في انفعال مبالغ يأتي وجه راشد وهو يعلق على تغريدة في منصة (تويتر) تدعو إلى تطبيق أسعار متباينة لمرتادي محطات الوقود في مسندم والمحافظات الحدودية بشكل عام وفق نظرة – أراها ضيقة جدا – ليكون تعقيبي على ذلك مصحوبا بأبتسامة الواثق بأنه من سمع ليس كمن رأى.
تشهد محطات تعبئة الوقود في محافظة مسندم ازدحاما للأسباب التي نعرفها جميعا وليس القول في ذلك من باب المنة مثلا أو لقضاء مآرب أخرى إنطلاقا من قرائن بسيطة جدا وهي أن تلك التعبئة ليس مجانية وكما قيل في المثل (بفلوسك محد يدوسك) وقبل ذلك كله فالوضع في محافظة مسندم كمحافظة حدودية له طابع يتسم بالخصوصية اجتماعيا وجغرافيا وسكانيا واقتصاديا وهذا خلق تداخلات في التعاملات النفعية المتبادلة ومن أهم سمات تلك التعاملات صفة الأخذ والعطاء فاليوم أخذ وغدا عطاء وتلك كينونة الحياة وما هو حاصل الآن ليس بالوضع الجديد والقاطنين بجوار الحدود يدركون أهمية تعزيز الشراكة مع الجيران لأنهم ببساطة يعيشون الواقع ويتأثرون به وهم أصدق أنباء ممن لا يعلم خافيات ما لا تدركه مداركه وأقرب تجربة في ذلك ما مررنا به في الثلاث سنين الماضية وما حقبة كورونا عنا ببعيد!
الحقيقة أن ما تقدم أعلاه قد أشبع ذكرا وقولا وتحليلا والتجربة أثبتت عمق العلاقات بين سلطنة عمان ودولة الإمارات العربية المتحدة حكومة وشعبا والتوافق السياسي الحاصل حاليا على مستوى القيادة العليا تعزز من تلك العلاقات وعليه فالوقت مناسب جدا للمزيد من الخطوات التي تحقق التنمية المشتركة في المناطق الحدودية بما يحقق مصالح الجميع وليس في ذلك عيب ولا نقص وبلا شك أن اللجنة المشتركة بين الدولتين الشقيقتين قائمة بدورها لتعزيز ذلك التوافق.
ما أريد التركيز عليه يكمن في إجابة سؤال بسيط جدا وهو : كيف يمكن الاستفادة من توافد إخواننا مرتادي محطات تعبئة الوقود اقتصاديا وبلغة التجار نقول كيف نستطيع تحقيق المزيد من الحركة التجارية والسيولة المالية، والحقيقة أن طرح ذلك السؤال لا يعني انعدام اجابته ولا يعني أيضا أنه لا توجد إستفادة حقيقية تحصل الآن من ذلك التوافد ولا يعني أيضا وأيضا بأننا نريد أن نمارس (كركتر) المستغل الجشع لا سمح الله بل نريد ببساطة أثرا اكبر للتنمية التجارية تحقق هدف المشتري أولا بالحصول على منتجات وخدمات مرضية بأسعار مخفضة عما هو معتاد عليه وهنا تتحقق مصلحة جميع الأطراف.
من المهم جدا أن توضع خطة بعيدة المدى لكيفية الاستفادة من التوافد الحاصل على المحطات ليكون ذا أثر مستدام وليس ذلك صعبا ولنا بذلك مثال صارخ في مشروع عربات الطعام المتنقلة في ولاية مدحاء والتي بدأ بتواضع ولكنه تطور كثيرا مستفيدا من الخصوصية الجغرافية لولاية مدحاء وتم تطويره ليكون ذا أثر مستدام وعزز ذلك تنمية في القطاع التجاري والسياحي في الولاية وفي ذلك خير كثير.
من المجحف أن نتعامل مع مستجدات الوضع الحالي بنمط ردة الفعل وبدور المتأثر بل علينا أن نسعى أن نكون مؤثرين لإدارة قواعد اللعبة كما نريد نحن ويكون ذلك بإمساك زمام المبادرة والدفع بما نملك من أدوات ولو كانت بسيطة وعدم التعويل على خرافة بيوت الخبرة التي يصدقها الكثير لأنه ببساطة من سمع ليس كمن رأى.
محمد بن عبدالله سيفان الشحي
٢٢ يوليو ٢٠٢٢ م