في حياتنا الآن هناك الكثير من الأمور التي نبحث لها عن مسمى في وقت باتت المسميات متاحة لكل شيء ولأي شيء وبدون مناسبة ايضا، ولكن لنقف لحظة لنتأمل في وسيطة السلام التي قربت الشعوب ووحدت القلوب لشعبيتها وبساطتها مما جعل من يعيش في عالمها الخاص او يتابع اخبارها فقط يعيش الآن معها ويتتبع اخبارها حتى باتت حديث المجالس.
هي كرة القدم التي لم تعد مجرد لعبة تنافسية تصنف في خانة الرياضة بل أصبحت تتشابك فيها الفنون وتدور في فلكها أحيانا، ذلك أنها تشي بثقافات وأمزجة وعادات، إضافة إلى تكامل عناصر الفرجة فيها، مما يجعلها الفن الأكثر جماهيرية في العالم فكرة القدم من الرياضات الجماعية القائمة على مبدأ التعاون، وأول ما يمكن ملاحظته هنا أن لعبة كرة القدم، والألعاب الرياضية عموما، لم تعد تلك الوسيلة التي كان الناس يمارسونها بصورة فردية، وبدافع من الترفيه، أو مجرد بناء جسم رياضي. وإنما صارت صناعة مثل أي صناعة نراها في المجتمع لها رأسمال ضخم جدا، وكرة القدم لعبة رياضية لا تقتصر على مباراة يخوضها فريقان متنافسان بل تشمل طرفا أساسيا آخر هو جمهور المتفرجين. هذا الجمهور يرتبط بعلاقة نفسية مع فريقه المفضل ومن انعكاساتها أنها تجعله يفرح لانتصاره ويحزن لهزيمته. ولكن طبيعة هذه العلاقة غير مدركة تماما من الأفراد باعتبار أنها في جزء كبير منها تتولد في مجال العقل اللاواعي الذي يهتم بدراسته علم النفس التحليلي وقد انتقلت “الرياضة” من هامش الحياة إلى مركزها ومن ممارستها الفردية إلى الطبيعة المؤسسية. ومن الهواية إلى الاحتراف ومن البساطة في الأداء إلى التعقيد في الإجراءات والتمويل.
ان غاية ما أريد قوله هو أن “الرياضة”، وتحديدًا كرة القدم باعتبارها الأكثر شعبية في دول كثيرة، لم تعد مجرد لعبة وإنما أصبحت صناعة مثل أي صناعة في المجتمع، ومظهرا من مظاهر التنوع الثقافي والحضاري، وأحيانا الصراع أيضا.
ولو عقدنا مقارنة بسيطة بين الحياة وكرة القدم لوجدنا تشابها فكلاهما صراع وفرح وسعادة وترقب ومزيج من المشاعر، فمباراة الكرة ومباراة الحياة كطرفي حبل، ففي البداية يعتقد البعض أننا نحب كرة القدم لأنها تشبه رواية جميلة لا تنتهي أحداثها وقد تصدمنا بعض فصولها وقد نشعر بالملل من فصول أخرى ولكن تظل الإثارة تطل برأسها من معظم فصول الرواية فكل فصل عبارة عن تسعين دقيقة من الجهد والعرق والكفاح وانتصار وهزيمة وانكسار وعزيمة وفرحة يشوبها القلق وفرحة هيستيرية.
ان كل تلك المشاعر قد تجتمع فى مباراة واحدة لكرة القدم، وقصة حياة مصغرة نراها على الشاشة أو فى الملاعب كل مباراة وقصة حياة قد تمس مشاعر أحدنا، وكما قال جوزيه مورينيو إن كرة القدم هي لعبة تدور حول المشاعر والذكاء.
وفي كرة القدم نرى المجتهد والملتزم ونرى المستهتر والبطل والنجم واللاعب المغمور المكافح، قد نرى التحول من الهزيمة إلى الفوز والعكس، لذا أعتقد أننا نحب الكرة لأنها تلامس مشاعرنا وتعطينا خليطا من المشاعر والأحاسيس الإنسانية خلال بثها، والأهم أن الكرة تعطينا يوما ما شيئا نحتاجه في الوقت المناسب.
ولأن العالم أجمع ينتظر كأس العالم لمتابعة منتخب بلاده او لاعبه المفضل او تلك الفعاليات المصاحبة للحدث فبالمقابل يخلد هذا الحدث مشاعر متناقضة فما اشبه المباراة بالحياة عموماً.
أخيراً:
يقول نيلسون مانديلا: للرياضة القدرة على إلهام الناس وتوحيدهم.
ابتسام الحبيل