إن إحدى أكبر المعضلات في الجدل بين أتباع الليبرالية وأتباع الواقعية، هي الميل لأن يكون هناك إما استقطاب حاد في المواقف أو أنيعمل الواقعيون الجدد والليبراليون الجدد ضمن منحى فكري مشترك.
السبب في أن ذلك يشكل معضلة هو أنه يبدو واضحاً تماماً أن فهماً شاملاً للسياسات الدولية يتطلب بصائر من الليبرالية والواقعية، كما أنالاستقطاب في العلاقات الدولية بين معسكري الواقعيين والليبراليين هو نتاج عاملين مترابطين، على الأقل، الأول، في أي محاولة لبناء نظريةلها قوة تفسيرية مهمة، نزعة للمبالغة أو التوكيد الشديد على الأفكار التي تدعم النظرية المفضلة، بالتالي، من المؤكد أن الواقعيين والليبراليينعلى حدٍ سواء، يدركون أن لنظرية الطرف الآخر مزايا إيجابية.
ومن أجل تطوير فرضية قابلة للاختبار أو توضح الحجج الأخلاقية الأساسية، تضيع هذه المسلمات في السعي لأن يكون الجدل واضحاًودقيقاً أو الرغبة في كسب الجدل، أما الأمر الثاني، لو قُدم تطور العلاقات الدولية بوصفه سلسلة من المجادلات بين المدارس المختلفة لأصبحاستقطاب المواقف مغروساً بعمق في البنية الفكرية للحقل المعرفي، فهناك الكثير مما يمكن كسبه من الانخراط المبدئي بأشكال الجدل بينالليبرالية وبين الواقعية.
في حين أن مقاربة المجتمع الدولي في نظرية العلاقات الدولية والتي غالباً ما يشار إليها بالمدرسة الانكليزية أو المدرسة الغرواشية، فهيموجودة خارج جدالات علم الاجتماع الأساسي الذي يهمين على الدراسات الدولية في الولايات المتحدة الأمريكية إذ يتميز تاريخهابمحاولاتها تجنب الاستقطاب الموجود في أشكال الجدل بين أتباع الليبرالية وأتباع الواقعية، وبالتزامها بدراسة منهج المدرسة الانكليزية،بالتالي يبحث هذا المنهج عن توازن بين القوة والقانون الدولي، وبين سياسات القوى الكبرى وانتشار القيم العالمية.
وتكمن قوة المنهج برفض الانشغال بالمنهجية الوضعية إلى العلاقات الدولية، إنما مقاربة تعددية منهجية لدراسة العلاقات الدولية اعتماداً علىدراسة التاريخ والفلسفة والقانون، إذ يرى البعض أن هذا المنهج المفتوح في دراسة العلاقات الدولية هو مقتله لأنه لا يؤسس نموذج بحثمستقيم يمكن اختباره في العالم بطريقة علمية.
عبدالعزيز بن بدر مستشار قانوني – الكويت.