إن تطلعات العرب قديماً للاستقلال عن الاستعمار كانت ترنو إلى اعتبار العرب أمة واحدة لهم الحق بتشكيل كيانهم المستقل وإقامة دولتهم الموحدة، لكن مشروعهم لم يتحقق نتيجة تآمر بعض العرب مع الغرب بالإجهاز على الدولة العثمانية، مصدقين وعود الغرب، سنعرج على هذاالأمر بالإضافة إلى دور ونشاط الجامعة العربية في هذا الصدد.
لقد صدّق العرب بأن الغرب سيساعدهم على إقامة دولتهم الموحدة، وكان المتنورين منهم يرون مبرراً للتصديق على ضوء ما اطلعوا عليه من وثائق إعلان حقوق الإنسان الأمريكية والفرنسية وتصريحات أقطاب الساسة الغربيين آنذاك، ولكن لم تكد الأقطار العربية تتخلص منالاستعمار حتى تتعلق بكيان أشد ضراوة منه فلقد فوجئ العالم بهجمة إمبريالية تجسدت بإنشاء كيان عنصري استيطاني في قلب الوطن العربي (فلسطين المحتلة) حيث أقام حاجزاً بين المشرق والمغرب العربيين، سارقاً خيرات الوطن العربي وأجهض كل محاولات تطويره أوتحقيق وحدته.
خلق هذا التمزيق المتعمد للوطن العربي حالة من عدم الاستقرار ولم تستطع معه الأمة العربية إعادة تشكيل مجتمعها في ضوء وحدة قومية تستجمع واقعها من عناصر الوحدة أكثر مما تستجمعه أية أمة توحدت في الشرق أو الغرب في العصر الحديث، فلقد خلق هذا التمزيق المتعمد حالة من عدم الاستقرار لم تستطع معه الأمة العربية إعادة تشكيل مجتمعها في ضوء وحدة قومية، وبقيت تتأرجح حتى يومنا هذا، فهل حققت الجامعة العربية شيئاً في هذا الخصوص؟
لقد دل الواقع العلمي والتجارب العديدة التي عاناها العرب على أن تحرر الإنسان شكلاً من الاستعمار المباشر وعلى أن الفعل العربي كان محكوماً بآثار التجزئة القاتلة ونتائجها المستمرة بصورة مقنعة أو ظاهرة مما جعل حقوق العرب في الحياة والحرية والأرض والمصير والتطور عرضة للانتهاك والقمع والمراوغة، ونتيجة للإلهاء إن جاز التعبير أنشئت الجامعة العربية كمنظمة إقليمية كرست محنة الإنسان العربي، هذه الحقوق بقيت واجهة في بعض الدساتير التي وضعت عقب الاستقلال حيث بقيت مجرد واجهة جميلة ولم يعرف المجتمع العربي من خلالها أو بدونها النمو الديمقراطي الذي عرفته مجتمعات الغربية.
وهكذا ورغم إنشاء الجامعة العربية كمنظمة إقليمية، تتفرد المنطقة العربية بوضع عجيب وخطير يشعر به المواطن ولا حول له ولا قوة لأنه ممنوع من التحرك بحرية ومن ممارسة أي نشاط له بحسب قناعاته الأمر الذي لم يحقق له أي تطور إلا في أمور محددة ليس هو من قررهاأو أخذ رأيه بها.
عبدالعزيز بن بدر القطان/ مستشار قانوني – الكويت.