كان لكلمة دكتاتور معنى مختلف عما نعرفه اليوم، حيث برزت الدكتاتورية لأول مرة في مجلس الشيوخ الروماني في العام 510 قبل الميلاد، لإدارة البلاد خلال الأزمات الطارئة، كالتمردات مثلاً. خلال عهد الجمهورية الرومانية، حكم روما قنصلان، فارتأى مجلس الشيوخ الروماني أنهم بحاجة إلى شخص واحدٍ يتخذ القرارات في بعض الأوقات. وهكذا، وفي بعض الأحيان، يصبح أحد القنصلين “دكتاتوراً”.
بالتالي، إن الدكتاتورية هي نوع من أنظمة الحكم يستأثر فيه الحزب أو الفرد الحاكم بالسلطة المطلقة، أي أن الحاكم يهيمن ويسيطر على جميع مفاصل الدولة، بينما تُقمع حريات الشعب، فالكلمة أصلاً ذات منشأ يوناني، رافقت المجتمعات البشرية منذ تأسيسها، تدل في معناها السياسي حالياً على سياسة تصبح فيها جميع السلطات بيد شخص واحد يمارسها حسب إرادته، دون اشتراط موافقة الشعب على القرارات التي يتخذها.
وغالباً ما يأتي الدكتاتور إلى السلطة جراء ظروف غير طبيعية تواجه شعبه ودولته، فيشق طريقه ويتمسك بالكرسي. وحتى يظل قائماً علىرأس السلطة؛ لا يجب عليه الاكتفاء بدعم الحلفاء الأقوياء محلياً أم دولياً بل عليه التخلص من معارضيه بأي سبلٍ متاحة، وما من داعٍ لذكرالأنظمة التي يحكمها هكذا نوع من الحكّام فهم كثر، وتشكل الكراسي لهم عقدة التملك حتى ولو تم وأد الشعب.
على الرغم من التنوع الكبير بين أنظمة الدكتاتوريين، لدى هؤلاء الأشخاص بعض الأمور المشتركة، أهمها الدكتاتورية فنادراً ما يصل هؤلاءإلى السلطة عقب انتخابات دستورية حرة ونزيهة، وأغلبهم يتقلد زمام السلطة إثر انقلابات عسكرية أو ثورات أو خلال حالات الطوارئ، والأهم من ذلك، يملك هؤلاء سلطة مطلقة على دولتهم، وبناءً على ذلك، يعتبر المؤرخون الفرنسيَ (نابليون بونابرت) أول دكتاتور حديث. كان(نابليون) جنرالاً أثناء الثورة الفرنسية، وتلك فترة تميزت باضطرابات اجتماعية وسياسية كبرى. بدءاً من عام 1789، تحوّلت فرنسا من ملكيةإلى جمهورية، ثم مجدداً إلى إمبراطورية.
يرسخ هؤلاء الدكتاتوريون “عقيدة الشخصية”، وهي نوع من عبادة “البطل” الذي تغذي البروباغندا صورته في عقول المواطنين، فتجعله وسائل الإعلام التي تخضع لسلطة الدكتاتورية أساساً قائد الأمة الخالي من العيوب، وفي بعض الحالات، تجعله إلهاً أو مفوضاً من الإله،ومثلما جاء دكتاتوريو روما و(نابليون بونابرت) إلى السلطة سابقاً عقب انقلاب، أتى معظم دكتاتوريي العصر الحديث إثر حالة طوارئ أومن خلال انقلاب سياسي. لكن في المقابل، وصل بعض الدكتاتوريين بشكل قانوني إلى السلطة. أكبر مثالٍ عن هؤلاء هو الزعيم النازيأدولف هتلر.
عبدالعزيز بن بدر القطان/ مستشار قانوني – الكويت.