هناك نبوءة فلكية قديمة تقول: إن الولايات المتحدة الأمريكية من بعد الرئيس الخامس والأربعين لن تشهد استقراراً وأن شعبها سيعيش فيظل وضع مضطرب وغير آمن
وقد ربما تطالب بعض ولاياتها بالانفصال كما أن دورها الريادي في العالم سينحصر بسبب انشغال حكامها بالوضع الداخلي وظهورمنافسين جدد على الساحة العالمية قد يشكلون خطراً عليها ويحجمون نفوذها لاسيما في أوروبا وفي منطقة الشرق الأوسط وبالرغم من أنالتنبوءات تظل تنبوءات وقد تصدق أحيانا، لكن من يقف اليوم أمام الوضع في أمريكا الذي لم يسبق للشعب الأمريكي أن شهد مثله مُنذاستقلال أمريكا عن بريطانيا قبل أكثر من 240 عاماً سيأخذ ما ذهبت إليه النبوءة على محمل الجد ويسقطها على الوضع الحاضر لعدةأسباب أهمها:
أن الرئيس السابق دونالد ترامب هو الرئيس الخامس والأربعون للولايات المتحدة الأمريكية وهو الرئيس الأمريكي الوحيد الذي ضرب بالنظامالانتخابي الأمريكي عرض الحائط ولم يقبل بنتائج الانتخابات الرئاسية التي تفوق عليه فيها منافسه مرشح الحزب الديمقراطي جو بايدنوما يزال مصرا حتى الآن رغم مضي عامين على أنه كان هو الفائز في الانتخابات الماضية ومن حقه الاستمرار في حكم أمريكا لولاية ثانيةوقد تقدم مؤخرا بترشيح نفسه لخوض انتخابات عام 2024م وهذا ما أزعج الرئيس الحالي العجوز جو بايدن المنشغل بالعديد من القضايالاسيما ما يتعلق بقضية أوكرانيا وخلافه الشديد مع حكام روسيا الاتحادية والصين الشعبية إضافة إلى أن ترامب الرئيس الوحيد الذيخالف كل القواعد المؤسسية التي بنيت عليها أمريكا ووجه اتهاما صريحا بتزوير الانتخابات والتلاعب بالنتائج وأن النظام الانتخابي فاسدورافض في نفس الوقت الاعتراف بفوز منافسه جو بايدن وقد حاول عرقلة السعي آنذاك إلى نقل السلطة في الفترة الانتقالية رغم تهنئة قادةالعالم بالفوز للرئيس المنتخب بايدن، والأكثر من ذلك أنه لم يتحمل نصائح قيادات جمهورية من حزبه تشاركه السلطة بالاعتراف بالأمر الواقعوتجنب تشويه صورة أمريكا التي عرفت كدولة مؤسسات يسودها النظام والقانون وتحويلها بتصرفاته وكأنها دولة متخلفة من دول العالمالثالث فكانت ردة فعله المتهورة أن قام بإقالة وزير الدفاع وآخرين من معاونيه وأستبدلهم بمسؤولين لا يجب عليهم إلا السمع والطاعة وعدممناقشته أو الاعتراض على ما يقوم به من تصرفات لا تعكس الوجه المشرق لأمريكا وهو ما تسعى الإدارة الحالية للتحقيق معه وتقديمهللمحاكمة، كل هذه الأحداث التي تزامنت مع إعلان نتائج الانتخابات قبل عامين قد جعلت 70% من المواطنين الأمريكيين حسب استطلاعاتالرأي يعتقدون أن أمريكا تسير في الاتجاه الخطأ وأن ترامب إذا لم يتعقل فإنه سيقودها إلى ما لا يحمد عقباه إذا ما عاد يحكم أمريكالولاية ثانية وهناك معلومات صادرة من الحلقة الضيقة التي كانت تحيط بالرئيس السابق ترامب مفادها أن ترامب المتهور قد يلجأ إلى ارتكابحماقة يورط من خلالها أمريكا من خلال تصرفاته غير السوية في حالة اصراره على الترشح وفوزه بالرئاسة القادمة كأن يقوم بحرب علىإيران أو على ما يعتقد ترامب أنه خصم لأمريكا تدخل المنطقة والعالم في وضع تصعب السيطرة عليه وهذا ما جعل لجان مجلس النوابالأمريكي تدعو إلى الاحتفاظ بملفات ترامب وما ارتكبه من مخالفات والتحقيق معه حول قضايا مرتبطة بولايته أساءت إلى أمريكا بالدرجةالأولى وشوهت صورتها أمام العالم تمهيدا للقبض عليه وتقديمه للمحاكمة وهذا ما تحاول الإدارة الحالية القيام به خاصة بعد اقتحام مقرهوالعثور على وثائق خطيرة وسرية كان ترامب يحتفظ بها لنفسه مخالفا القوانين الأمريكية بهذا التصرف.
وخشية من أن يواجه ترامب هذا المصير فإنه يتمسك بقيادة الحزب الجمهوري والتمترس خلف يافطته تمسكا بكرسي الحكم ومصرا على أنيكون هو المرشح القادم لخوض الانتخابات الرئاسية مهما حدث من إشكالات، ولا يستبعد أن يسلك طريق العنف من خلال مليشيات يقال أنترامب قد أعدها جيدا لمثل هذا اليوم الذي أتى وهو يحمل معطيات لم تكن في صالحه وهي مقدمات مخيفة قد تدخل أمريكا في مرحلةخطيرة وصعبة لا أحد يعلم كيف ستتمكن من الخروج منها والتغلب عليها.
أحمد الشريف