هناك مقولة تقال إعلاميا (إذا أردت العالمية فعليك بالمحلية) في دلالة إلى أن المادة الإعلامية المحلية ، في ولاية أو في قرية من القرى في المحافطات ، يمكن أن تغدو حديث الساعة في العالم ، وتتناقلها وسائل الإعلام العالمية ، فقط إذا أُحسن إختيار تلك المادة وتعميمها إعلاميا وبذكاء ، تركيزا على مفاصل التأثير في العجلة الإعلامية في كوكبنا .
فاليوم هناك الكثير والمثير والمبهر مما يستحق نقله من القرى والولايات العُمانية ، فما بالك بالمحافظات من مواد إعلامية تعكس الإرث الحضاري والقيمي للإنسان العُماني على مر العصور ، وهناك العديد من المبهر والجذاب والذي لايخطر على بال من المقومات الطبيعية والمعالم واللقى الحضارية والآثارية التي من الممكن أن تغلف بأوراق أعلامية ذات ألوان جذابة ومتداخلة وباشكال ورموز تسر الناظرين قادرة على أن تسهم في رفد التناول الإعلامي محليا وإقليميا ودوليا ، تلك حقائق يجب أن نلتفت إليها وأن ننظر إليها بعيون جادة ومؤداها بأن لدينا فعلا وحقا وصدقا ما يمكن أن نقدمه للعالم عن بلادنا الحبيبة .
كل الذي نحتاج إليه أن نتخذ الخطوة الأولى الشجاعة للأمام وأن نعلن للملأ بأن لدينا كنوزا من القصص والأحاجي والعجائب والغرائب تراكمت في خزائن دولة موغلة في القدم ، فلدينا ما يستحق أن يروى ويقال عن القيم والأخلاق والموروثات العُمانية السمحة شكلا ، والجميلة أسما ومضمونا ومحتوى ، كلها وجميعها وبسم الله الرحمن الرحيم تستحق أن نميط اللثام عنها لتبهر العالم كله من أقصاه إلى أدناه .
على ذلك ولكل ذلك ، يتطلب الإلتفات والإلتفاف إلى وحول تلك النقاط ذات البريق القادر على خطف الأبصار وبما يُسهم في عكس مكنونات هذا الوطن العريق والغريق في بحار كنوزه التي لاتقدر بثمن .
ولعل تنظيم وزارة الإعلام لحلقة عمل عن إعلام المحافطات يأتي في هذا الإطار لفتح آفاقا أوسع أمام الإعلاميين بمختلف وسائل الإعلام العامة والخاصة والمكتوبة والإذاعية والتلفزيونية لمراجعة أطروحاتهم إزاء نقل ما تحتفظ به الولايات والمحافظات من درر ولألي وبنحو أوسع وأشمل وأعمق ومن كافة الجوانب مع عمق في التناول الإعلامي وبأساليب مبتكرة وجديدة كليا تضمن إبراز مواضع الشوق والتشويق وبنحو ساطع كالشمس مثلا ، تلك هي الأوعية الإعلامية التي نحتاجها في المرحلة القادمة إذ يشترط فيها وعليها أرغام القارئ والمطلع والمتابع والمشاهد والمستمع أن يجد نفسه مرغما لا مخيرا على مواصلة الأبحار في أنهار الشهد التي لانهاية لها .
ففي الوقت الذي بذل فيه المراسلين في الولايات والمحافطات جهودا مشكورة في نقل وعكس تطورات مسيرة عجلة التنمية مع الإتكاء على الموروثات وغيرها طوال الأعوام الماضية وبقدر أسهمت معه في إبراز هذه المحافطات وتقديمها للعالم بنحو جميل على الأقل ، إلا أن المعالجة في الفترة القادمة تحتاج أن تكون أعمق وأشمل وأدق من بعد إنتقاء القصص الصوتية والمرئية المؤثرة على سمع وبصر المتلقي ليس في سلطنة عُمان وحسب وإنما في العالم بأسره من خلال الإختيار الجيد والتناول المبتكر والمعالجة المتكاملة لكل القصص على إختلاف موضوعاتها وجوانبها .
وفي المقابل نحتاج لتعزيز إعلام المحافظات وتأصيل دور المراسلين على وجه الخصوص في وسائل إعلامنا وتمكينهم بكل الطرق بإعتبارهم المصادر التي نعول عليها وذلك لن يتأتي إلا من بعد تعزيز ورفد الجوانب المادية والحياتية ، عندها سنجد أن رسائلهم الصحفية والإعلامية قد وفت وأوفت بكل المتطلبات الجديدة وبحيث يتساوى الأجر مع ضخامة الجهد بغير أختلال ، تلك هي المعادلة المسكوت عنها ردحا من الزمن وقد آن وقت البوح عنها ، فالإعلام صناعة يجب الإهتمام بها ، ومن شان ذلك أن يحفز المراسلين على تجويد الآداء ومن ثم الوقوع في (حب) المهنة ، وإن تطور الأمر لـ (عشق) فلا بأس تأكيدا .
بالطبع المتابعات الإخبارية جزء لا يتجزأ من أعلام المحافطات والولايات ولكن يجب أيضا الإرتقاء بالموضوع كما وكيفا أكثر من الشخوص ، ومن ثم الغوص في ما وراء الحدث والخبر ذلك سيفضي لتحقيق الإبهار الذي نسعى إليه كمدخل لتدعيم الأثر موضع الموضوع بعدها سيرتقي سلم العالمية بكل ثقة وإقتدار .
نأمل أن نأخذ بما تمت مناقشته في الحلقة الإعلامية الخاصة بإعلام المحافطات في النهوض بالرسالة الإعلامية ، وأن نسعى للتطوير والتجويد والتحسين وصولا للأهداف المحددة والتي أشرنا إليها كغاية لابد من ملامستها ثم معانقتها في نهاية المطاف .
علي بن راشد المطاعني