تحتفل مصر هذة الايام بالذكري التاسعة والاربعين لحرب أكتوبر 1973 المجيدة والتي أنتصرت فيها مصر وسوريا علي الجيش الاسرائيلي رغم إنكسارات السياسة ومؤامرات القوي الكبري ومحاولاتها إجهاض الانتصار وإمتصاص نتائجه التاريخية والحقائق تقول و التاريخ يحدثنا بشأن هذة الملحمة
ان القوات المصريه انتصرت نصرا مؤزرا فى 51 معركه واستولت فيها علي مساحة ارض كان الجيش الاسرائيلى يحتلها يوم 5 اكتوبر بإمتداد 168 كم و بعمق 15 كم بما كان عليها من 31 نقطه عسكريه اسرائيلية قوية ووفقا للتقديرات العالمية المحايدة فقد حقق الجيشان المصري والسوري الأهداف الإستراتيجية المرجوة من وراء المباغتة العسكرية لإسرائيل، كانت هناك إنجازات ملموسة في الأيام الأولى بعد شن الحرب، حيث توغلت القوات المصرية 20 كم شرق قناة السويس، وتمكنت القوات السورية من الدخول في عمق هضبة الجولان* إن التاريخ يحدثنا أيضا فيؤكد أن (الحق العربي في سوريا ومصر ) حين أراد أن يصل الي مبتغاه بإسترداد الارض التي إحتلتها إسرائيل غدرا وتآمرا في حرب 1967 ..نادي (القوة) العسكرية والشعبية ..فلبت النادي فإنتصر( الوطن) لانه وببساطة فأن قوانين التاريخ تؤكد أنه ما ضاع حق وراءه قوة تسانده وشعب يحميه وتلك عبقرية وسر حرب أكتوبر ********..
وبالعودة الي ذكريات ذلك الزمان وفي ظهر يوم السادس من أكتوبر 1973 إذ بصوت الإذاعي الكبير الجميل صبرى سلامة يعلن من المذياع في بيوتنا الريفية الهادئة-وكنا أيامها شبابا في مرحلة الثانوية العامة _: (هنا القاهرة: جاءنا البيان التالي للقوات المسلحة)؛ وبدأت سلسلة بيانات العبور، تأخذنا، إلى عنان السماء، وإذ بقريتنا الهادئة، تتحول إلى شعلة من الحركة والثورة، معلنة أنها جزء من هذه الحرب المنتظرة، وإذ بالقرية الصغيرة، (لم تكن وقتها تزيد عن 5 آلاف نسمة) تقدم 7 شهداء، على شرف التحرير والعبور من مهن وأعمار مختلفة، وأحسب أن هذا كان حال أغلب قرانا ومدننا، لقد ولدنا يومها من جديد ليس جيلنا فحسب، ذلك الجيل الذى ولد مع ثورة عبدالناصر وانتصارات حرب 1956، ولكن الأجيال السابقة والتالية له أيضاً!
********.
بعودة استراتيجية إلى حرب أكتوبر/تشرين 1973، نجد الدراسات المتخصصة، وبعضها أتى من مصادر غربية، تقول إن أبرز نتائج حرب أكتوبر على المستوى الداخلي تمثلت في عمق التخطيط العلمي والعملي للحرب مع العدو وأنه كان على مستوى عالٍ ودقيق. فقد استطاعت القوات المسلحة المصرية في الايام الأولى للمعركة أن تحقق هدفاً استراتيجياً لا يختلف عليه أحد وهو (كسر النظرية الأمنية الإسرائيلية)، كما حقق الجيش المصري إلى جانب الانتصار الاستراتيجي، انتصاراً آخر على مستوى العمل العسكري المباشر متمثلاً فى (عملية العبور التى اكتسحت مانعاً مائياً ضخماً – خط بارليف – فى 6 ساعات) ثم دخلت لعدة أيام في معارك بالمدرعات والطيران، وأمنت لنفسها عدة رؤوس جسور داخل سيناء وألحقت بالعدو خسائر وصلت إلى ربع طائراته وثلث دباباته تقريباً في ظرف أسبوع واحد من القتال.
وداخلياً أيضاً وعلى مستوى الجندي المصري فجرت الحرب والظروف التي نشبت فيها طاقة إنسانية لم يكن أحد يحسب لها حساب، أو يخطر بباله أنها موجودة على هذه الدرجة من الاقتدار والبطولة ، عند الجندي والضابط المصري ******** ،.
أما على المستوى العربي فقد أعاد نصر أكتوبر للشارع العربي ثقته في ذاته، بعد أن كانت تجتاحه حالة من الإحباط الشديد إثر هزيمة 1967 والتي رافقها العديد من المظاهر الاجتماعية السلبية في الوطن العربي، ومن النتائج أيضاً أن المواقف العربية خلال الحرب أظهرت وعداً بعصر عربي جديد تتحد فيه كلمتهم ضد العدو، وفي الحرب استخدمت كل أسلحة الحرب من اقتصادية (النفط) إلى السياسية والثقافية (الأدب والموسيقى والشعر .. إلخ). أما على المستوى الإسرائيلي فقد انكسرت نظرية الأمن الإسرائيلي على المستوى الاستراتيجي والتي تقوم على عدة مرتكزات أبرزها، التفوق الكيفي أمام الكم العربي، ولقد أحدث انكسار هذه النظرية صدمة عسكرية وسياسية لم يسبق لها مثيل في التاريخ القصير لدولة الكيان الإسرائيلي، وقد أدى ذلك بدوره إلى تفكك تركيبة القيادة السياسية والعسكرية في إسرائيل، وتمزق العلاقات في ما بينها وبدأت مرحلة تبادل الاتهامات وتصفية الحسابات .
وعلى مستوى الرأى العام الإسرائيلى أدى انكسار وهزيمة المنظومة العسكرية والأمنية، إلى سقوط أساطير إسرائيلية كثيرة على رأسها الجيش الإسرائيلي الذى لا يقهر، والذي كان أمل إسرائيل وموضع اعتزازها الأول، وأيضاً سقطت صورة المخابرات الإسرائيلية التي كانت غائبة عن مسرح الأحداث بالمعلومات والكشف والتحليل. كما سقطت شخصيات إسرائيلية كانت مثل أصنام لدى الرأي العام الإسرائيلي ومنها غولدا مائير وموشي ديان.
ولقد أدت الحرب في شهورها الأولى وقبل أن تحبطها مؤامرات السياسة الداخلية والخارجية ، إلى جعل إسرائيل مرغمة على الاستمرار في عملية التعبئة العامة لدعم خطوطها العسكرية، وكان ذلك يعني أن عجلة الانتاج الإسرائيلي في الزراعة والصناعة والخدمات توقفت، أو أصبحت على وشك التوقف. لقد كان لحرب أكتوبر نتائج عديدة، مصرياً وعربياً ودولياً، أغلبها كان إيجابياً بالذات في تلك الشهور والسنوات القليلة التي تلتها،
لقد أعادت حرب أكتوبر 1973 روح التحدي والصمود إلى الشخصية المصرية والعربية
********** على أية حال، إن إرادة الصمود والنصر هي ما نحتاجه اليوم في أمتنا العربية ، بعد زلزال ثورات الربيع (العبري)-وليس العربي – والتي أتت بعد 2011، إن المؤامرة الدائرة رحاها ضد الامة والتي مع هذا الربيع الزائف .. تحاول جاهدة أن تفصل بين قواه القومية الرئيسية خاصة (سوريا ومصر ) عبر الارهاب الداعشي والاسرائيلي ..وهذة الحال تحتاج مجددا الي روح أكتوبر مجددا ..روح القوة والحق في تعاضدهما معا ضد أعداء تاريخين للامة العربية ..ستظل نواياهم الخبيثة قائمة ومستمرة ..ولكنها مكشوفة لمن في قلبه روح عربية صادقة ..تستطيع أن تفرز وتميز بين الصالح والطالح بين (الداعشي ) و(العروبي ) الصادق ..وتلك وصية شهداء أكتوبر التي أوصونا بها حين حررت دماؤهم سيناء والتي حتما ستحرر الجولان المحتل والصامد ..فالتاريخ يؤكد دوما أن الدم سينتصر علي السيف طالما كان واضح الهدف نبيل المقصد ..وذاك هو (قانون الدم العربي ) !
د. رفعت سيد أحمد