
عمّان، في 21 ديسمبر/ العمانية/ قالت الكاتبة العمانية د.جوخة الحارثية أن روايتها “
سيدات القمر” لا تهدف إلى تقديم وثائق أو إثباتات تاريخية لأيّ شيء، وإنما تعاين
مصائر الإنسانية وعلاقاتها المشتبكة عبر التاريخ، مؤكدة أن فهم الحاضر يستدعي فهم
الماضي بصورة واضحة، و”مهما كان الأمر حساساً علينا ألّا نخاف أو نهرب منه”.
وأضافت الحارثية خلال جلسة حوارية نظمتها مكتبة عبد الحميد شومان العامة عن بعد
عبر منصة “زووم”، أن الرقّ والعبودية لا يخصّان دولة محددة أو مجتمعاً بعينه، بل
إنهما موجودان في كثير من الحضارات منذ قديم الزمان. وتابعت بقولها: “كلما قرأت
قصة عن تعرّض أحد البشر أو إحدى الجماعات للاستعباد، وقفتُ موقف المساءلة أمام
التاريخ، وهذا واجب المثقف”.
وقال الناقد دزياد الزعبي الذي أدار الجلسة، إن “سيدات القمر” رواية “عميقة، وآسرة
بشخوصها وأحداثها ولغتها، وببنيتها الفنية التي تمنح القارئ أفقاً مفتوحاً للقراءة وملء
الفراغات، واستكمال الأحداث من خلال سرد يفارق الأنماط التقليدية عبر تقنيات تجاوز
صور التعاقب والتجاور المألوفة؛ لتأخذ القارئ إلى عوالمها التي عليه أن يشارك في
إعادة بنائها”.
وأضاف الزعبي الذي يعمل أستاذاً النقد الأدبي بجامعة السلطان قابوس، أن هذه الرواية
تتشكل بشخوصها وأمكنتها وأحداثها في مكان ثري بذاكرة تاريخية عميقة، لتعبّر عن
مرحلة جديدة تتأملها الكاتبة في حيوات النساء وأزمانهن؛ “النساء اللواتي تتجلى بهن
وفيهن صور التحضر أو نقائضها، واللواتي يرسمن ملامح حياة جديدة عبر طرق وعرة
متعرجة محكومة بعنف الموروث الثقافي من جانب، وبعنف تيارات الحداثة من جانب
آخر، لكنهن في الحالين يمتلكن حريتهن غير مباليات بقبضة الماضي”.
ووفقاً للزعبي، ترصد الحارثية في روايتها التي فازت بجائزة “مان بوكر” الدولية
(2019)، “حيوات الرجال القلقة المتشظية التي ينتمي بعضها إلى الجيل الأول المسكون
بسطوة التقاليد وقوانينها، والتي ينتمي بعضها الآخر إلى مرحلة التحولات العميقة التي
أخذتهم إلى دروب شتى يجمع بينها أنهم كانوا فيها صوراً لشخصيات مأزومة ومنطفئة
ترزح تحت ثقل الماضي القاسي أو تعاني من واقع عاجزة عن محاورته، وهذا ما أضفى
على الشخصيات الذكورية سمات السلبية وعدم السواء النفسي”.
وتتناول الرواية الاجتماعية الطويلة، تحوّلات الماضي والحاضر، وتجمع بلغة رشيقة بين
مآسي بشر لا ينقصهم شيء ومآسي آخرين ينقصهم كلُّ شيء.
يشار إلى أن الحارثي حاصلة على درجة الدكتوراه في الأدب العربي من جامعة إدنبره
بإسكتلندا، عملت أستاذة للأدب العربي في كلية الآداب والعلوم الاجتماعية بجامعة
السلطان قابوس، وتُرجمت بعض قصصها إلى لغات عدة.
/العمانية /174