من يراقب ما يجري في بلادنا العربية المركزية (مصر- سوريا – العراق – ليبيا )والتي إبتليت منذ العام 2012 وحتى اليوم 2022 بهذاالارهاب المسلح ،يستغربون من إستمراره رغم سلسلة التضحيات والعمليات الناجحة للجيوش الوطنية بتلك الدول ،إلا أن المتأمل بعمق سيجدأن ثمة بيئة حاضنة هي السبب الرئيسي في قوة تلك التنظيمات الارهابية ،وهي سر بقاءها حية ومؤثرة طيلة السنوات الماضية ،وتلك البيئة ليست فحسب بعض القوي القبلية والشعبية كما ذهب البعض أوتلك الجغرافيا الصعبة التي لايعلم مسالكها وأسرارها الا هؤلاء الدواعش القتلة ،الامر أبعد من ذلك في تقديرنا وهو الذي يجعلنا ننبه وبقوة الي أن ثمة بيئة حاضنة آخري لتلك التنظيمات الارهابية ولذلك الفكرالداعشي التكفيري ونقصد بها بيئة الفكر السلفي التكفيري بمؤسساته ومساجده ودعاته وقنواته التليفزيونية والتي تلقى جميعا _ويا للغرابة_ دعما وموافقة ورضاء من بعض الشيوخ والسياسين والاداريين ربما جهلا بالخطرأو استخفافا به .
إن ما نود أن نلفت الانظار له أن هذا الفكر الداعشي التكفيري له حوامل ومنصات وبيئة حاضنة ،،إذا لم نقاومها هي ونتصدى لها أولا ؛فإنالارهاب سيظل حاضرا ومنتشرا في تلك البلاد المركزية وفي غيرها من البلاد العربية مترافقا ومستغلا –في ذات الوقت- للازمات الاقتصاديةالمتصاعدة والتي إزدات وضوحا مع الحرب الروسية الاوكرانية 2022 .
وفي المواجهة الجادة لهؤلاء التكفيريين (داخل مصر تحديد )،دائما ما ننصح بأن نبدأ بتجفيف المنابع وحصار الابواب التي نفذوا منها وفيهذا السياق نشير لبعضها على سبيل المثال لاالحصر:
أولا: جاء هذا الفكر التكفيري بدعم من مؤسسات خارجية نفطية منذا السبعينات حيث تدفقت الاموال لبناء آلاف المساجد من خلال تمويلأنصارها الذين جندتهم وربتهم في كنف جامعاتها المعروفة وخاصة ما تسمى بجماعة انصار السنة المحمدية والجمعية الشرعية والكثير منالاخوان والجماعة الاسلامية وغيرها من التنظيمات والافراد وصنعت بعض الرموز من المصريين ممن يعتنقون الفكر السلفي وسلمتهممساجد بنيت بأفخم وأحدث الامكانات في كل المحافظات وخاصة الاسكندرية والقاهرة وزودت تلك المساجد بالمطابع واجهزة الاستنساخوصناعة المواد الاعلاميةالتكفيرية شديدة التأثير وزهيدة الثمن في نفس الوقت.
ثانيا: قامت المؤسسات الخارجية النفطية الراعية لهذا الاختراق بإعادة المئات من اساتذة الجامعات والمدرسين والموظفين الذين سبق لهمالعمل في في تلك البلاد ذات الفكر الديني المتشدد الفكر الى مصر خلال حقبتي السبعينات والثمانينات من القرن الماضي ،كي يقوموابالدور المسنود لهم واغدقت الاموال على العديد من أئمة بعض المساجد وادخلت الكثير من عناصرها الى بعض المراكز الحساسة كالجامعاتوالاوقاف والازهر ومجمع البحوث الاسلامية.
ثم قامت تلك المؤسسات الخارجية بإنشاء المكتبات ودور النشر والتوزيع وشراء معظم الاكشاك التي تنتشر في مدن مصر وقراها وزودتهابالملايين من الكتب ذات الفكر التكفيري المتشدد والنشرات واشرطة الكاسيت ومواقع الانترنت والتى تولى التكفيريون نقلها الى ارجاء مصرومنها سيناء والحدود مع ليبيا ثالثا :أنشئتتلك الدول ومولت قرابة ال35 فضائية تبث الفكر التكفيري وتسهم بشكل فعال في خلق ثقافة معادية لمفهوم الدولة الوطنية وداعمة للفكرالداعشي وكان أكثر الناس تأثرا هم أولئك الذين يعيشون بالقرى والمناطق الفقيرة خاصة في سيناء ،حين إجتمع الفقر مع ثقافة التكفيرورفض الاخر.. مع غياب الدولة والازهر بإسلامه الوسطي المعتدل ،فكانت النتيجة حضور داعش والقاعدة والاخوان ومعهم حضر الارهابالمسلح الذي قاتله الجيش والشرطة والشعب الواعي ولايزال يقاتله.
رابعا:بالاضافة الى إنشاء جمعيات السنة المحمدية بالمال الخارجي قامت بعض الدول الاقليمية التي يسود بها الفكرالتكفيري بالدخول الىمصر عبر إنشاء معاهد لتخريج الدعاة في غفلة من الزمن، فسرقت دور الأزهر القانوني لتخريج الدعاة وأنشئت ما يسمى ب( معاهد إعدادالدعاة )التي تقوم بتدريس الفكر السلفي التكفيري الخالص كل ذلك للأسف تحت الإشراف الأسمى للأزهر والأوقاف وبعد دراسة سنتين أوأربع يكون فيها الشاب قد تشرب هذا الفكر يتم منحه ترخيص للخطابة على المنابر ويقوم بدوره لنشر تلك الثقافة والفكر التكفيري في مصربترخيص من الأزهر والأوقاف(!!). هذة الوسائل وغيرها ساهمت ولاتزال في خلق بيئة تكفيرية حاضنة لاؤلئكالارهابيين في مصر (وخارجها في بلدان الشرق العربي )،وهي بيئة نتصورها أخطر في فعلها من الرصاصة التي يطلقها الارهابي ،وإذالم تتنبه الدولة في مصر وفي باقي بلادنا العربية التي أبتليت بهكذا فكر ،لذلك الخطر الذي تحمله البيئة الحاضنة للارهابيين ؛فإن كلالمحاولات والبطولات التي تتم بها والمقاومة له ،سيكون تأثيرها وقتي وضعيف ،لان الاصل في النبع لا في السقاة أو الشاربين ،و النبع للاسف الشديد لايزال ينتج مآءه السام ،فانتبهوا يا أولي الالباب.
د. رفعت سيد أحمد