بالأمس كنا وبفارغ الصبر وبكل لهفة وشوق ننظر إلى الأفق نحدق بأم أعيننا إليه من أجل تحري شهرالله الأعظم – شهر الخير والغفران – شهر رمضان المبارك لننعم بعطاءاته الربانية السنية ولنشعر وننتعش بفنحاته النورانية القدسية – فسبحان الله !.
هكذا كنا قبل مجيء رمضان ! إلينا كنا ننتظره ونتقصى خبر هلاله من هنا وهناك عبر وسائل الإعلام المختلفة المشاهدة والمسموعة والمقروءة.
أما اليوم فإن القلوب بدواخلنا حزينة وجلة ! فنبضها ينبض بالحزن نظراً لبدء العد التنازلي لشهر الصيام حيث أن العشر الأواخر قد بدأت فهي تطلق صفارات بدايتها لتبدأ في مسيرها المتوالي بأيامها التي تأتي ثم تذهب دون استئذان بالرحيل فهي تذهب دون عودة أخرى إلينا سوى إننا سننتظرها بفارغ الصبر إلى أن تأتي في العام الهجري القادم ولا يدري المرء منا هل سيدركها في ذلك العام مرة أخرى أم أن ريب المنون ستحيل بينه وبين ادراكه لها !.
فالأعمار بيد الله تعالى ! ونحن لا ندري ما الله صانع بنا في قادم الأيام ! وبالتالي فإن تناقص أيام شهر رمضان المبارك المتمثلة في مجيء العشر الأواخر هو من أعمارنا ولا شك في ذلك ولهذا فإننا نبتهل ونتضرع إليه عزوجل بالدعاء في أن يتقبل من الصيام والقيام وكل أعمال البر التي تقود إلى الثواب العظيم والأجر الكبير الذين أعدهما الله تعالى لعباده الأتقياء الصالحين في الدنيا والآخرة! إن رمضان شهر عظيم ففيه نزل القرآن الكريم على نبينا ورسولنا محمد صلى الله عليه وسلم ولهذا يقول الله تعالى { شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ ۚ}
وفيه أيضا تصفد الشياطين ! وفيه تغلق ابواب النار ! وفيه تفتح أبواب الجنان ! وفيه يكون لله عتقاء من النار ! اللهم اجعلنا من عتقائك من النار وفيه ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر مصداقا لقول الله عزوجل { إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ© وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ© لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ© تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ©سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْر }
لذلك فقد قدر العلماء بأن ليلة القدر هي من ضمن العشر الأواخر من رمضان ! وبالتالي فقد نصحوا المسلمين من الإكثار من التعبد والتبتل إلى الله بالنوافل وصلوات التهجد والإكثار من الإقبال على القرآن الكريم وكثرة تلاوته في هذه الليالي العشر وكذلك الإكثار من التقرب إليه سبحانه بالنوافل حتى ينال المسلم شرف القبول من رب العزة والجلال.
ولذلك أقول إن أمنية أي فرد مسلم في هذا العالم هي أن ينتهي شهر الخير والغفران وقد رضي الله عن صيامه وقيامه وتقبل منه سائر عبادته التي قام بها وختم بها صيامه وختم بها رمضان ! جعلني الله وإياكم من الصائمين المقبولين عنده – آمين
فاضل بن سالمين الهدابي