ماكرون يلتقي بوتين سعيا لخفض التصعيد حول أوكرانيا
عواصم “وكالات”- قال رئيس اللجنة العسكرية بحلف شمال الأطلسي الاثنين إن الحلف يدرس زيادة وجوده العسكري في دول البلطيق وبولندا إذا أبقت روسيا قواتها في روسيا البيضاء بعد انتهاء تدريبات عسكرية.
وقال حلف شمال الأطلسي إن روسيا أرسلت 30 ألف جندي إلى روسيا البيضاء، الجارة الشمالية لأوكرانيا، لإجراء مناورات عسكرية مشتركة هذا الشهر، ليتجاوز إجمالي الانتشار العسكري الروسي على حدود أوكرانيا مئة ألف جندي.
وأرسلت الولايات المتحدة ثلاثة آلاف جندي إلى رومانيا وبولندا الأسبوع الماضي لطمأنة الحلفاء، بينما قالت ألمانيا إنها تدرس تعزيز انتشارها العسكري الحالي في ليتوانيا.
وقال الأميرال الهولندي روب باور، رئيس أعلى هيئة استراتيجية عسكرية في حلف شمال الأطلسي، إن من الممكن نشر المزيد من القوات من أعضاء الحلف.
وأضاف باور في مؤتمر صحفي في فيلنيوس “لدينا قوات في الحلف باستمرار، في الدول المختلفة- الحديث بشأن ذلك هو نتيجة ما نحن فيه الآن. نعم، ننظر في الأمر. قد تكون هناك تغييرات في المستقبل نتيجة تلك التطورات”.
وأضاف “هذا يعتمد بشكل كبير بالطبع على ما إذا كانت القوات الروسية ستبقى في روسيا البيضاء”.
وتنفي موسكو التخطيط لغزو أوكرانيا، لكنها قالت إنها قد تتخذ إجراءات عسكرية لم تحددها إذا لم يتم تلبية مطالب أمنية، تشمل تعهد حلف الأطلسي بعدم قبول عضوية كييف، وهو ما وصفته الولايات المتحدة والحلف بأنه غير مقبول.
من جانب آخر، قال المتحدث باسم رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون الاثنين إن رئيس الوزراء يريد أن يطمئن روسيا بشأن دور حلف شمال الأطلسي لأنه تحالف دفاعي وينبغي أن يتاح الانضمام لعضويته لأي ديمقراطيات أوروبية.
وتطالب روسيا، التي انتزعت السيطرة على شبه جزيرة القرم من أوكرانيا، بضمانات أمنية، منها تعهد حلف الأطلسي بعدم ضم أوكرانيا.
وقال المتحدث باسم جونسون “عبرت روسيا عن مخاوف بشأن عدوان محتمل من قبل حلف شمال الأطلسي، لكننا أوضحنا أن تلك المخاوف لا أساس لها، إذ أن حلف الأطلسي تحالف عسكري في جوهره”.
“لكننا نود العمل مع روسيا لطمأنتها دبلوماسيا بشأن ذلك. لا يعني الأمر تقديم تنازلات، حيث قال رئيس الوزراء وزعماء غربيون آخرون إن جميع الديمقراطيات الأوروبية لها الحق في الانضمام إلى حلف الأطلسي”.
اجتماع بين الرئيسين الفرنسي والروسي “مهم جدا”
وصل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الإثنين إلى موسكو حيث يلتقي نظيره الروسي فلاديمير بوتين في بداية أسبوع من المساعي الدبلوماسية المكثفة بهدف حلحلة الأزمة بين روسيا والغرب بشأن أوكرانيا.
وتحشد روسيا عشرات آلاف الجنود على الحدود مع أوكرانيا، مثيرة مخاوف من اجتياح جديد لهذا البلد، فيما تطالب موسكو لخفض التوتر بضمانات أمنية تقضي بعدم توسيع الحلف الأطلسي شرقا وانسحابه من محيطها.
وسيكون ماكرون أول مسؤول غربي من الصف الأول يلتقي بوتين منذ تصاعد التوتر في ديسمبر، على أن يلتقي الثلاثاء الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.
واعتبر المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف أن الاجتماع بين الرئيسين الفرنسي والروسي “مهم جدا” ذاكرا أن “ماكرون قال لبوتين إنه يأتي حاملا أفكارا من أجل خيارات محتملة لتحقيق انفراج في التوتر في أوروبا”.
لكنه أضاف أن “الوضع أكثر تعقيدا من توقع اختراق حاسم خلال لقاء واحد”.
وصرح ماكرون للصحافيين في الطائرة التي كانت تقله إلى موسكو أنه ينظر إلى الأمور بـ”واقعية وتصميم” معتبرا هو أيضا أنه ليس هناك حلّ على المدى القريب.
والمطلوب برأيه بالتالي هو “الحد من هامش الالتباس لنرى أين تكمن نقاط الخلاف ونقاط التوافق الممكنة”.
وأكد مرة جديدة على موقف الغربيين الموحد الرافض لوقف سياسة الباب المفتوح في الحلف الأطلسي في وقت تطالب موسكو بضمانات بعدم انضمام أوكرانيا ودول أخرى من جوارها إلى الحلف.
وقال ماكرون “علينا أن نبني شروط معادلة تجعل من الممكن خفض التصعيد على المستوى العسكري”، مقدرا عديد القوات المنتشرة على حدود روسيا وبيلاروس مع أوكرانيا بـ125 ألف جندي.
أمن روسيا مسألة “مشروعة”
ويرفض الغربيون المطالب الروسية، مقترحين في المقابل إجراء محادثات حول مخاوف موسكو، والقيام بخطوات لبناء الثقة مثل زيارات متبادلة لمواقع عسكرية أو تدابير لنزع السلاح، وهي اقتراحات يعتبرها الروس “إيجابية” لكنها “ثانوية”.
في المقابل، حدّدت أوكرانيا خطوطها الحمر وهي بحسب وزير خارجيتها دميترو كوليبا “لا تنازلات على وحدة وسلامة أراضينا” و”انسحاب دائم للقوات الروسية من الحدود الأوكرانية والمناطق المحتلة”.
وشدد ماكرون على أنه “يجب عدم القيام بأس تسوية في المسألة الأوكرانية بدون الأوكرانيين” مبديا “دهشته لبرودة الأعصاب التي أظهرها الرئيس زيلينسكي في الأسابيع الماضية”.
واجتاحت روسيا أوكرانيا عام 2014 وضمت شبه جزيرة القرم، ردا على ثورة موالية للغرب في كييف. ورد الغرب بفرض عقوبات لم يكن لها حتى الآن أي تأثير على سياسة الكرملين.
ويخوض انفصاليون موالون لروسيا ومدعومون منها حربا منذ 2014 ضد الجيش الأوكراني في شرق البلاد.
وسمحت اتفاقات سلام تم التفاوض عليها بوساطة ألمانية فرنسية بتجميد المعارك على الجبهة، لكن التسوية السياسية للنزاع في طريق مسدود.وسيسعى ماكرون لتحريك هذه الآلية.
وفي موقف جديد مخالف للتحذيرات الأميركية، دعا وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا إلى عدم تصديق “التوقعات المروعة”، مؤكدا في المقابل أن “أوكرانيا لديها جيش قوي ودعم دولي غير مسبوق”.
” لا توقعات “مروعة”
وسعيا لتنسيق الموقف الغربي، أجرى ماكرون خلال اجازة نهاية الأسبوع محادثات مع بايدن ورئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون والأمين العام للحلف الأطلسي ينس ستولتنبرغ وقادة دول البلطيق الثلاث، الرئيس الليتواني جيتانا نوسيدا ورئيسي وزراء لاتفيا كريسيانيس كارينز وإستونيا كاجا كالاس.
ويزور وزيرا الخارجية والدفاع البريطانيان موسكو هذا الأسبوع ،كما تواصل الولايات المتحدة إرسال تعزيزات عسكرية إلى أوروبا.
وقدّرت الاستخبارات الأميركية أن روسيا بات لديها فعليا 70 %من القوة اللازمة لتنفيذ غزو واسع النطاق لأوكرانيا.
كما تنشر موسكو عددا غير محدد من الجنود والمدرعات والطائرات في بيلاروس، حليفة روسيا المجاورة لأوكرانيا، حيث تجري تدريبات عسكرية ضخمة.
وأعلنت ألمانيا الإثنين إرسال 350 جنديا إضافيا إلى ليتوانيا في سياق جهود تعزيز الخاصرة الشرقية لحلف شمال الأطلسي، كما قررت المملكة المتحدة إرسال 350 جنديا إضافيا إلى بولندا.
وكان المستشار الألماني أولاف شولتس قد اعلن أن بلاده مستعدة لإرسال قوات إضافية إلى دول البلطيق، وذلك قبل زيارة مهمة لواشنطن حيث سيسعى لتعزيز تأثيره في الأزمة الأوكرانية.
وقال شولتز في مقابلة مع شبكة “إيه آر دي” الألمانية “مستعدون للقيام بكل ما هو ضروري لتعزيز” وجود ألمانيا في عمليات حلف شمال الأطلسي في دول البلطيق.
وتقود ألمانيا عملية الحلف في ليتوانيا حيث تنشر نحو 500 عسكري.
وردا على سؤال عن إمكان الاتفاق على تعزيزات في اجتماع وزراء دفاع الدول الأعضاء في حلف الأطلسي منتصف فبراير، قال شولتش “نحن مستعدون لاتخاذ قرار”.
بدورها، قالت وزيرة الدفاع كريستين لامبرخت في وقت سابق في مقابلة مع مجموعة “فونك” الإعلامية إن ألمانيا مستعدة لتعزيز وجودها في ليتوانيا.
وصرحت لامبرخت “من حيث المبدأ، القوات… متاحة للتعزيزات، ونجري الآن محادثات مع ليتوانيا لتحديد ما سيكون مفيدا”.
يأتي هذا التعهد وسط مخاوف متزايدة من أن روسيا تستعد لغزو أوكرانيا، ويتهم الغرب الرئيس فلاديمير بوتين بحشد أكثر من 100 ألف عسكري على حدود الدولة المجاورة.
من جهتها، تنفي روسيا أنها تخطط لغزو لكنها تطالب الغرب بضمانات أمنية واسعة النطاق، بينها عدم السماح لأوكرانيا بالانضمام إلى حلف شمال الأطلسي.
وفي ظل تعرضه لانتقادات متزايدة حول موقف ألمانيا الذي يبدو متناقضا خلال الأزمة، يسافر أولاف شولتس إلى واشنطن لعقد أول لقاء له منذ توليه المنصب مع الرئيس الأميركي جو بايدن الاثنين.
كما يلتقي زعماء دول البلطيق في برلين هذا الأسبوع ويسافر إلى أوكرانيا وروسيا في وقت لاحق من هذا الشهر.
وشدد شولتش الذي خلف في ديسمبر المستشارة المخضرمة أنغيلا ميركل، على رفض بلاده إرسال أسلحة إلى أوكرانيا.
وقال “لسنوات عديدة، كان للحكومة الألمانية توجه واضح هو أننا لا نقدم (الأسلحة) إلى مناطق الأزمات، وأننا أيضا لا نقدم أسلحة فتاكة إلى أوكرانيا”.
وتابع أن الأمر في الأزمة الحالية يتعلق ب”منع اندلاع حرب في أوروبا، وهذا ما أدين به لمواطني بلدنا”.
كما جدد التأكيد على أن ألمانيا مستعدة لتجميد خط أنابيب الغاز “نورد ستريم 2” المثير للجدل الرابط بين روسيا وألمانيا إذا غزت موسكو أوكرانيا.
وأردف “لقد درسنا كل الإجراءات ولا شيء مستبعدا”.
ولدى سؤاله عما إذا كانت واشنطن تعتبر ألمانيا “الحلقة الأضعف” في حلف شمال الأطلسي، أجاب شولتس “هذا انطباع خاطئ ولا يسود في واشنطن”.