ترى ما الذي يجعلُني مضطرباً لحظة مطرِ الحروف، وما الذي يشعل براكين التهجد بالمستحيل وأنا أفتّقُ نسيجَ امرأةٍ لطفولةِ رجلٍ، ادوّن مغمّض العينين ازمنةً لم يعد لشوارعها في اخاديد الذاكرة سوى وجع ساعة يقظتها، ورقصاتٌ فوق مديةٍ تركتْ نياشينَها كؤوساً تعربدُ في عوالمٍ أجهضتْ أحلامَها؟! وما يجعل انفاس امرأة خرائط غوايةٍ وأفكاراً متوحشة تتطهر بالملح ساعة تعميدها واجراسٌ تخبر العابرين عن قيامة في كهف لا تندمل فيه الأزمنة، وما يجعلُ أخدودَ جرحٍ خرائطَ أزمنةٍ بليدةٍ، يتوالدُ بأزقتِها صلصالٌ مشوهٌ ووطنٌ من الغربة الموحشة.
أنثر أشيائي أطناناً، ضجيج بداخلي كالصمت الموحش يخيّم على مساحات الاشتعال، تتساقط جيوشا من الوساوس -لم تنضج بعد- برائحة المجهول وطعم الأمكنة، اطوي شوارع مدن الخيال ليس فيها سواكِ، أنتِ يا أيتها التي أدمنتك حروفاً وعلى ثرى صفحاتها أحلّقُ اشتعالاً قوافل بوح ، انتِ يا من تغتالني نوارسها هوساً وعلى موانئها تجذّرت قدميَّ، انتِ يا من استنشق عشبها عطراً واتيهُ بعوالم حضنها سحرا، يا انتِ أشعر بظلك يكتبني مساءاتٍ تنخر ما تبقّى من شقوق ذاكرةٍ يتخللها دخان سجائري، ترتسمين حلماً، وجعاً تستيقظين لحظة تدفق النبض، تغتسلين بأفكاري المتزاحمة، تطلقين غنج ضحكاتك تراتيلاً يرتد صداها نوافذ متاهاتٍ وعلى هوامش روحي تقطّع أنفاسي فاحتضنك سراباً واحتضر.
أنتِ يا أيتها التي أوغلتُ فيها خطيئةٌ احملها، أنتِ يا ايتها التي ما اردت سوى ان اشرب كأس نبيذي بسرتها، واكتب قصائد خمري بتضاريسها، اثمل فيها حدَّ اشتعال الهمس مطراً ورعشة مخملية، انت يامن أدمنتكِ اشتهاءاً وانتظاراً وفي موانئ الكلمات أصلب على موائد حكايةٍ من الصمت وتتعطرين بحروفها ، ويرويني العابرون بتفاصيلها، والبس ثوب الدهشة بتفاصيلها، أصمت وتنهشني مساءاتك، ذكرياتك، خراباً مذهلاً تقتحمين مدني، أرمم وتزلزلين، ألملم وتعصفين، أرتمي منهكاً، أصارعك مستكيناً لتعبثي بانكساري.
أنتِ يا أيتها المساحة بين عقلي وحماقات جنوني أراقصك سنابل بأسنان منجلٍ، وأرقص، أرقص نزيفاً لأطعم أيامك، قرباناً أحمل عنك عذابات تستنزفني وأرقص، تنشغلين بكل ما في الأشياء سواي وارقص، أرقص مختنقاً، مبتسماً، ارقص وعلى سطور احتراقاتي تكبّر الكلمات تعلن موتي.
أنتِ يا أيتها التي تنامين بأحضان همسٍ، وترتشفين نبيذ ليلٍ، وتمطرك الأغطية اشتهاءاً، ويستضيء ليلي احترقاً، وأرشف ألمي نبيذاً معتّقاً ينادمني دخان سجائري، ويمطرني الضجيج امرأةً تشبهك تساقط علي فأثمل بحزنٍ غائرٍ وحلمٍ مؤجل.
أنت يا أيتها التي مسكت خاصرة الفواصل، وبعثرت مساماتي على أروقة الاشتعال لترسم فضاءاتٍ خاويةٍ وأجنحةٍ مكسّرةٍ، بحار، غيم، عواصف، لأبحر بلا أشرعةٍ يرافقني خوفي، وحدتي، إلى أين تريديني لأنتظر تأشيرة مدنٍ أمنحها أسراري لتقرأ تاريخ أسفاري، إلى أين تريدين بي؟
أنت يا أيتها التي تبحث عن ذاتها وتضيعني…
أنتِ يا أيتها التي ما فارقت أوجاعي إلا لأوجاعي مهلاً، لم تزل هناك مساحات للقتل في مدني فلا تغادري، لازال لمديتك عشقٌ بجسدي، لم تتحجر مقلتي، حنينٌ لأحضانك، لعشبك، لازلت اعشق موتاً واشتهي استفاقة لحظات جنون ولا سواك يقتلني بشكلٍ جميلٍ أتمناه.
أ. وفي العامري