إذا كانت الشخصية تستوي على مقومات مادية هي الكيان أو الجسم المادي للفرد، فهي تستوي كذلك على مقومات معنوية كالشرفوالاعتبار، والكرامة والسمعة والمعتقدات والأفكار وغير ذلك، هذه المقومات عناصر أساسية للشخصية، لذلك فإن حمايتها تنطلق من حمايةالحق في الحياة والسلامة البدنية باعتبارها الحقوق الواردة على المقومات المادية للشخصية.
بالتالي، يكون لكل شخص حق يرد عليه ويخول حماية بدنه بأعضائه المختلفة من أي اعتداء يقع عليه، وإن مقتضى هذا الحق امتناع كلشخص عن المساس أو الاعتداء على جسد غيره بضرب أو بجرح، وإن حماية الشخصية في مقوماتها المعنوية تنطلق من وجوب الاعترافللأفراد على هذه المقومات المعنوية بـ الحقوق المعينة التي تؤمنهم عليها وتكون سندهم في دفع ما يقع عليها من اعتداء، كذلك في التعويضعن الأضرار التي تلحق به.
لكن إذا كان حق الشخص على جسده يحميه من اعتداء الغير عليه أو من تدخل الغير الماس فيه دون رضاه، فهل يعني ذلك وجود حق ملكيةعلى الجسد البشري، وأن هذا الحق يخول الشخص على جسده سلطة مطلقة يتصرف فيه كما يشاء؟ ثم هل إن حق الإنسان على المقوماتالمعنوية الشخصية هو أيضاً مثل حق التملك؟
في الفقه الحديث قد أدخل كثيراً من هذه الحقوق في نطاق الحقوق الشخصية في حين أن بعضها يُعتبر من حقوق الإنسان، وقد انتقدبعض الفقهاء هذا التوسع في نطاق هذه الطائفة من الحقوق معتبراً أن في ذلك توسعة مصطنعة ليس لها مبرر إلا مجرد إغداق اصطلاحالحق دون تمييز أو تثبت من توافر مدلوله الدقيق.
ويؤكد ناقدو هذا التوسع على أن إمعان النظر في قائمة الحقوق التي يقدمها الفقهاء، ليس لها ما يصدق عليه وصف الحق بالمعنى الدقيقإلا عدد قليل، لأن ما يتعلق منها بحرية نشاط الشخصية أي مما يطلق عليه حقوق الإنسان المتميزة والتي لا يختص بها بعض الناس علىسبيل الاستئثار والانفراد لأن ذلك يفترض وجود روابط قانونية وتفترض وجود الأفراد في مراكز متفاوتة قبل بعضهم البعض، بينما تفترضالحريات أو الرخص العامة عكس ذلك.
عبدالعزيز بن بدر القطان