في جلسةٍ حواريَّةٍ وانسيابيَّة -ضمَّت مجموعةً من أصحاب الفكر- ناقشنَا تقريرًا صَدَر عن جودة التعليم في البلدان العربية، وقد صنَّف التقرير السلطنةَ في مَرَاكز مُتأخِّرة مقارنة ببقية دول مجلس التعاون والدول العربية.. تساءلتُ وأنا أقرأ هذا التقرير: أيُعقل أن تكون السلطنة من البلدان المتأخرة في تقديم جودة التعليم، والأخيرة على مستوى دول المجلس، وتصنَّف بالمركز 107، بينما قطر مثلًا تتصدَّر البلدان العربية وتحتل المركز الرابع؟ أيُعقل أن تكون بلادُنا -التي أنجبت على مدار التاريخ العلماء والمؤرخين والمفكرين- تتراجع ويتقدم غيرنا؟
عددُ الطلاب الذين يدرسُون في كلِّ المراحل بمدارسنا لا يتجاوز المليون طالب وطالبة؛ فكيف يتمُّ تقييمنا لنكون في مستوى دول عدد سُكانها كبير؛ مثل: مصر والجزائر، وعندهم عدد الطلاب يتجاوز 30 مليون طالب!!! أعتقد أنَّ هُناك خللًا، ولابد من إعادة التفكير بجودة التعليم للارتقاء بمخرجات التعليم.. وهل رؤية عُمان 2040 وضعتْ في الاعتبار هذا المحور عن جَودة التعليم؟
أسئلة عديدة، ومُداخلات مهمة استحوذتْ على النقاش في هذا المحور المهم، وجل الآراء والمداخلات كانت ترى أنَّ جودة التعليم أحد الأركان الأساسية لتطور وتقدم الشعوب. هذا الجدل والنقاش عمَّا نُشِر عن جودة التعليم جَعَلني أتوجَّه بالسؤال لسعادة سعود بن سالم البلوشي وكيل وزارة التربية والتعليم للتخطيط التربوي وتنمية الموارد البشرية، وكان ردُّه أنَّ ما نُشِر ليس صحيحًا، مُؤكدا أنَّ مستوى التعليم في عُمان خليجيًّا يحتل المرتبة الرابعة، وعربيا المرتبة الخامسة؛ وذلك وفقا للدراسات والتقييمات الدولية.
هذا الردُّ المُنصِف من قبل سعادته يُعطِينا آفاقًا بأنَّ التعليم في عُمان يمضي وفق رؤية وإستراتيجية تتماشى مع مُتطلبات المرحلة المقبلة.
هُنَاك من دَافَع بقوَّة عن مُخرجات التعليم، واعتبر أنَّ التعليم في بداية النهضة عندما كان المدرسون من الوافدين كان أفضل حالا، وطالبوا بأهمية الاهتمام بالكادر التربوي والمعلم العُماني، وإعطائه المميزات ورفع راتبه لأنه يعتبر أحد أهم الأركان لبناء جيل من الطلاب المتميزين؛ فيجب أن يشعر المعلم العُماني بالاستقرار لكي يُبدع في عمله، وهناك من قَال إنَّ المعلِّم العُماني يبحث عن مَصْدر دخل جديد من خلال قيامه بأعمال تُزيد من دخله وتُبعِده عن التركيز في مجال عمله؛ فتجدهم يعملون كسماسرة يبيعون ويشترون ويسوِّقون ويعقدُون صفقات من أجل رفع مستوى دخولهم.
هناك من يَرَى أنَّ جودة التعليم تتطلَّب وضع خطة منهجية، والاستفادة من تجارب الدول الناجحة؛ دوليًّا مثل: اليابان، وكوريا، وفنلندا، ودول عربية مثل: قطر التي تصدرت الدول العربية.
الآراء كلها تصُبُّ في خانة أنَّ جودة التعليم أمر لابد منه، ويجب أن يبدأ من المراحل الدنيا، والتركيز على أن يُبنى المستقبل وفق مُتطلَّبات المرحلة بالسماح لتدريس التخصُّصات المهنية والثروة الصناعية والتكنولوجيا منذ المراحل الدنيا.
إنَّ ما ينشُده الجميع أن نَرَى موقعَ السلطنة في جَودة التعليم مُتقدِّما في التقييمات الدولية.
حمود الطوقي
#عاشق_عمان