تكلمنا على أن الانسانية هى المشترك الأعلى والأسمى الذى يربط الإنسان بأخيه الإنسان وذلك حينما أراد الله وخلق كل الموجودات حتى تكون فى خدمة هذا الإنسان مهما تعددت ألوانه ودياناته وجنسياته وأيا كانت انتماءاته. ولما كان الإنسان مطلق انسان قبل الأديان . هنا كانت بداية الأديان هى وصية الله إلى ادام بألا يأكل من هذه الشجرة . تلك الوصية التى تتوافق مع ادم ( الإنسان) حين ذاك وبما يتوافق مع بساطته الحياتية والثقافية ..الخ . والأهم أن العلاقة بين الله الخالق وبين الإنسان المخلوق هى عقيدة الألوهية اى الايمان بالأله الواحد . هنا مع فكرة التعددية وحكمة الاختلاف كانت التعددية الدينية المتأثرة بالزمان والمكان والثقافة والعادات والتقاليد ..الخ ولكن كل هذا فى إطار عبادة الإله الواحد . كما أن التعددية هذه كانت أمرا طبيعيا يساير التطور الحادث لادام الإنسان وعلى كل المستويات الثقافية والذهنية والعقلية . فكان الرسل والرسالات والأنبياء ثم الأديان . اى أن كل المعتقدات وكل الأديان ماقبل مانطلق عليه الديانات السماوية أو الإبراهيمية هى بإرادة الله سبحانه وتعالى لأن محورها وغايتها عبادة الإله الواحد . ( ورسلا قد قصصناهم عليك من قبل ورسلا لم نقصصهم عليك ) ( من ليس لهم ناموس هم ناموس لأنفسهم ) . وهذا يعنى أن هناك ماقبل الأديان الإبراهيمية عدد لا يحصى من العقائد والأديان وكلها اديان محورها عبادة الإله الواحد والدعوة إلى القيم الإنسانية النبيلة والعظيمة . وهذا يعنى أن الأديان ايا كانت مسمياتها تتكامل نتيجة للتطور الفكرى والحياتى المصاحب لمسيرة الانسان والإنسانية . فإذا كان الإنسان هو الانسان والأديان لكل صاحب دين هو الدين بكل مايحمل من قداسة وقيم وأخلاقيات تتوافق مع واقع الإنسان سواء كانت اديان مانطلق عليها اديان وضعية أو اديان سماوية فهذا الفصل راجع إلى حالة من التمايز يمارسها اصحاب الأديان الإبراهيمية تمايزا عن الاديان الاخرى ولكن كلها اديان تخص أصحابها والكل يؤمن بدينه ويقدسه بل يعليه على الاخر ايا كان مسمى هذا الدين . ولكن ماهى مظاهر هذا التكامل ؟ نرى فى الأديان الإبراهيمية الكثير جدا من المشترك بينها فى قصص الأنبياء بل فى سرد المسيرة الدينية المصاحبةةللمسيرة الانسانية اضافةلمجموعة القيم والمقاصد العليا المشتركة بين هذه الاديان بل اهم الاهم هو المشترك الواحد فى عقيدة الألوهية وعبادة الله الواحد مهما تعددت العبادات وتميزت الطقوس. بل إن هناك ماهو مشترك بين الأديان الإبراهيمية وغيرها من الاديان غير الابراهيمية. فهناك مثلا بعض نصوص العهد القديم الذى يخص اليهود مايتطابق مع بعض كتابات الديانة المصرية القديمة ( نصا وحرفا!! ) . وهذا راجع إلى أن كاتب النص التوراتي فى العهد القديم هو موسى الذى قال عنه العهد القديم (وتهذب موسى بحكمة المصريين) . اى أن الحكمة والقيم والمبادئ والمقاصد العليا هى واحدة فى جميع الأديان ايا كانت المسميات . هل هناك مشترك على هذا الأساس بين الأديان الإبراهيمية والوضعية ؟ بالطبع ولوحدة الانسان ووحدة الأديان فى عبادة الله الواحد فلابد أن يكون هناك مشترك بين الأديان التى كانت للانسان. فمثلا الديانة الزارادشتية تفرض على من يريد الدخول فيها يجب أن : ينطق الشهادتين ويغتسل ويتطهر ويقول ( اشهد أنى اؤمن بالله الخير .الغنى. واتبع زارادشت رسوله الكريم ) ..كما أن فى هذه الديانة تؤمن بالملائكة التى تسجل اعمال الانسان منذ بلوغه وحتى مماته . كما يحرم على الزارادشتي الارتداد والا قتل كما تقطع يد السارق وتحرم عليه الربا وشرب الخمر واللواط والكذب والانتحار. تذكر الزارادشتيه أن قبل خروجه من بطن أمه بلحظات انبثق نور الهى شديد اللمعان فرحت به الطبيعة ومن حولها السماء وسمع صوت يبشر بميلاده وذلك فى الغرفة التى ولد فيها والمضاءة بالنور الآلهى . إضافة إلى أن الزارادشتي يصلى خمس صلوات قبل الفجر وعند منتصف النهار. وقبل غروب الشمس وعند الغروب والخامسة فى الليل وأهم هذه الصلوات هى صلاة الفجر . ولابد من الوضوء بغسل الوجه واليدين والرجلين. كما دعى الى التوحيد ونبذ كل الآلهة الأخرى . هذه اشياءةتتماثل مع ماجاء بالإسلام والمسيحية وهذه نماذج وأمثلة لوحدة الإنسان والإنسانية وتكامل الأديان ايا كانت المسميات فإنها هى لعبادة الله الواحد الاحد . ولذا يمكن أن نقول إن الصراع بين الأديان لاعلاقة له بجوهر وجلال الاديان ولكنه الصراع الذى حول الأديان من الايمان بالله الواحد إلى أن تتحول الأديان الى ايدلوجية تحتم الصراع بين الإنسان والانسان على خلاف مااراد الله . فهل نعى هذا ونؤمن بأن التعددية هى حكمةالاهية تتماشى مع طبيعة الخلق وطبيعة الإنسان ومع حكمة الاختلاف التى أرادها الله لخير الانسان الذى سيحاسب الجميع على أعماله وعلى معتقده الذى اراده لنفسه؟ حفظ الله الانسان من طغيان الذات ووهبه الحب الانسانى الذى يجمع بنى الإنسان.
جمال أسعد