون الإنساني الدولي وتقوض آفاق التسوية السلمية في اليمن على أساس قرارات مجلس الأمن ذات الصلة والقرارات المتخذة ضمن صيغة الحوار اليمني – اليمني، وتظهر الحد الأقصى من عدم المسؤولية، وعوضاً عن بذل الجهود لإزالة التوتر، يراهن مدبّرو الهجمات على المواجهة، بعيداً عن التفكير في التبعات الإنسانية لمغامرتهم بالنسبة لليمن وشعب اليمن.
أخيراً، أقف موقف حق، متضامناً مع شعب الإمارات وشعب اليمن وأتقدم بأحر التعازي لدولة الإمارات العربية في ضحايا هذا الهجوم وأقدم أمنياتي الصادقة بالشفاء العاجل لجميع المصابين، ودولة الإمارات ستظل على الدوام منارة للسلام والاستقرار وحصناً للأمن والأمان ولن تنال منها هذه العمليات، وكلي ثقة في قدرة الإمارات العربية المتحدة على اتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لصون أمنها واستقرارها وحماية سيادة أراضيها، والإمارات ستبقى نموذجاً وواحة للتسامح والإيخاء والأمن والأمان.
عبدالعزيز بن بدر القطان / كاتب ومفكر – الكويت.