في ليلة من ليالي (الويكند) الجميلة ومن باب مقولة (الحكمة ضالة المؤمن) تبادلت الحوار (الواتسابي) مع صديق عزيز عرفته بعلو قدراته وحماسه التي لا يخبو حول التطوير المؤسسي فقال لي مما قال بأن الكثير مما يدعى بخطط التطوير هي (كترضيف خبز الطوبي!)
ترضيف خبز الطوبي دائري الشكل يكون بثنيه لأكثر من مرة ثم رميه في الصحن دون سبب واضح وذلك لا يعد سوى مزيد من الإنشغال الذي يستهلك الوقت والجهد وهذا وصف صائب لحال الكثير من بيئات العمل المؤسسية التي تجد فيها الكثير من مدعي (الخبرة الفارقة) في حركة دائبة واجتماعات متتالية وتشكيل للفرق واللجان الفرعية والفرعية المتفرعة من الفرعية (وإيميلات رايحة جاية) كالجعجعة التي تسمعها ولا ترى طحنا فإذا أردت أن ترى تمخضها لن تجد إلا أنها قد ولدت فأرا. إن ذلك التشاغل (المصطنع) إن لم يكن مؤثرا على جودة المخرجات النهائية فهو لا يتعدى وصفا كبداية قوية في سباق جري والإتجاه عكس المسار وبعدها يحق القول فينا (كأنك يا بو زيد ما غزيت).
هلامية التخطيط المؤسسي أشبه بلافتات إرشادية متعارضة فلا نعرف أين موقعنا وإلى أين نحن ذاهبون فتتصدر الإرتجالية في صنع القرار والتي قد تظهر في صورة قيادة سطحية أو فكر أكاديمي منقول حرفيا دون تكييفه مع قدرات المؤسسة لتغلب صفة (الظنية) على احتياجات المؤسسة أكثر من كونها فعلية مما يدخلنا في ضبابية تقود لردود فعل انفعالية وعشوائية تجاه تحديات تتطور وتتعقد لسوء التعاطي معها ويصبح الواقع المعاش معالجا لمشكلات وقتية مستجدة – كالأعمى الذي يفاجئ بما يقابله – أكثر من كونه بوابة للحلول الإستباقية والتطويرية وعند المكاشفة والمصارحة يأتي الرد الذي يأخذ العزة بالإثم (ترانا نشتغل!).
إن الأزيز الذي يملأ ردهات المؤسسات و(الحرطمة) التي تتصاعد هنا وهناك في المكاتب بحاجة إلى توجيه للتعامل معها ليكون مقصدها معالجة القضايا الجوهرية لأهداف المؤسسة وذلك يتطلب رفع قدرات القيادات أولأ والتدوير الموجه لها ولأعضاء المؤسسة وفقا لقدراتهم الحقيقية وليس لمؤهلاتهم الأكاديمية ومسمياتهم الشرفية.
أكثر ما نحن بحاجة إليه هو معالجة الثقافة المؤسسية التي تسودها نظرة التشاؤم وفقدان الثقة بالتحسن وأيضا من المفيد الإستفادة من ثقافة (كرسي المنصب) لتكون دافعا للحفاظ على مواقع المناصب القيادية. إن الإصلاح ممكن إن تم بمقاربات سليمة والخلل قابل للتلاشي إذا تمت معالجته بصورة جذرية والحذر الحذر من الإستعجال والقرارات المتسرعة حتى لا تلازمنا صفة التخبط فالمهم أن نعترف بوجود المشكلة ومن ثم نحللها تمهيدا لمعالجتها بما يلائمها أما حلول (النص كم) فليست سوى حلقة تجميلية من حلقات (ترضيف خبز الطوبي).
محمد سيفان الشحي
٢ يناير ٢٠٢١ م