إن مساواة الرجل والمرأة في الدول العربية، وإن كانت قد بلغت حداً بارزاً في بعضها وفي بعض المجالات، إلا أنها لم تبلغ بعد الحدود خاصة المكرسة بمواثيق الأمم المتحدة.
ويشهد على ذلك، ما خلصت إليه بعض التقارير الرسمية، بالإضافة إلى قلة الدول العربية التي صدقت على الإعلانات العالمية والاتفاقات الدولية الخاصة بشأن حقوق المرأة، وحتى أن بعض الدول العربية القليلة التي صدقت على اتفاقية منع جميع أشكال التمييز ضد المرأة قد أوردت تحفظات على بنودها مثل (تونس والعراق)، كما أصدرت بعض الدول اعتراضات على بعض البنود، ولم تصدق على اتفاقية جنسية المرأة سوى تونس.
وبالتالي، يمكن القول، إن المرأة في الوطن العربي لا تتمتع بنفس الحقوق في مختلف الدول العربية، فبينما على سبيل المثال، تضمن القوانين السورية والجزائرية والتونسية والمغربية والعراقية والمصرية كل الحقوق السياسية للمرأة فتسمح لها بالمشاركة في الحياة السياسية وبتحمل مسؤوليات السياسة العليا ولو نظرياً على الأقل، وترفض بعض التشريعات في دول عربية أخرى الاعتراف للمرأة بالحقوق السياسية وبخاصة منها حق الانتخاب.
وإذا كان حق العمل اصبح مكتسباً، لكن دخول المرأة إلى هذا الميدان بقي محدوداً ومتفاوتاً من بلد لآخر، ومع أن كل الدول العربية هي أيضاً أعضاء في الأمم المتحدة وملتزمة نظرياً بمواثيقها، إلا أن معظم الدول العربية لم تصادق على الاتفاقيات الدولية المتعلقة مباشرة بوضع المرأة، كالاتفاق بشأن الحقوق السياسية، والاتفاقية بشأن جنسية المرأة المتزوجة، والحد الأدنى لسن الزواج وما إلى ذلك، والأهم اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز، حيث صادقت 9 دول فقط من مجموع 22 دولة عربية على العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، بينما لم تصادق أية دولة عربية على البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
أما الاتفاقات العامة التي تتعلق بالمرأة مباشرة، فلم تحظَ بالاهتمام اللازم من الدول العربية، حيث لم تصادق على الاتفاقية المتعلقة بالحقوق السياسية للمرأة إلا خمس دول فقط، بينما صادقت دولة واحدة على الاتفاقية المتعلقة بجنسية المرأة المتزوجة، والاتفاقيات الأخرى ذات الصلة التي أشرنا إليها أعلاه.
وإذا كانت المصادقة على الاتفاقيات لا تعني بالضرورة الموافقة على كل ما جاء فيها، ويمكنها وضع تحفظات على المصادقة، فإن الدول العربية الأربع التي صادقت على اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، أبدت العديد من التحفظات عند توقيعها عليها.
ولم يقتصر تمنع الدول العربية على توقيع الاتفاقيات العامة، بل إنها تمنعت عن التوقيع على اتفاقيات العمل الدولية والاتفاقيات الصادرة عن منظمة العمل العربية التي توفر ضمانات للمرأة العربية.
أخيراً، إن هذا الأمر لهو مأساة تنم عن حجم تمكين المجتمع الذكوري من فرض سطوته على المرأة في مختلف المجالات، في حين أن المساواة هنا في قطاعات معينة لا في جميع الأمور، فلو توفرت لكان واقع المرأة أفضل حالاً خاصة تلك التي المعيلة لأسرتها لكن المجتمع يقف ضدها في كثير من الأمور.
د. عبدالعزيز بن بدر القطان