السّلام على روحك الطاهرة و النقية يا أبتي العزيز أكتب هذه الكلمات و أنا بين فرحٍ و حزنٍ على ما قدمتهُ لنا من أفعال وأقوال صادقة مغمورة بحبك و إخلاصك العميق اتجاه شعبك الوفي لك دائمًا أحببناك منذ نعومة أظافرنا ثمّ فتحنا أعيننا على عهدك ووعدك الذي قطعتهُ على أجدادنا و آبائنا منذ أن وصلت إلى سلطنة عُمان فقد كان فجرٌ جديد على عُمان وأهلها، نهضةٌ نقلتها من الظلمات إلى النور.
أصبحت سلطنة عُمان دولة ذات شأن وقوةٌ بعد ما كانت في جهلٍ وظلمةٍ تخللتها حروبٌ أهلية وزعزعة أمنية والفرقة بين الشعب والعصبية والقبلية فقد كان القوي يأكل الضعيف، والشعب واجه الكثير من التحديات، و الصعوبات، ولكنهُ أثبتت نفسهِ و تحمل تلك المشاق الصعبة، وقد كان على يقين بأنّ يومًا ما سيأتيهم ذلك البطل المُغوار الذي سوف ينقذهم، ويكافح، ويخوض معهم تلك التحديات في ظل الظروف العصيبة التي عاشتها السلطنة قبل النهضة المباركة عام ١٩٧٠م.
فقد صدق احساس شعبك، كُنت ومازلت باسلٌ مخلصٌ وفيٌّ أحبّ شعبهِ كحُبِ الأب لأبنائه يسعى في رعايتهم وخدمتهم والاستماع لمطالبهم، وتحقيق رغباتهم وأهدافهم و تأمين حاضرهم و مستقبلهم على أكمل وجه دون الحاجة إلى الغير معتمدين على نفسهم بكل ثقة، وشجاعة تاركين بصمتهم في رفعة هذا الوطن العزيز، و تقدمهِ نحو الازدهار، والتميز، والابداع، والاختلاف عن بقية شعوب الأوطان الأخرى، وهؤلاء الأبناء لم يخيبوا ظنّ والدهم فعاشوا، و تعايشوا معهُ كتف بكتف، و خطوة بخطوة معاً حققوا نهضة مباركةً جعلت من السلطنة تحتل مرتبها من جديد وهي في كامل قوتها وشموخها، أن عُمان استعادت قوتها كسابق عهدها منذ القدم أي أنها أصبحت أيضًا مرجعية سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية لكثير من دول العالم، ومن ضمن الدول العربية الأكثر أمنًا وأمانًا وشعبهِ في رخاءً وسعادة، وهذا الفضل يعودإلى الله سبحانه وتعالى وثم إلى ذلك الأب العظيم الذي أفنى حياته في خدمة هذا الوطن العزيز وشعبهِ الأوفياء.
والحزن الذي ذكرتهُ في البداية هو المرض الذي أصابك، ربما لا أستطِع أن اصف أو أترجم جميع مشاعرك و احساسيك التي أحسست وعشت بها أثناء مرضك، ولكن يا أبتي كُل ما أعرفهُ هو أنّ الأبناء يشعرون بألم آباءهم و يحزنوا من أجلهم ويخافوا أن يفقدوا خط مرجعيتهم في هذهِ الحياة، وأنا على يقين تام أنك عشت العديد من السنين مع هذا المرض؛ وأنتَ تتألم وتعب وتحزن وتبكي من الوجع، وتمر عليك ليالٍ مظلمة من شدة الألم، ولكن بالرغم من ذلك كُنت قويًا من أجل أبناءك واجهته بكل رضى وإيمانًا تام بالله عز وجل و أنك لخير مثال يُقدى به في الصّبر و العزم و دائمًا كُنت تردد ” نحنُ نؤمن بأنّ (الموت) الحياة والموت هي بيد الله سبحانه وتعالى، الذي يتوفاه الله ذلك أمر الله، ونسأل الله سبحانه وتعالى لنا جميعًا العفو والعافية “
رحم الله أبتي العزيز باني النهضة و طيب الله ثراه و تغمده الله بالرحمة والمغفرة و أسال الله العلي العظيم أن يجعله من الأبرار بصحبة الحبيب المصطفى محمد (صلى الله عليه وسلم) فقد كان ملاذًا طيبًا على عُمان و شعبها والنبض الذي لن ننساه طالما حيينا فهو القّبس الجميل الذي سخرهُ الله لخدمة هذا الشعب أتى وكلهُ نورٌ وإشراقٌ وأملٌ أدخله على شعبهِ الأوفياء منذ الوهلة الأولى من وصوله إلى أراضي السلطنة، ستظل في ذاكرتنا دومًا، وسوف نخبر ونقص على أبناءنا وأحفادنا قصةُ رجلًا أفنى حياته من أجل شعبًا أحبهم كحُب الأب لأبنائه.
غفران بنت صالح الهدابية