تصدر مقتل خمسة من المواطنين بطريقة بشعة المشهد في وسائل الإعلام ومختلف منصات التواصل الاجتماعي، وتحوّلت هذه الجريمة الى قضية رأي عام وتعالت الأصوات في مختلف مناطق وولايات السلطنة مطالبة بالقصاص ومحاكمة المجرمين الذين ارتكبوا جرائم قتل في حق أسرة عمانية من غير أي ذنب.
هذه الجريمة فتحت الأعين على ظواهر غريبة ودخيلة على مجتمعنا العماني المتماسك ولعل أبرز هذه الظواهر السلبية فتح الملفات والتجاوزات والمحاباة والمخالفات التي تصدر من العمالة الوافدة خاصة تلك العمالة التي تعمل في البلاد بطريقة غير قانونية. وقد نبّه حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم- حفظه الله ورعاه- على مشكلة العمالة السائبة والمتسللة واعتبرها عمالة تثقل كاهل الاقتصاد وعبئا على الأجهزة الأمنية.
وهنا يجب أن نتوقف ونضع حدا لهذا المصطلح “العمالة السائبة والمستترة”، وهل فعلا لدينا عمالة تعمل بطريقة غير قانونية؟ وإذا كانت الإجابة بنعم، فمن يتحمل تبعات وجودها في أرض البلاد وتمارس أعمالا تحت مظلة القانون.
نعود ونطرح السؤال من زاوية أخرى: هل حصول العامل الرافد على مأذونيّة عمل من جهة رسمية وتأشيرة إقامة للعمل من جهة رسميّة يخول لهذا العامل أن يعمل ما يشاء أم حسب ما هو محدد في المأذونية؟
هنا يجب أن نضع العامل المخالف في كف والكفيل المواطن في كف آخر، ونسأل العلاقة التي تجمع الطرفين ما إذا كانت علاقة عمل بين الطرفين فهنا يتطلب من الكفيل مراقبة العامل ومعرفة ما يقوم به، وإذا اتضح أنّ العامل الوافد مخالف ويعمل في أعمال غير متفق عليها، فيجب على الكفيل المواطن إبلاغ الجهات الرسمية وإبعاده عن البلاد ويتحمل الكفيل تبعات هذه المشكلة.
وقد نتج عن تساهل الكفلاء طوال العقود الماضية بروز “التجارة المستترة” وهروب المئات من العمال من أجل العمل في مهن مخالفة للأنظمة والقوانين العمانية.
والعمالة الهاربة والتي تعمل في التجارة المستترة أصبحت عالة على المجتمع وعلى الاقتصاد الوطني، فما هو معلوم لدى الجميع وحتى على الجهات المسؤولة بيع المأذونيات واستقدام عمالة بهدف المتاجرة بحيث يسرّح العامل الوافد للعمل متى وكيف ما يشاء دون رقيب ولا حسيب مقابل مبلغ مالي بسيط يتقاضاه المواطن نهاية كل شهر.
هذه اعتبرها مختلفة صريحة ويتحمل المواطن الكفيل التبعات القانونية في حالة وقوع هذا الوافد في الفخ وهناك حالات يومية تعرضها وسائل الاعلام الرسمية عن مخالفات العمالة الوافدة التي تعمل تحت مظلة القانون الرسمي.
أيضا هناك عمالة متسللة تدخل البلاد بطريقة غير شرعية وهذه من مسؤوليات الجهات الأمنية، وتتحمل الجهات الأمنية المسؤولية ترحيلهم وإبعادهم من البلاد بعد انقضاء فترة محاكمتهم.
وقد قلت في تغريدة عبر حسابي على تويتر على خلفية جريمة القتل التي وقعت في بدية: “لابد من تطهير البلد من العمالة السائبة، وعلى المواطن الكفيل الذي يرضى بـ25 ريالاً نظير تسريح العامل الوافد أن يتحمل المسؤولية”. وأتمنى من الجهات المعنية مثل شرطة عمان السلطانية ووزارة القوى العامل، تكثيف حملات التفتيش وتعقب المخالفين وترحيلهم فورا، مع تحمل الكفيل كافة التبعات القانونية.
الأصوات أيضا تعالت واشتعلت على شبكات التواصل الاجتماعي والمنصات الإلكترونية داعية ومطالبة بتنظيم إقامة الأجانب خاصة العمال والعزّاب وعدم السماح لهم بالإقامة في الأحياء السكنية التي أصبح تواجد فئة العمال فيها ظاهرة بارزة.فلا أرى أَي مبرر من تواجد عمالة وافدة غير عائلية في الأحياء السكنية، وعلى بلدية مسقط وبلدية ظفار والبلديات الإقليمية وضع حد لهذه الظاهرة والتجاوب مع مطالب المواطن، فالجرائم التي تحصل في هذه الأحياء متعددة.
فهل سنرى تحركا سريعا لوضع قوانين وتشريعات منظمة لإقامة العمال في الأحياء السكنية؟ وهل سنرى تجاوبا سريعًا وحلا هذه المشكلة التي تؤرق المواطن وراحة باله؟!
حمود الطوقي
#عاشق_عمان