هناك عدة طرق لنحصل على رقم ( ٣ ) ، منها ١+٢= ٣ ، و منها ١.٥ + ١.٥ = ٣ ، ومنها ايضا ٤ – ١ = ٣، لكن لا توجد من تلك الطرق العديدة أن ١ + ١ = ٣، لأن هذه قاعدة منطقية وكونية لا يمكن تغييرها شاء من شاء وأبى من أبى، ولو جاء أحدهم ودعا الله أن يكون ١ + ١ = ٣ فلن يستجيب الله لدعائه ولن يتحقق مراده ولو دعا كل الناس معه، وذات الأمر يصدق على كل المسائل الأخرى في حياتنا، وذات الأمر يصدق على كل أصحاب الديانات سواء كانوا مسلمين أو مسيحين أو هندوس أو حتى ملحدين، فدعواتهم وأمنياتهم لا يمكن أن تغير الحقائق والمنطق، لأن الله الذي خلق الكون خلقه بنظام محكم دقيق ومعجز، ولا يتغير الا بناء على قواعد النظام الكوني المنطقي العلمي نفسه الذي وضعه الله.. ،
لهذا أنا لا أستطيع أن أعتذر لكم عن تغريدتي في تويتر التي قلت فيها أن لا جدوى من الدعاء والصلاة ما لم نأخذ بالأسباب العلمية والعملية، رغم كل الشتائم والسباب والسخرية التي تلقيتها من الكثيرين، لأن ما قلته هو حقيقة منطقية وواقعية وهي ذات المنطق الذي دعا الله إليه في كتابه وسنة نبيه، ولأنني أكن لكم كل المحبة والتقدير فإني أرجو منكم أن تعوا هذه الحقيقة جيدا، حقيقة أن الحال يتغير فقط وفقا لأسباب ومسببات عملية، وأن زمن المعجزات والكرامات قد انتهى، فليس هناك معجزات ستحصل اليوم أو غدا، فهذا زمن العلم والعمل فمن جد وجد ومن زرع حصد، وأريد أن نعيد التفكير معا مرارا وتكرارا في هذه الحقيقة لنجعلها نصب أعيننا منهجا في حياتنا وفي سلوكياتنا وتعاملاتنا مع أحلامنا الكبيرة وأهدافنا العظيمة، ونحن نعلم أن دولنا في العالم العربي بشتى ديانات ومذاهب شعوبها المختلفة تعاني من التخلف المرير والرجعية المقيتة على جميع الأصعدة، ومرد ذلك في نظري هو أن العقلية العربية تعيش وفق معطيات عالم تراثي قديم منذ أكثر من الف سنة لكنه يهيمن عليها وعلى تفكيرها وقرارتها حتى اليوم، فما يتحكم بالعرب اليوم هي جمل وعبارات قيلت منذ الف سنة أو يزيد، لهذا يغلب عليها التفكير الخرافي على التفكير المنطقي القائم على الواقعية والحقائق، فنجدها دائما تترك الحلول المنطقية البسيطة وتتجه إلى الحلول اللامنطقية واللاواقعية لحل وتفسير مشاكلها وللنهوض بشعوبها، من ذلك دفاعهم عن القدس من خلال الإكثار من قراءة الكتب المقدسة والأذكار والأدعية وعمل الهاشتاقات والتغريدات وإلقاء الأشعار والخطب في المنابر، وهم يعلمون تمام العلم أن الحل الحقيقي هو في السعي إلى الإصلاح النفسي والإداري والسياسي والتقدم العلمي والأخلاقي والذهني والعسكري والاقتصادي. وهم يعلمون أيضا أن الله لن يستجيب لهم وهم ظالمون.
أخبرني أحد الأصدقاء قصة عن شخصين غرقت بهم سفينتهم في عرض البحر، أحدهما مؤمن والآخر ملحد، وقد شرع الملحد في الصراخ وطلب النجدة، بينما رفع المؤمن يده إلى السماء راجيا الله أن ينقذه من الغرق، وجاءهم قارب انقاذ وصعد فيه الملحد، وبقي المؤمن في البحر رافضا صعود القارب، وكلما جاءه قارب مرسول من صديقه الملحد رفض الصعود إليه متمسكا بدعائه ورجائه أن الله سينقذه كما وعده، حتى غلبه الموج ومات غرقانا، وحين حشر يوم القيامة سأل الله عز وجل متسنكرا: أنت قلت أننا إن دعوناك فإنك ستستجيب لنا، لكنك لم تستجب لي عندما دعوتك، فقال الله: لقد استجبنا لك وبعثنا لك خمسة قوارب إنقاذ.
في الختام لا أدعو في مقالي هذا إلى الألحاد أو العلمانية، فأنا مؤمن والإيمان والمعتقد حق مشروع لكل إنسان، وإنما أدعو إلى العمل وإلى الأخذ بالأسباب التي تقود إلى النجاح، وأذكركم بمقولة توماس أديسون: إن ٩٩٪ من النجاح يأتي بالعمل الجاد، و ١٪ بالحظ أو بالعبقرية، أو في ثقافتنا بدعاء الوالدين.
جمال النوفلي