في الوقت الذي نقدر فيه عاليا توجهات وزارة العمل بإيجاد آليات تقييم واضحة للأداء الوظيفي في أجهزة الدولة يقوم على مؤشرات واضحة وعلى ضوءها يرقى الموظف حتى وإن كان ذلك سنويا ، إلا أن على الوزارة توجه الجهات الحكومية بإنهاء ترقيات الموظفين الذين لم يحصلوا على ترقية لمدة عشر سنوات ، وبعضهم الآخر أحيل للتقاعد ولم تسوي حقوقهم لدى الأجهزة الإدارية للدولة ، على الرغم من وجود تشريعات واضحة بالترقيات كل أربع سنوات ، وفي إطار ذلك نجد إن بعض الموظفين تمت ترقيتهم وآخرين لم يكن لهم نصيب منها أو فيها على الرغم من أنهم متساوون في سنوات العمل ، وهذا يلزم تلك الجهات بالإلتزام الحرفي بنصوص العدالة في منح الحقوق ومن ثم تلقي الواجبات .
موقف يتطلب من الحكومة تصفية حقوق الموظفين العالقين في سلم الترقيات قبل البدء في تطبيق أي نظام حتى لا تكون هناك تراكمات وحساسيات وإحساس بالغبن يبرز تلقائيا عند تطبيق أنظمة جديدة بدون تسوية الحقوق العالقة .
فالعدالة وفي معناها الأسمى تشير لوجوب ذلك حتى لو كان المشار إليه بالمسألة هي الدولة ، والدولة هي بالقطع راعية العدالة والحريصة على أن تغدو ديدن حياة إنطلاقا من مبادئ دينية وأخلاقية لا مساومة فيها ويجب بالتالي أخذها في الإعتبار .
بلاشك أن تطوير الأداء الإداري في الدولة هو الأساس الذي سيقود العمل الوطني في المرحلة القادمة ، والمتمثل في تطوير الأداء الوظيفي بحيث يعرف الموظف مسبقا حقوقه وواجباته وتحدد له أهداف كجزء من أهداف الوحدة الإدارية التي ينتمي لها ، ويعمل بنظام Kpi المطبق في الشركات ، إلا أن ذلك لا يعني أن نمشي بأقدامنا على حقوق الموظفين ممن لهم حقوق واجبة الدفع والتسوية من قبل الحكومة ولا يتعين أن تغدو مؤجلة أو تدفع بالتقسيط لمستحقيها ، وفق ما تراه كل جهة بحيث تحدد سنوات معنية لتسوية المطالبات .
على ذلك لا يمكن أن يرقى موظف سنويا في حين أن هناك آخرين لهم حقوق لم يتم تسويتها بعد ، كما أن آليات الترقيات لن تكون جماعية بل فردية وقائمة على مبدأ الكفاءة والإنجاز في إطار مدة زمنية محددة سلفا ، ومع ذلك يجب أن نكون منصفين مع الموظفين الذين حرموا من الترقيات بشكل جماعي ولهم على تلك الجهات دين مستحق يجب الوفاء به بأثر رجعي تحقيقا للعدالة وتمهيدا للإنطلاق للمرحلة الجديدة من قواعد متينة ونظيفة شكلا ومضمونا .
على ذلك فإن تطبيق النظام الجديد يتمثل بدءا في تسوية كل الأوضاع العالقة السابقة مابرحت ، ولإعطاء النظام الجديد ذلك الزخم والقوة والمنعة التي يحتاجها عند التطبيق ، وذلك يضمن رسوخه وإستتباب الأمر له بعد أن سمق ونهض على مبادئ العدالة والحصافة .
إن الإرتقاء بالأداء الفردي سوف يرتقي كأمر طبيعي بنظام العمل في الأجهزة الحكومية المتخمة وسيحقق رضا المتعاملين من المواطنين والمقيميين ويرفع وتيرة التعاملات إلى مستويات أفضل تنعكس إيجابا على كافة مفاصل الحياة في البلاد .
بالطبع ندرك بأن هناك تحديات على العديد من الأصعدة الإدارية والمالية ، لكن من المهم في المقابل أن تكون الرؤية واضحة في إدارة العمل في الدولة وفق أسس تعزز الثقة في أي نظام جديد سيتم تطبيقه وتنزيله لأرض الواقع .
نأمل من الجهات الحكومية أن تبذل قصارى جهدها في إنهاء ترقيات الموظفين السابقين قبل تطبيق أي نظام جديد ، ولا نعتقد بأن ذلك صعبا ما بقيت الإرادة على عهدها ووعدها في إرساء دعائم العدالة والمساواة في كل مناحي الحياة ..
علي بن راشد المطاعني