تعج الحوارات (الواتسابية والتويترية والإنستغرامية) بكثير من التباين في وجهات النظر فتتلاقح الأفكار والآراء لتكون حصيلة معرفية متجانسة وغير متجانسة ويظهر سؤال عرضي بين المتصارعين أثناء ذلك : هل ذلك الرأي نقد أم انتقاد!
الكثير منا يهاجم آراء الآخرين بأنها نقد هدام وليس بناء والحقيقة أنه ليس هناك هدم وبناء في النقد وإذا عدنا إلى الأصول لوجدنا أن النقد هدفه التوجيه نحو الطريق الأصح فيكون فيه التحليل للفكرة وتفسير مكنونات ذلك التحليل وإضفاء الذائقة الذاتية عليها وذلك كله نقد مباح بعكس الإنتقاد المبني على مجرد إظهار الذم ويكون مرتبطا بصورة كبيرة ب(شرشحة) شخصية طارح الرأي بهدف تحطيمه.
(انزين شو الحلول اللي معك) عبارة تتكرر كثيرا لمن يطرح رأيا ما في قضية عامة أو غير ذلك وأرى فيها إستعداء غير مبرر للفكر فنحن البشر ليس الكمال سمة فينا ولا يمكن رفض جزئية الطرح لمجرد نقص إستكمال أركانه.
إن تقديم صاحب الرأي نقده المتسم بالموضوعية يحتم علينا الإستماع له – وإن كان ذلك مؤلما لنزعتنا التي تريد أن تأخذها العزة بالإثم – وبأن يكون تقديم الحلول مبني على ما تقدم من تفنيد لدقيقات الفكر المطروح ولا تجرم الفكرة إذا استكملت حلقات تجويدها من أناس آخرين فتقدم البشرية جاء بثقافة التكامل وليس التنافس كما قال ابن خلدون.
وأيضا يجب أن ننتبه إلى أننا نحن البشر نتمايز في أساليبنا التعبيرية بقدر تمايز بصمات أصابعنا وأن ذلك لا يسوغ رفض أي فكر مطروح بتهمة الإنتقاد السلبي فهناك من يقدم نقدا مبنيا على الحقائق المحسوسة وهناك النقد المبني على الإبداع والتفكير خارج الصندوق وهناك النقد المتسم بالجانب الشعوري الوجداني وهناك النقد الأسود الذي يؤلمنا أحيانا ولكنه واقع لا يمكن تجاوزه وكل ذلك نقد مباح ولا يمس قيد أنملة من مفهوم الإنتقاد.
إن العالم الإفتراضي يقدم لنا فرصة ذهبية في ممارسة الحرية الشخصية بالكتابة والتعبير ولا يمكن أن نقوم بذلك إنفرادا أو تغريدا خارج سرب التواصل المجتمعي فأصل الفكرة البوح بها ليتم الرد عليها وإلا كانت غير ذا قيمة وعليه من أبجدية الحوار أن نمارس فن الإختلاف برقي وسلام بعيدا عن المتصارعين في حلبة النقد والإنتقاد.
محمد بن سيفان الشحي
٢٠ مايو ٢٠٢١ م