مع رحيل العام 2020 غير مأسوف عليه أو على ادارة الرئيس ترامب الصهيونية بامتياز، ودخولنا العام 2021 الذي يأمل الكثيرون ان يكون مختلفا، وان يحمل شيئا جديدا مبشرا في المشهد الفلسطيني، نقف هنا لنطل بعبارات مكثفة على حصاد العام 2020 في فلسطين، ونعود مرة اخرى لتوثيق اهم واخطر الجرائم المقترفة بحق الشعب العربي الفلسطيني وحقوقه التاريخية، ولعل حالة الانفلات الاجرامي في الاستعمار الاستيطاني ، وكذلك حالة الانهيار التطبيعي العربي من قبل الاعراب، هما الأخطر على القضية الفلسطينية برمتها، طبعا الى جانب جملة لاحصر لها من الجرائم والممارسات الاحتلالية الاخرى.
ففي التطبيع العربي، حينما يرحب نتنياهو بتصريحات متلاحقة باتفاقيات التطبيع منع العرب نظاما وراء نظام، معتبرا”ان هذه التفاقيات “تبدو كأنها في أيام المسيح (المنتظر) وتشير إلى تغيير جذري في الشرق الأوسط”، فهل تبقى هناك دلالة أشد وضوحا وخطورة من ذلك على خطورة التطبيع العربي المتهافت مع عدو الامة….؟!.
والمؤسف هنا ان السياسات الرسمية العربية في معظمها اسقطت اللاءات العربية الرافضة وتبنت النعمات للتطبيع والانفتاح بل والتحالف مع الكيان، بل ذهب بعض الاعراب ابعد من ذلك بمطالبتهم بالاعتراف التاريخي بان فلسطين لليهود، وانه يمكن تجميع الفلسطينيين في جزيرة عرض البحر…!
فماذا نسمي كل ذلك يا ترى….؟!
هل نسميه خيانات عربية….؟!
أم سقوط عربي….؟!
ام انهيار عربي….؟!
يبدو ان الامور اعمق وابعد من كل ذلك، فهذا الذي يجري من تطبيع وتحالفات مع الكيان هو اخطر تهديد واجه ويواجه القضية الفلسطينية ويهدد بتصفيتها-ولكن بايد عربية-بالوكالة- الى جانب الحرب الصهخيونية المفتوحة على فلسطين….!
اما عن الاستعمار الاستيطاني فحدث ولا حرج….!
ففي فلسطين الحالة مختلفة عن باقي دول وشعوب العالم، ففي فلسطين يعاني اهلنا بالاساس من “كورونات-جرائم الاحتلال”، والعالم عمليا يقف متفرجاً على هذه “الكورونات” المتفشية على نحو كارثي مزمن، وما سياسات التمييز العنصري الصهيونية الشاملة سوى احدى تجلياتها، والاحتلال الإسرائيلي في زمن «الكورونا» يضاعف الاعباء والاثقال والتداعيات على الشعب الفلسطيني، فالحكاية هناك اصبحت”كورونات” تحتاج الى جهود وامكانات وطاقات هائلة لتزيلها عن كاهل أهل البلاد، والاحتلال بطبيعة الحال لا يكترث ابدا بهؤلاء البشر حتى لو تعرضوا الى جائحات متلاحقة من الكورونات الفتاكة، وحتى لو تعرضوا الى هجوم كاروني واسع النطاق ومرعب ويهدد بالابادة الجماعية، بل يمكن القول ان الاحتلال قد يعزز ذلك ويوفر المناخات لذلك، فالهدف الكبير الاساسي على اجندته هو”الاقتلاع الشامل لأهل البلاد من جذورهم…وانهاء حضورهم العربي في فلسطين..!.
وقد جاء في احدث تقرير فلسطيني عن الاستيطان اعده المكتب الوطني للدفاع عن الأرض ومقاومة الاستيطان التابع لمنظمة التحرير، حصيلة ما جرى في الأرض الفلسطينية في العام 2020، بأنه كان الأصعب على الفلسطينيين في ظل تصاعد النشاط الاستيطاني وإرهاب المستوطنين- السبت 02 يناير 2021-.
وأشار التقرير إلى أن سلطات الاحتلال صعدت نشاطاتها الاستيطانية في الضفة الغربية المحتلة، بما فيها القدس ، في عهد الرئيس الأميركي المنتهية ولايته دونالد ترمب، حيث صادقت في السنوات الثلاث الأولى من فترة رئاسته على بناء ما معدله سبعة آلاف وحدة سكنية سنويا، أي ما يقرب من ضعف متوسط الوحدات الاستيطانية في السنوات الثلاث التي سبقتها في عهد إدارة الرئيس باراك أوباما، والتي فاقت 3600 وحدة سكنية، بهدف ضم وتهويد اوسع مساحات من الارض الفلسطينية. ولم يكن العام 2020 هو الأسوأ على الفلسطينيين من الناحية السياسية فقط بعد هرولة عدد من الدول العربية نحو التطبيع المجاني مع دولة الاحتلال، وإنما من الناحية الديمغرافية كذلك، فسلطات الاحتلال تخطط لرفع عدد المستوطنين في الضفة الغربية ليصل الى نحو مليون مستوطن، ورفعت من وتيرة الاستيطان في الضفة الغربية خلال العام الماضي، لتصل إلى أعلى المستويات منذ عشرين عاما.
وبدأت بسن القوانين بالقراءات التمهيدية في الكنيست لشرعنة عشرات البؤر الاستيطانية وصادقت من خلال سلطات الاحتلال على بناء نحو 6500 وحدة استيطانية، هذا في الوقت الذي قدمت فيه بلدية الاحتلال في القدس مخططا شاملا يقضي ببناء 8600 وحدة سكنية وتحديث المنطقة الصناعية “تلبيوت” وبناء مجموعة من الأبراج متعددة الاستعمالات بارتفاع 30 طابقا، الى جانب فلتان المستوطنين على مفارق الطرق واعتداءاتهم على المواطنين ومركباتهم، ومحاولة إقامة العديد من البؤر الاستيطانية التي تم إحباطها، وهدم أكثر من 1700 بيت ومنشأة فلسطينية في الوقت ذاته. ولعل من اخطر تطورات المشهد الاستيطاني ايضا في العام 2020، أن مجموعات من شبيبة التلال في الضفة الغربية المحتلة تضم أعدادا كبيرة من المستوطنين الاشد تطرفا وارهابا، بالإضافة إلى طلاب “اليشيفوت” (المعاهد الدينية اليهودية)، أقاموا غرفة عمليات للتحضير لتنفيذ مخطط الضم، قاموا من خلالها بتجنيد الناشطين وعقدوا مؤتمرا حول خطواتهم المرتقبة كما أنهم أجروا جولات ميدانية.
يضاف الى كل ذلك طبعا، حروب التدمير والتفكيك الامريكية المسعورة على الامة العربية هدفها الاستراتيجي هو تفكيك التامة لصالح المشروع الصهيونية وهيمنته على المنطقة.
فما الذي ننتظره اذن في العام 2021 بعد كل هذه المعطيات…..؟!
نعتقد ان فلسطين تحتاج في العام الجديد الى نهضة شاملة تقوم بها كافة القوى الحية في العالم العربي تقف الى جانب الصمود الفلسطيني هناك على الارض في مواجهة اعتى استعمار استيطاني عرفته البشرية….!؟
نواف الزرو – كاتب فلسطيني