يتفاخر الدبلوماسيون من مختلف المدارس الدبلوماسيَّة الأجنبيَّة الغربيَّة حَوْلَ طبيعة بروتوكول وإتيكيت حضور المؤتمرات الخارجيَّة والمحليَّة، سواء على المستوى الشَّخصي أو على مستوى الوفود الرسميَّة وكبار الوظائف والمناصب، وكيف يتبارون في وضع المراسم والخطوات النموذجيَّة التي تبدي بأعلى مراحل الإتقان، سواء على مستوى التحضير للمؤتمر من حيث المكان والزمان ونوعيَّة الحضور والمادَّة المطروحة وطبيعة ونوع المأكولات والمشروبات الساخنة والعصائر، وأنواع وطبيعة قناني الماء والأكواب وديكور الطاولات، ونوع وأحجام الطاولات وعدد الكراسي على كُلِّ طاولة، بالإضافة إلى نوعيَّة الكراسي بالصَّف الأوَّل لراعي المؤتمر وحضور كبار الشخصيَّات حسب نظام الأسبقيَّة والذي يبدأ من استقبالهم بالتوقيتات المتَّفق عليها قَبل حضور راعي المؤتمر بعشر إلى خمس دقائق، وكذلك أنواع الزهور التي قَدْ توضع على الطاولات والمناديل وبقيَّة مفردات الطاولة التي يجِبُ أن تكُونَ ما بَيْنَ خمس إلى ثماني مفردات لكُلِّ شخص، لذلك تذهب المدارس الدبلوماسيَّة المتخصِّصة في مجال المؤتمرات إلى الاهتمام بمكان المؤتمر وطبيعة الديكور الداخلي وألوانه من حيث السجَّاد والستائر والكراسي والطاولات والإضاءة والتبريد أو التدفئة والأجهزة الإلكترونيَّة من شاشة عرض إلى (واي فاي) ومكبرات صوت (ميكروفونات) وأجهزة الترجمة الفوريَّة.
تُقسَّم المؤتمرات إلى نوعَيْنِ؛ المؤتمرات الخارجيَّة والتي لها بروتوكول وإتيكيت خاصٌّ بها، والمؤتمرات المحليَّة أو الداخليَّة وأيضًا لها أسلوبها ونظامها الخاصُّ بها، بالإضافة إلى أنَّهما يُقسَّمان إلى المؤتمرات النَّهاريَّة والليليَّة. وتشترك المؤتمرات النَّهاريَّة والليليَّة ببعض المفاهيم في البروتوكول والإتيكيت ومِنها: الحضور الزَّمني المناسب قَبل 15 إلى 20 دقيقة، إتيكيت واختيار نوع الملابس وألوانها، استخدام الهاتف، الحديث ومستوى نبرة الصوت، الانتباه إلى المتحدِّث بالمؤتمر، التحضير لموادِّ المؤتمر. وقَبل الخوض بهذا الموضوع اسمحوا لي أن أعرِّجَ على تعريف البروتوكول والإتيكيت بصورة مختصرة. يُعرَّف البروتوكول بأنَّه مجموعة من القواعد أو التَّوجيهات التي تصدر من جهة عُليا وصولًا لتحقيق هدف مُعيَّن في أغلب الأحيان شفهيَّة أو مكتوبة، مستندًا إلى الاتفاقيَّات بَيْنَ الطرفَيْنِ، والتقيُّد بها لأنَّها مبنيَّة على أُسُسٍ علميَّة وعمليَّة…، بَيْنَما يُعرَّف الإتيكيت بأنَّه فنُّ الذَّوق واللباقة والمظهر والسُّلوك الفردي بالمُجتمع والتعامل بهذه العناصر مع الآخرين. تُعدُّ مفاهيم البروتوكول والإتيكيت من أهمِّ عناصر الحياة المَدنيَّة في عصرنا الحديث. وتتبارى المدارس الدبلوماسيَّة ـ على اختلاف تصنيفها ـ بوضع اللمسات الجميلة والهادئة والمميَّزة في فنِّ الإتيكيت، سواء للرجُل أو المرأة بحضور المؤتمرات الخارجيَّة أو الداخليَّة (خ. د)، وتوجد مدارس متخصِّصة حَوْلَ أدقِّ التفاصيل من ألوان الملابس، لغة الجسد، إدارة الحديث، المستوى الأكاديمي. نتطرق أوَّلًا إلى المؤتمرات الداخليَّة أو المحليَّة النَّهاريَّة (وليس الليليَّة لأنَّ كُلَّ فعاليَّة لها بروتوكول وإتيكيت خاصٌّ بها). المؤتمرات النَّهاريَّة التي تقام، سواء عند الجهة الراعية أو في الفنادق (الدرجة الأولى) على الحضور الالتزام بما يلي: الشَّخص المدعوُّ لحضور المؤتمر لا يُمثِّل نفْسَه أو ذاته، وإنَّما يُمثِّل الجهة التي ينتمي إليها، خصوصًا إذا كان مؤتمرًا دوليًّا يعقد في بلده. فالمدعوُّ للمؤتمر يُمثِّل بلده ووزارته، وعليه أن يكُونَ بأعلى مُقوِّمات وسِمات كاريزما الشَّخص الراقية، لدَيْه (البزنس كارت) الشَّخصي والذي سوف يتعارف ويتبادل الكارت (البطاقة) الشَّخصي مع بقيَّة الضيوف، فلا يُستحسن حضور مؤتمر دولي ولا يحمل أيَّ: (بزنس كارت) أو الكارت (البطاقة) الشَّخصي، والذي فيه مواصفات معيَّنة بعيدًا عن كثرة الألوان والشعارات وحجم الخطِّ ونوعه، يبتعد كثيرًا عن ارتداء ألوان المصر الملوَّنة كـ(الأحمر والأخضر والأزرق والأصفر.. وغيرها) وإنَّما يُحبَّذ لبس مصر ذي خامة بيج أو بيضاء مع اختيار حُرٍّ لنَوْع ولَوْنِ النقشة، الدشداشة لا يُحبَّذ أبدًا أن تكُونَ أو تحتوي على تطريز ملوَّن، الاعتناء بالوجْه واللحية، عدم وضع عطور زيتيَّة قويَّة أو نفَّاثة، عدم لبس النعال الملوَّن (كالأخضر أو الأحمر)، هذا بالنسبة إلى الرجل. أمَّا إلى أخواتنا النساء فيُفضَّل أن تكُونَ الحقيبة النسائيَّة صغيرة، عدم لبس الذهب أو المجوهرات أو الإكسسوارات بصورة مبالغة، عدم وضع المكياج بصورة لافتة للنظر، وإنَّما يكُونُ بمنتهى الهدوء والبساطة استنادًا إلى لَوْنِ البَشَرة وشكل الوجْه ونوع الملابس، لا يُفضَّل أبدًا لبس العباءة السوداء بالمؤتمرات الدوليَّة المحليَّة، وإنَّما يُفضَّل ارتداء الألوان النَّهاريَّة الفاتحة التناسقيَّة مع طول المرأة وعمرها ومكانتها، كما تطرَّقت في مقالات سابقة، عدم لبس الحذاء بالكعب العالي؛ لأنَّه قَدْ يتسبب في موقف محرج، عدم استخدام الهاتف ووضعه على الصامت، عدم وضع الأرجل الواحدة فوق الأخرى.. وهناك نقاط وتعليمات أخرى نتطرَّق إليها بالمقال القادم إن شاء الله.
د. سعدون بن حسين الحمداني – دبلوماسي سابق والرئيس التنفيذي للأكاديمية الدولية للدبلوماسية والإتيكيت