الأمين العام للأمم المتحدة يندد بـ”التصعيد” الروسي الـ “غير مقبول” في أوكرانيا
عواصم ” وكالات”: أطلقت روسيا صواريخ كروز على مدن في أنحاء أوكرانيا خلال ساعات الذروة في صباح الاثنين، مما أسفر عن مقتل مدنيين وانقطاع الكهرباء والتدفئة، فيما وصفه الرئيس فلاديمير بوتين بأنه رد انتقامي على هجمات أوكرانيا التي شملت هجوما على جسر يربط بين روسيا وشبه جزيرة القرم.
من جهته، ادان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش الاثنين القصف الروسي على مختلف أنحاء أوكرانيا، واصفا الخطوة بـ”التصعيد الغير المقبول في الحرب”، على ما قال الناطق باسمه.
وقال المتحدث ستيفان دوجاريك في بيان إن “الأمين العام يشعر بصدمة عميقة إزاء الهجمات الصاروخية واسعة النطاق التي نفّذتها قوات روسيا الاتحادية المسلحة على مدن في أنحاء أوكرانيا والتي ذكرت تقارير بأنها أدت إلى دمار واسع في مناطق مدنية وإلى مقتل وإصابة عشرات الأشخاص”. وأضاف أن ما حصل “يشكّل تصعيدا آخر غير مقبول في الحرب، وكالعادة، يدفع المدنيون الثمن الأكبر”.
وضربت الصواريخ تقاطعات ومتنزهات ومواقع سياحية مزدحمة في وسط مدينة كييف بكثافة لم تشهدها العاصمة الأوكرانية منذ أن حاولت القوات الروسية السيطرة عليها في وقت مبكر من الحرب.
كما وردت تقارير عن انفجارات في لفيف وترنوبل وزيتومير في غرب أوكرانيا، ودنيبرو وكريمنشوك في وسط البلاد، وزابوريجيا في الجنوب، وخاركيف في الشرق. وقال مسؤولون أوكرانيون إن عشرة أشخاص على الأقل قتلوا وأصيب العشرات، كما انقطعت الكهرباء عن مساحات شاسعة من البلاد.
وقال بوتين، في خطاب بثه التلفزيون، إنه أمر بشن ضربات “واسعة النطاق” بعيدة المدى تستهدف قطاعات الطاقة والقيادة والاتصالات الأوكرانية، باستخدام صواريخ أطلقت من الجو والبحر والبر، ردا على ما وصفه بالهجمات الاوكرانية، ومن بينها الانفجار الذي وقع يوم السبت على جسر القرم في مضيق كيرتش.
وتوعد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بأن الرد الروسي على أي هجمات أوكرانية أخرى سيكون “شديدا”، بعدما نفّذت القوات الروسية ضربات صاروخية انتقامية على أنحاء أوكرانيا.
وقال بوتين في مستهل اجتماع متلفز مع أعضاء مجلس الأمن الروسي “لم يكن من الممكن ترك (الهجمات الأوكرانية) تمر من دون رد. إذا تواصلت، فسيكون الرد الروسي شديدا ومتناسبا مع مستوى التهديد”.
وأضاف “لا يجب أن يكون هناك شكّ في ذلك”.
الى ذلك، تأتي الضربات الروسية بعد التدمير الجزئي لجسر يربط القرم التي ضمتها روسيا في 2014 بالأراضي الروسية.
وردًا على التدمير الجزئي للجسر، قال بوتين الاثنين “هذا الصباح، وبناء على نصيحة وزارة الدفاع وخطة هيئة الأركان العامة، نُفّذت ضربة كبيرة باستخدام أسلحة عالية الدقة وبعيدة المدى.. على منشآت الطاقة والقيادة العسكرية والاتصالات في أوكرانيا”.
وقالت وزارة الدفاع الروسية الاثنين إن “الهدف من الضربات تحقق. تم ضرب جميع الأهداف”، بعدما أعلنت أوكرانيا أن روسيا أطلقت أكثر من 80 صاروخا صباح الاثنين.
واتهم بوتين أيضًا أوكرانيا بشنّ ثلاث ضربات على محطة كورسك للطاقة النووية في روسيا، على بعد نحو 85 كيلومترًا من الحدود الأوكرانية، وبمحاولة ضرب خط أنابيب غاز “ترك ستريم” الذي يمتد من روسيا إلى تركيا تحت البحر الأسود.
وأفاد مراسلو وكالة فرانس برس بأن العاصمة الأوكرانية كييف تعرضت لضربات روسية عدة في ساعة مبكرة من صباح الإثنين، وهي الأولى منذ أواخر يونيو.
وكتب الرئيس الروسي السابق ونائب رئيس مجلس الأمن الروسي الحالي دميتري ميدفيديف على تلغرام، بعد اجتماع مجلس الأمن الروسي، “انتهت الحلقة الأولى، وستكون هناك حلقات أخرى”.
وأضاف “من وجهة نظري، يجب أن يكون (الهدف) هو التفكيك الكامل للنظام السياسي في أوكرانيا”.
وشنت روسيا أيضًا هجمات على عدة مدن أخرى في جميع أنحاء أوكرانيا، واستهدفت بشكل خاص منشآت الطاقة.
ووردت تقارير عن انقطاع التيار الكهربائي في عدة مناطق بما فيها مدينة خاركيف والأماكن المحيطة بها، بالإضافة إلى مناطق سومي (شمال شرق) وجيتومير (شمال) وخميلنيتسكي (غرب).
وعلى صعيد آخر، من المقرر أن يلتقى الرئيس الروسي فلادمير بوتين بالمدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل جروسي الثلاثاء في سان بطرسبرج، حسبما ذكر المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف.
وقال جروسي إنه يجري مفاوضات مع كييف وموسكو بشأن تشكيل منطقة حماية حول محطة زابوريجيا النووية الأوكرانية، الأكبر في أوروبا، في ظل الهجمات المستمرة.
وأعرب عن أمله في أن تحد منطقة الحماية من خطر وقوع حادث في المحطة، عقب أي انقطاع متكرر للكهرباء بسبب القصف.
ويشار إلى أن روسيا تسيطر على المحطة النووية منذ بداية مارس الماضي، عندما احتلت قوات موسكو مناطق كبيرة من جنوب أوكرانيا. مع ذلك، فإن العاملين بالمحطة من الأوكرانيين.
وقد تم استعادة الكهرباء الخارجية للمحطة مساء أمس الاحد بعد أحدث انقطاع بسبب القصف، مما جدد المخاوف من وقوع حادث مميت.
وفي حال انقطاع الكهرباء الخارجية، فإن مولدات الديزل تعمل بصورة ألية. مع ذلك، وفقا للشركة المشغلة للشركة، فإن إمدادات الديزل يمكن أن تفيد عمليات الطوارئ لمدة 10 أيام فقط.
ويذكر أن القصف مستمر على أساس يومي في الموقع، وقد طالب جروسي مؤخرا بوقف القصف فورا، حيث أن الهجمات تزيد من خطر وقوع حادث نووي.
زيلينسكي:سقوط قتلى وجرحى جراء الهجمات الصاروخية
من جانبه، أعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي سقوط قتلى وجرحى جراء الهجمات الصاروخية على العاصمة كييف ومدن أوكرانية كبرى أخرى.
وقال زيلينسكي على منصة “تليجرام” الاثنين إن روسيا تحاول إبادة أوكرانيا، مضيفا أن مواطنين عاديين كانوا في طريقهم إلى العمل صباح الاثنين وقعوا ضحايا لهجمات صاروخية.
وسجل زيلينسكي في وقت لاحق رسالة مصورة على هاتف محمول في شارع فارغ بوسط كييف. وقال إن الضربات كان لها هدفان رئيسيان: البنية التحتية للطاقة والأشخاص.
وأضاف “تم اختيار هذا التوقيت وهذه الأهداف بشكل خاص لإحداث أكبر قدر ممكن من الضرر”.
وقال مستشار وزير الشؤون الداخلية الأوكراني روستيسلاف سميرنوف الاثنين على فيسبوك إن 8 أشخاص قتلوا وأصيب 24 آخرون في ضربة صاروخية نفذتها روسيا على منطقة شيفشينكيفسكي بوسط العاصمة كييف.
ووفقا لوكالة أوكرينفورم الأوكرانية للأنباء، كتب سميرنوف قائلا: “كييف، عند الساعة الثامنة وخمسة واربعون دقيقة صباحا، قتل 8 أشخاص وأصيب 24 في قصف روسي على منطقة شيفشينكيفسكي بالعاصمة. 6 سيارات شبت بها النيران، ولحقت أضرار بأكثر من 15 سيارة”.
واستمرت الانفجارات في مناطق كييف على مدار حوالي ساعتين بعد سماع صوت الانفجار الأول، بحسب شهود عيان. كما أظهر مقطع فيديو عمال الطوارئ وهم يعتنون بالمصابين ويطفئون سيارات محترقة.
وتم الإبلاغ عن هجمات صاروخية في أجزاء أخرى من أوكرانيا، من لفيف غربا إلى مناطق في الشرق الأكثر احتداما.
وأُطلق تحذير من غارات جوية في جميع أنحاء أوكرانيا تقريبا لحث الأوكرانيين على البحث عن مأوى.
ووتعهد رئيس الوزراء دنيس شميجال بإصلاح المرافق في أسرع وقت ممكن. وأفاد مسؤولون بأن الكهرباء انقطعت في خاركيف، ثاني أكبر مدينة في أوكرانيا، وبولتافا المجاورة.
وكتب وزير الخارجية دميترو كوليبا على تويتر “أسلوب بوتين الوحيد هو ترهيب المدن الأوكرانية المسالمة، لكنه لن يكسر أوكرانيا. وهذا رده أيضا على كل من يسعون للتهدئة ويريدون التحدث معه عن السلام: بوتين يتحدث بالصواريخ”.
وفي علامة أخرى على تصعيد محتمل، قال رئيس روسيا البيضاء ألكسندر لوكاشينكو، أقرب حلفاء بوتين، الاثنين إنه أمر بنشر قوات بالاشتراك مع القوات الروسية قرب أوكرانيا التي اتهمها بالتخطيط لشن هجمات على بلاده مع داعميها الغربيين.
وقال بدون أن يقدم دليلا على كلامه “يدفعونهم لبدء حرب ضد روسيا البيضاء”.
وسمح لوكاشينكو باستخدام بلاده كنقطة انطلاق لروسيا في وقت مبكر من الحرب لكنه لم يرسل قواته للقتال.
الاتحاد الأوروبي: الاستهداف المدنيين “يرقى إلى جريمة حرب”
من جانبه، رأى الاتحاد الأوروبي أن الضربات الصاروخية الروسية على المدنيين في أوكرانيا “ترقى إلى جريمة حرب”، وفق ما أفاد ناطق باسم مسؤول شؤون التكتل الخارجية جوزيب بوريل الاثنين.
وقال المتحدث بيتر ستانو إن “استهداف الناس عشوائيا من الصواريخ ضرب أهدافا مدنية يمثّل حتما تصعيدا إضافيا”.
وأضاف “يدين الاتحاد الأوروبي بأشد العبارات هذه الهجمات على المدنيين والبنى التحتية المدنية… إنه أمر يتعارض مع القانون الإنساني الدولي ويرقى هذا الاستهداف للمدنيين من دون تمييز إلى جريمة حرب”.
واعتبرت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين أن الضربات على كييف ومدن أوكرانية أخرى “غير مبرر”.
وقالت في بيان “أظهرت روسيا مرة أخرى للعالم ما تمثّله – إنه الإرهاب. يجب محاسبة المسؤولين عن ذلك”.
وكتب مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل على تويتر أنه يشعر “بصدمة عميقة” من الهجمات الروسية على المدنيين.
وقال “هكذا أفعال لا مكان لها في القرن الحادي والعشرين. أدينها بأشد العبارات الممكنة”.
ولفت إلى أن هناك “دعم عسكري إضافي من الاتحاد الأوروبي في طريقه” إلى أوكرانيا.
ولدى سؤال ستانو عن اتفاق روسيا وبيلاروس لنشر “قوة إقليمية مشتركة”، طالب ستانو مينسك بـ”الامتناع” عن تقديم المزيد من المساعدة لموسكو في أوكرانيا.
وتابع “لا تفاصيل لدينا (حول نشر القوات المشتركة)، لكن إذا حدث ذلك، سيكون تصعيدًا آخر في الحرب ” في أوكرانيا.
وأضاف “لن يمرّر الاتحاد الأوروبي ذلك”.
وكان الاتحاد الأوروبي قد فرض عقوبات على بيلاروس لعرض أراضيها على روسيا لشنّ جزء من غزوها لأوكرانيا، قائلًا إنه على استعداد لفرض مزيد من العقوبات في حال قدّمت مينسك المزيد من المساهدة لموسكو.
وفرض الاتحاد الأوروبي حتى الآن ثماني حزمات من العقوبات على روسيا على خلفية غزوها لأوكرانيا. وألقت العقوبات بثقلها على الاقتصاد الروسي.
وكتبت وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا على تويتر الاثنين “أدين بأشدّ العبارات الضربات الروسية العشوائية على المدن الأوكرانية. إن استهداف السكان المدنيين عمدًا يشكل جريمة حرب”.
برلين: الضربات الروسية أصابت مبنى القنصلية
من جهتها، قالت وزارة الخارجية إن مبنى مكتبيا شاهقا توجد به قنصلية ألمانية في كييف أصيب خلال ضربات صاروخية روسية صباح الاثنين، لكن لم يكن به مسؤولون لأن القنصلية خالية منذ اندلاع الحرب قبل شهور.
وقال متحدث باسم وزارة الخارجية في إفادة صحفية “لا عمل في المبنى منذ شهور”، مضيفا أن الحكومة الألمانية على اتصال بالمسؤولين في كييف لتقييم الأضرار.
ونددت ألمانيا بالضربات الروسية التي أدت إلى مقتل عشرة على الأقل وجاءت ردا على هجمات أوكرانية، ومنها هجوم على جسر يربط روسيا بشبه جزيرة القرم.