في كل عيد نقوم بشوي اللحم في حفرة تسمى ( التنور ) وتذكرت جدي رحمة الله عليه عندما سألته عن التنور وفيما يستخدم، حينها كنت صغيرًا وأسمع كبار السن يتبادلون الحديث عن التنور وتجهيزاته، وخصوصًا أيام الأعياد، فقال لي التنور يا ( ولدي ) هو عبارة عن حفرة تُحفر في الأرض لإعداد اللحم، ويتم فيه غالبًا شوي اللحم في الأعياد والمناسبات، ويتم إنشاء التنور عن طريق الحفر بأدوات تقليدية مثل : الشيول والهيب والمسحاة، وبعمق يُحدد من قِبل الأهالي في كل منطقة، وبعد ما تجهز الحفرة يتم غمرها بالحجارة وتثبت بالصاروج ( الطين ) أو الاسمنت حتى تتماسك، وواصل ( جدي ) حديثه قائلًا: ويوقد التنور غالبًا بحطب السمر أو جذوع النخيل أو الأمبا أوالغاف في بعض الولايات لمدة ٤ ساعات تقريبًا أو على حسب نوعية الحطب ضعفه وصلابته، وفي هذه الأثناء يُبزر اللحم ويوضع في الخصف بطريقة مرتبة مع ورق الموز أو الشوع، وينادي أحد الأشخاص ( التنور جاهز ) ويجتمعوا الناس حولين ( التنور ) ثم يلقي كل شخص الخصف الخاص به في التنور ويحكم بغطاء قوي لضمان جودة الشواء .. ويواصل ( الجد ) كلامه الشيق ويقول: وبعد يوم أو يومين، يكشف التنور ويستخرج منه الخصف وعليكم بالعافية .. شكرًا ( جدي ) على هذه المعلومات المفيدة والقيمة عن ( تنور الشواء ).
تقدمنا في العمر وبدينا نلازم التنور في أعيادنا ومناسباتنا الجميلة محافظين على هذه الممارسات الاجتماعية في الاحتفال بالعيد، ومحاولين الاقتداء بابائنا وأجدادنا، وكبرت المجتمعات وزادت حفر التنور لتكون خاصة لكل مجموعة من الحوائر والأسر .. وكثيرًا ما يرد ذكر التنور في الأقوال العمانية المأثورة كقولهم : ( خاف من الثور ولو رأسه في التنور ) و ( شي في التنور وشي في الجنور) وغيرها من الأقوال .. ما أجمل وأروع أسم التنور عندما يتردد على مسامعنا، فهو يعتبر نموذجًا واقعيًا للعادات والتقاليد العمانية، ويعتبر كذلك من الأشياء الضرورية والخاصة والاساسية التي يتوارثها المجتمع العماني لشواء اللحم في الأعياد والمناسبات.
بقلم: خليفة البلوشي
