أرجو عدم إساءة الفهم والقدح في وطنية كل من يدلي بدلوه حول ردة الفعل الشعبية تجاه قيام شركة ما برفع أسعار منتجاتها من الحليبوالألبان ومشتقاتها..
فالوطنية لا تقاس بوجهات النظر المتبادلة على الساحة من خلال وسائل التواصل المعاصرة..
الوطنية أبعد من ذلك بكثير، وهي في الخطوب والمدلهمات الحقيقية أكثر وضوحاً وواقعية..
حتى تلك الشركات التي يحلو لنا أن ننعتها بالوطنية بدون أدنى معرفة بالتفاصيل الدقيقة لأصولها وعوائدها وأرباحها وخسائرها، ومن همالذين يتسيدون وظائفها القيادية، وجميعها لا تخلو من علامات استفهام، وهي خافية علينا؟؟؟
ولذلك أعتقد أنه من حق أي مستهلك أن يدلي برأيه في مثل هذه القضايا التي تمس قوت يومه، دون أن ينقص من وطنيته شيئا، وقد حفلالتاريخ الإنساني بأمثلة عديدة من عمليات المقاطعة أكان ذلك على مستوى المسلمين أو غيرهم..
وإنني لأعجب من هذه الحساسية الزائدة التي ظهرت لدى البعض وهم يستميتون في الدفاع عن هذه الشركة التي جميعاً نعزها ونقدرهاوفضلناها منذ انطلاقتها الأولى على سائر المنتجات الأخرى ، ولم نرضى عنها بديلاً، وكان من الواجب أن تبادلنا نفس الشعور والتقدير ..
ومع احترامنا الوافر للمسببات والحجج التي يطرحها فريق الدفاع.. إلا أننا كنا ننتظر منهم نفس الفزعة والوقفة مع المزارع العماني المسكينعندما رفعت الشركات المستوردة أسعار الأعلاف والأسمدة والبذور والمبيدات ، ولم ينال هذا الأمر ما يستحقه، حتى وصل الحد لدى كثيرٍ منالمزارعين ومربي الثروة الحيوانية إلى ترك مشاريعهم الزراعية..
كما وأن العديد من الشركات المتنفذة حتى الوطنية منها قامت بتسريح مئات الموظفين والعاملين لديها من المواطنين، ولا يزال هذا السيناريومتواصلاً.. فأين هو فريق الدفاع، ولماذا لم تظهر هذه الفزعة في مثل هذه القضايا الأشد أهمية ؟
ومع التأكيد التام أنه لا أحد يريد ولا يتمنى لأي شركة وطنية أو غيرها الخسارة، وهناك حلول أخرى غير هذا الخيار السهل، وأهمها مساندةالحكومة ودعمها لكل شركة وطنية تقدم خدمات جليلة للوطن والمواطن، وأن لا يكون جيب المواطن هو الملاذ الأول والأخير، طالما أن هذا الجيبأمسى مقفراً ومجدباً منذ عشرات السنين، ولم تهطل عليه ديمة غيث تعيد إليه روحه التي شارفت على الهلاك.
فلك الخيار أخي المستهلك يمم وجهتك في الشراء حسب مقدرتك المادية، ودعك من دعوات المقاطعين والرافضين للمقاطعة بما فيهم أنا كاتبهذه الخربشات، ودع جيبك هو الذي يوجه بوصلتك الشرائية، فنحن لم نصل بعد إلى الحد الأدنى من ثقافة المقاطعة، ولذلك لا خوف كبيرعلى هذه الشركات من كل هذه الجعجعة، وإن كانت لا تُعدم من النفع القليل.
مسهريات كتبها ناصر بن مسهر العلوي
الاثنين ١٢ ربيع الآخر ١٤٤٤ هجري
الموافق ٧ نوفمبر المجيد ٢٠٢٢م